من نجم رياضي إلى المطلوب الأول.. ماذا جرى بين عمران خان والجيش؟

وصل رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان، إلى المرحلة الأخيرة من فصول الاضطرابات السياسية المستمرة في البلاد، بعد إعلان اعتقاله من قبل قوات شبه عسكرية الأسبوع الماضي.

فقد واجه نجم الكريكيت السابق تهم فساد متعددة، ضمن قرار اعتقال مثير ومفاجئ.

فكيف بدأت أزمة خان؟.. وكيف جاء قرار الاعتقال؟

من النجم الرياضي الأول في البلاد، إلى مطلوب للقضاء الباكستاني، هكذا أضحى رئيس الوزراء السابق عمران خان.

ورغم الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها، إلا أنها لم تكن شفيعة له أمام قرار الشرطة التي وصلت للقبض عليه.

فقد بدأ خان أولى الخطوات الفعلية في السياسة في إبريل/نيسان 1996، عندما أسس حزباً باسم “حركة الإنصاف والعدالة” (تحريك إنصاف)، وكان شعاره العدالة والإنسانية، وخاض الانتخابات العامة بعد عام من إطلاق حزبه ليهزم مع كل مرشحي حزبه، ولم يحصل على أي مقعد في البرلمان، غير أنه واصل المسيرة.

ثم دعم خان الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال المتقاعد برويز مشرف عام 1999، ولكنه عارضه بعد فترة، بحجة أنه لم يفعل شيئاً لمكافحة الفساد.

وفي انتخابات 2002، دخل خان إلى البرلمان الباكستاني رسمياً بفوز حزبه بمقعد واحد كان من نصيبه، وكان أحد أبرز المعارضين للرئيس العسكري الراحل برويز مشرف والمنتقدين لسياسات باكستان الموالية للولايات المتحدة الأميركية، لذلك وُضع تحت الإقامة الجبرية إلى أن استقال من البرلمان عام 2007 مع عدد من المعارضين لبرويز مشرف بحجة أن سياساته تخالف الدستور الباكستاني.

أما في انتخابات عام 2013، فأصبح حزبه من أبرز الأحزاب السياسية الباكستانية، وكان متهماً بأن الجيش والاستخبارات يدعمانه بعد رحيل مشرف، وحصل الحزب في تلك الانتخابات على 30 مقعداً برلمانياً وأصبح ثاني أكبر حزب في البرلمان بعد حزب الرابطة الإسلامية الحاكم، الذي حصل على الأغلبية المطلقة.

وطيلة فترة حكومة نواز شريف السابقة انشغل خان بتنظيم المسيرات والاحتجاجات والاعتصامات وكان يدعو لإسقاط الحكومة ويدعو الجيش والمؤسسة العسكرية لفعل ذلك.

أما بالنظر إلى علاقته بالجيش والقضاء، فإن خان اكتسب عداوة هؤلاء بعدما همش الأحزاب.

وكان خان من المقربين للمؤسسة العسكرية، ونتيجة ذلك وصل إلى الحكم في انتخابات عام 2018، وحينها اتهمت الأحزاب الرئيسية المؤسسة العسكرية بأنها دعمت عمران خان، الأمر الذي رفضه حينها كل من خان والمؤسسة العسكرية.


وبعيداً عن تلك الاتهامات، وصل خان إلى سدة الحكم وأصبح رئيساً للوزراء، لكن تدريجياً تدهورت العلاقة بينه وبين المؤسسة العسكرية لأسباب كثيرة، أهمها: محاولة خان تحديد ميزانية الجيش، تباينات بين رؤيته ورؤية المؤسسة العسكرية حيال بعض المواضيع الدولية، منها موضوع أفغانستان، بالإضافة لأسباب أخرى ساهمت في تدهور العلاقة بين الطرفين ما أدى إلى الإطاحة بحكومة خان عن طريق سحب الثقة منها في البرلمان في إبريل/نيسان من العام الماضي، وعلى أثر ذلك وصل “التحالف من أجل الديمقراطية” إلى الحكم وأصبح شهباز شريف رئيساً للوزراء.

إلى ذلك، لم يهدأ غضب خان حيال الحكومة والمؤسسة العسكرية وأكد جهاراً أن المؤسسة العسكرية هي التي أطاحت بحكومته وبدأ يحرك الشعب ويطالب بانتخابات مبكرة، الأمر الذي لن يكون في صالح الحكومة بسبب تردي الوضع المعيشي والاقتصادي، وهو ما قد يرجح كفة خان مقابل الأحزاب المتحالفة في الحكومة.

رفض كامل

يذكر أن الحكومة الباكستانية كانت فشلت في اعتقال رئيس الوزراء السابق عمران خان بعدما تجمع المئات من أنصار خان حول منزله في مدينة لاهور، مانعين قوات الشرطة والقوات الخاصة من اعتقاله تطبيقاً لقرار قضائي باعتقاله ومثوله أمام المحكمة في 18 مارس/آذار الجاري.

ويؤكد فشل الحكومة ومن ورائها المؤسسة العسكرية أن خان لا يزال يحظى بدعم شعبي واسع في باكستان.

في حين رفض السياسي المخضرم الاتهامات، ووصفها بأنها “متحيزة و سياسية”.

ورأى خان قرار الاعتقال على أنه خطوة لإبعاده عن الساحة قبل الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول القادم، قائلاً: “إنهم مرعوبون من أنني إذا توليت السلطة، فسأحاسبهم، في إشارة منه إلى الحكومة.

أزمة اقتصادية حادة

يشار إلى أنه وخضم الصراع السياسي المستمر، تواجه باكستان أزمة اقتصادية حادة.


وتحاول الحكومة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لإعادة تشغيل برنامج قرض بقيمة 6.5 مليار دولار قد توقف منذ نوفمبر/تشرين الثاني، في محاولة لإبقاء الاقتصاد قائماً.

وقدم الصندوق مجموعة من الشروط مقابل الإفراج عن قسط قرض قيمته 1.1 مليار دولار، ويشمل تحرير سعر صرف الروبية ورفع الضرائب.

وكان خان ينشط أيضاً في الأعمال الاجتماعية والإنسانية والعلمية، ومن أعماله المشهورة تأسيس مستشفى السرطان في عام 1994 باسم أمه “شوكت خانم” ويعد من أكبر المستشفيات في آسيا، وفي إبريل/نيسان من العام نفسه أسس كلية “نامال التقنية” في منطقة ميانوالي، وهي أعمال اجتماعية يقول خصومه إنها كانت تهدف لتوسعة نفوذه وتهيئة الطريق أمام دخوله عالم السياسة، غير أن تلك الأعمال وجدت قبولاً واسعاً في أوساط الشعب الباكستاني.

وسقط خلال يومي الثلاثاء والأربعاء عشرات الجرحى من رجال الأمن وأنصار خان خلال مواجهات وقعت بين الطرفين أثناء محاولة قوات الأمن الوصول إلى منزل خان.

شاهد أيضاً