فن ديزل: عنادي قادني للنجومية

محمد رُضا

يُقال إن الممثل فن ديزل كان في السابعة من العمر عندما دخل وصديق له صالة سينما بهدف تشويه جدرانها برسومات جرافيتي. يُقال أيضاً إن امرأة أوقفتهما قبل أن يكملا مهمتهما وعرضت عليهما العودة إلى المدرسة ومنحت كل منهما 20 دولاراً من باب التشجيع. سواء أكانت هذه الحكاية صحيحة أم لا، وسواء كانت هناك تلك المرأة التي داوت فعل الهروب من المدرسة بالتخلي عن 40 دولاراً على أمل أن يشجع ذلك الولدين على العلم فإن علاقة هذا الممثل بالسينما بدأت مبكرة.
وُلد ديزل في الثامن عشر من يوليو/ تموز سنة 1967 في بلدة تقع في ولاية كاليفورنيا. بعد تلك الحادثة المنسوبة إليه ببضع سنوات نجده انتقل إلى نيويورك ليدخل مدرسة للتمثيل. ساعده في ذلك أن والده كانت لديه هواية مماثلة عبّر عنها بإنشاء جمعية مسرحية صغيرة قدّمت أعمالها على ما يسمى ب Off Broadway (أي تلك المسارح الصغيرة التي تقع خارج نطاق شارع برودواي الشهير).
بعد ذلك انتقل ديزل إلى لوس أنجلوس ليجرب حظه في التمثيل. لكنه دار كثيراً على وكالات التشغيل ولبّى عدداً من الإعلانات التي قرأها ولم يسعفه الحظ مطلقاً. هنا قرر العودة إلى نيويورك حيث أنجز فيلماً قصيراً بميزانية 3000 دولار فقط قبل أن يقرر تجربة حظه من جديد في هوليوود.
كان ديزل في الحادية والثلاثين عندما ظهر على الشاشة فعلياً للمرّة الأولى عندما اختاره ستيفن سبيلبرج ليلعب إحدى شخصيات فيلمه «إنقاذ المجند رايان». ترك ديزل بصمة إيجابية من خلال دوره ساعدته في تبوؤ أول بطولة له بعد عامين في فيلم «أسود داكن» للمخرج الأسترالي ديفيد توهي. بعد ذلك وجد الطريق معبداً أمامه وسار عليه بنجاح مطرد إلى اليوم تجسده سلسلة «سريع وغاضب» التي أنجز منها ثمانية أفلام والتاسع مطروح للبدء بتصويره بعد عام.

فوجئ هواة السلسلة بأن الجزء التاسع لن يتوفر قبل عامين، لماذا هذا التأخير؟

– أخبر قراءك بأن السبب وراء ذلك لمصلحتهم.

كيف؟

– بعد الجزء الثامن في العام الماضي قبل عامين عاينت سيناريوهات كثيرة بعضها أفضل من بعضها الآخر لكن ليس من بينها ما جعلني أقفز من مكاني وأصيح: هذا هو الفيلم الذي أريده، لذلك رفضت معظمها وطلبت من الكتّاب تقديم شيء مختلف ضمن قواعد السلسلة، وما زالوا يقومون به إلى الآن. أعتقد أن السيناريو سيكون جاهزاً بعد شهرين على الأكثر.
ما الذي يمكن أن تضيفه إلى السلسلة لم توفره الأفلام السابقة؟
– إذا كنت شاهدت «قدر الغضب» سنة 2017 تدرك أننا طمحنا إلى ما لم تقدمه الأجزاء السابقة. مزجنا الدراما بمزيد من المغامرات وابتكرنا مشاهد خطرة لم تقع في أفلامنا أو حتى في

أي فيلم أكشن آخر. هل شاهدت الفيلم؟

نعم.

– إذاً تعرف ما أتحدث عنه.

لكن كيف يمكن تجاوز كل ذلك؟

– هذا هو الفعل الصعب، لذلك لن نستعجل الظهور مجدداً.

هل يعود دواين جونسون إلى السلسلة بعد الخلاف الذي قام بينكما؟

– نعم. الخلاف كان عابراً وهدأ بعد ذلك. المسألة هي أنني اتهمت بأنني كنت بعيداً عن العمل المشترك وأردت الاستفراد بمشاهدي. لكن هذه هي القصة التي سردناها في الفيلم. هذه هي طبيعته. كل الممثلين الآخرين في هذا الفيلم كان لهم ظهور محدود معي لأن الحبكة دارت في جانب آخر. هذا ما جعل معظم الممثلين الآخرين يظهرون معاً أكثر من ظهورهم معي. لذلك لا أعتقد أن هناك أي خلاف بيني وبينه. ربما لم نلتق كفاية ولم نتجالس ونلهو معاً هذه المرّة، لكن هذه هي شروط العمل،و أنا من المعجبين بدواين ومن المتحمسين له. وجوده في السلسلة منذ عدة سنوات ليس للديكور وليس لمجرد أنه ممثل ناجح بل لأنني كأحد منتجي السلسلة معجب به.

هل تتدخل في كتابة السيناريو؟

– أنا أحد المنتجين ولي الحق في ذلك. لكني لا أتدخل مطلقاً وقت الكتابة. نعقد اجتماعاً بعد الانتهاء من قراءة السيناريو وأدلي بملاحظاتي وأناقش كل ما يستوجب المناقشة، ثم تعاد الكتابة من جديد.

هل استفادت السلسلة من وجود اثنين متعادلين من ممثلي شخصيات القوّة، أنت ودواين؟

– أشكرك على هذا السؤال وأقول كثيراً. إنني استفدت . عندما اقترحت دواين للانضمام إلى مجموعة ممثلي هذه السلسلة كنت أعرف كيف ستستفيد هذه السلسلة من ذلك. كنت ولا أزال من المعجبين بدواين وسيبقى مثل أخ لي. بالنسبة للقوّة البدنية التي تتحدّث عنها، كنا في الأجزاء السابقة نعمل معاً وأعتقد أن الإفادة كانت أكبر من أن توصف علماً أن شخصية كل منا كانت مختلفة في تلك الأفلام. لكن وكما ذكرت أخذت القصّة هنا منعطفاً جديداً ما جعل الأمر يبدو كما لو أننا مختلفين.
هل هناك مشاكل في كتابة سيناريوهات هذه السلسلة و مع كل هذا العدد من الممثلين وشخصياتهم؟ هناك دواين جاسون ستاثام وتايريز جيبسون وتشارليز ثيرون وميشيل رودريجيز وسواهم…
– لا أعتقد. هل لاحظت أنت أن هناك مشاكل في توزيع هذه الأدوار أو في الشخصيات كما كتبت؟ حاولنا واستطعنا، في رأيي، منح كل شخصية تفاعلها مع الحكاية التي نسردها وهذا لم يتم بسبب هذا الفيلم فقط، بل تم تأسيس معظم الشخصيات في الأجزاء السابقة. وبالمناسبة لا أعتقد أن ثيرون تعود. لأنها كانت ضيفة في الفيلم السابق وانتهى دورها.
قبل فيلمك مع ستيفن سبيلبرج عانيت من متاعب البداية. هل

فكرت يوماً في أنك قد لا تستطيع أن تصبح ممثلاً ناهيك عن كونك الآن نجماً؟

– ربما راودتني مثل هذه الفكرة لكني لو استمعت إليها لما أصبحت اليوم ما أنا عليه. في الثمانينات كنت أحد الألوف من الناس الذين يودون دخول العمل السينمائي ومعظم هؤلاء أخفق وهذا يحدث في كل يوم. ما جعلني أتشبث برغبتي هو عنادي الشديد. والدتي كانت مدرسة علم نفس وساعدتني كثيراً في مهمّة الاستعداد لمواجهة الصعوبات. أخبرتني أن الأصعب من الوصول هو عدم الوصول.

كيف كانت ردة فعلك عندما تم اختيارك لجانب توم هانكس وتوم سايزمور وجيوفاني ريبسي ومات دامون وكلهم كانوا بدأوا قبلك في المهنة وحققوا نجاحات كبيرة؟

– ليس هناك وصف موجز لما شعرت به. لا أعرف كيف أجيب عن سؤالك بكلمات مختصرة. نعم كنت سعيداً للغاية. أدركت أن مشواري الفعلي يبدأ من هذا الفيلم وبدأ بالفعل.

كيف فزت بالدور الذي أسند إليك؟

– الحكاية غريبة بعض الشيء بالنسبة إليّ. تشبه الفانتازيا. كنت أخرجت فيلماً قصيراً بعنوان «ضالون» وأرسلته إلى أكثر من استوديو لعل أحدها يكتشفني كممثل لأن الغاية منه كانت بالفعل أن يراني المنتجون وأصحاب القرار وأنا أمثل. شاهد الفيلم ستيفن وفوجئت به يختارني لدور في هذا الفيلم. حين التقينا أول مرّة صارحني بأن السيناريو لم يكن يتضمن دوراً لي.
أعود إلى الجزء الثامن من «سريع وغاضب». كيف وجدت تشارليز ثيرون كممثلة؟
– كانت إحدى أمنياتي أن أجد فرصة التمثيل معها وتحققت هذه الفرصة التي ما زلت سعيداً بها على الرغم من أننا كنا نتناقش بحدة بين تصوير مشهد وآخر.
ألن نرى لك فيلماً جديداً قبل سنة أو أكثر من الآن؟
– هذا غير صحيح. انتهيت من تمثيل «بلود شوت» الذي يقترب من الفانتازيا مع مغامرات تمزج الحي بالرسوم.

مقتبس عن مجلات «الكوميكس»؟

– نعم.

أفلام القوة

حول نظرته إلى ممثلي جيل السبعينات والثمانينات من ذوي اللياقة البدنية، يقول فان ديزل :الفوارق في رأيي تتعلق بشخصية كل ممثل. لا أعتقد أنني أو دواين أو جاسون صورة من أي من الممثلين السابقين، أرنولد أو سلفستر أو تشاك نوريس. ولا هم سابقون لنا في هذه الناحية لأن كلاً منهم وكل واحد منا مختلف تماماً. والأفلام بدورها كثيرة الاختلاف. لكن أكثر من ذلك هو أنه في تلك الفترة كان هناك الكثير من الفرص أمام ممثلي أدوار القوّة. مرت مرحلة كانت كل سنة فيها توفر ممثلين من هذا النوع على الأقل. الآن، ولظروف مختلفة، ليس هناك الكثير من ممثلي أدوار القوّة.
وعن ضلوعه في تمثيل أدوار القوّة والأكشن. ومدى رغبته في تنويع الأدوار يقول ديزل :أنا ابن مدرس دراما. والدي كان يدرس التمثيل في معهد بروكلين في نيويورك. ترعرعت في هذا الجو. وكنت أستمع إلى الممثلين الطموحين آنذاك وهم يتناقشون في أساليب الأداء والشخصيات وكيف يمكن تمثيلها. كان الحديث منعشاً بالنسبة لي. وعندما مثلت «اعتبرني مذنباً» كنت بالفعل أتطلع لتمثيل شخصية أخرى غير التي وجدتها متاحة لي في أفلام سلسلة X وسلسلة «ريديك» أو سلسلة «السريع والغاضب». للأسف لم يحظ الفيلم، تماماً كما ذكرت، بالإقبال. لكني استمتعت به وبحقيقة أنني تعاملت مع مخرج جوائز موهوب جداً. ربما ما تقوله صحيحاً. ربما كان عليّ ألا استعجل العودة إلى أفلام الأكشن، لكن هذه كانت حاضرة ومتعددة آنذاك ولم يكن لدي وقت للتجريب. يعتمد كل ذلك على السيناريو الذي قد يصلني يوماً وأجد نفسي فيه.

شاهد أيضاً