روزمند بايك: قناعاتي تحكم اختيار الأدوار

هوليوود: محمد رُضا

تعمل الممثلة البريطانية روزمند بايك (39 سنة) على جانبي المحيط ولو أن غالبية أفلامها المشهورة ليست أوروبية، بل أمريكية ومن بينها في الأعوام القريبة «رجل ذو القلب الحديدي» و«يونايتد كينجدوم» و«عداوات» و«7 أيام في عنتيبي» و«بيروت».
والرابط المشترك بين معظم هذه الأفلام هو قوة الشخصيات التي تقوم بتمثيلها، سواء في بيئة من الجاسوسية ومخاطر الحروب المحلية مثل «بيروت» أو في نطاق أفلام الأحداث التاريخية مثل دورها في «7 أيام في عنتيبي» أو في مرحلة الغرب الأمريكي البعيدة كما حالها في «عداوات».
وهي ليست غريبة على تمثيل الشخصيات الصعبة، ذلك لأن دورها في «فتاة مختفية» دور الزوجة التي أدعت اختفاءها لكي تؤذي زوجها يبقى ماثلاً في هذا الاتجاه.

لعبت أدواراً عديدة من هذا النوع خصوصاً بعد فيلم «فتاة مختفية» قبل أربع سنوات وما زلت تقومين بذلك، إذا ما نظرنا إلى فيلمين من أفلامك الجديدة «7 أيام في عنتيبي» و«معادون». هل تستهويك هذه الأدوار إلى درجة البحث عنها؟

– لا أبحث عنها بالمعني الذي تقصده ربما. أعني أنني أبني قبولي بتمثيل الدور على قناعاتي بأهمية الدور، لأنه جيد أو عدم أهميته لأنه عادي. أبحث عن الأدوار المناسبة أولاً قبل أن أحدد ماهية الدور. ربما تستهويني شخصية أديبة مثل جين أوستن التي لم يعرف عنها قوّة الشخصية بل الريادة وسط متاعبها الخاصة. وربما تستهويني شخصية بريجيت كولمن في «7 أيام في عنتيبي» أو لا تستهويني إذا كان السيناريو غير طموح.

لكن هل كان فيلم «فتاة مختفية» (Gone Girl) هو فيلمك الأول في هذا الإطار فعلاً؟

– إلى حد كبير نعم. أقصد أنني كنت مثلت العديد من الأفلام قبله لكني لم أقرأ سيناريو شبيهاً به. استوقفني لأنه مكتوب جيداً، ولأن المخرج ديفيد فينشر معروف بجودة أفلامه، ولأنني وجدت أنني أستطيع تأدية الدور بالقوة المناسبة.

لكنه فيلم متشابك العلاقات

– لهذا هو فيلم جيد جداً. المسألة هي أن هذه العلاقات المتشابكة التي تذكرها تأتي من صميم الفيلم وليست إضافات حوارية. تأتي في اعتقادي من أنهما غير متساويين. هناك ود ولكن ليس هناك حب وفي لحظة تتأكد أنها لن تحب زوجها (بن أفلك) فتبدأ بانتقاده وهو يجد نفسه مظلوماً لكننا لسنا متأكدين من أنه مظلوم.

حضورك في فيلم «7 أيام في عنتيبي» يطغى على حضور باقي المشاركين في الفيلم حتى على الشخصية التي مثلها دانيال برول. هل توافقين؟

– لا أدري إذا كان هذا يُحسب لشخصيتي أم لأن السيناريو وضعني أمام اختيارات وتحديات في هذا الفيلم. دانيال ممثل جيد وأعتقد أن له حضوراً موازياً في الحجم والأهمية لحضوري أنا. لكن لو قلت لي أن الدور هو لامرأة شجاعة سأوافقك.

كيف تقيّمين ما قامت به؟

– الفيلم هو تاريخي بقدر ما هو أيضاً سياسي. وأعتقد أنه فيلم جيد لحادثة ما زالت موضع نقاش. أنا ضد أي عملية إرهابية لكن هل يعني ذلك أنني ضد من قاموا بها، لأنهم آمنوا بالقضية التي من أجلها قاموا بخطف الطائرة وركابها؟ صعب عليّ أن أقول ذلك.

من مشاهداتي في فيلم «بيروت» أنها مدينة خطرة، كيف حضرت لهذا الدور؟ هل قرأت شيئاً عن الحرب الأهلية اللبنانية مثلاً؟

– نعم. قرأت كتاب روبرت فيسك «أسف على أمة: لبنان في الحرب». وشعرت بالأسف لهذا البلد الذي أعي تماماً كم كان جميلاً ونقطة أمن وسلام سابقاً. وتابعت بعض التطوّرات والأحداث الأخيرة فيه. أستطيع أن أقول إنني جئت حاضرة إلى التصوير بمعلوماتي ودراستي وآرائي.

هل بنيت شخصيتك على شخصية محددة؟

– شخصية ساندي شخصية خيالية تماماً لكنها آتية أيضاً من دراستي لما كان عليه دور المرأة التي تعمل في المخابرات الأمريكية في السبعينات. لو لم أقرأ ذلك وأفهم جوانب خفية في عالم معقد كثيراً لما استطعت أن أقدم الشخصية على نحو صحيح في اعتقادي .

كيف كان دور المرأة التي تعمل مع المخابرات الأمريكية في السبعينات؟

– كانت الفترة صعبة بالنسبة لها في ذلك الحين. وفي الثمانينات لم يكن للمرأة حظ في اختراق مراكز إدارية عالية. على ما أذكر كان هناك أربع عشرة أو خمس عشرة مرتبة والمرأة التي تصل إلى المرتبة العاشرة كانت تعتبر محظوظة.
يسير الفيلم على عكس المتوقع. أقصد أن من يعتقد أن قصّة حب ستقوم بينها وبين بطل الفيلم (جون هام) يصاب بخيبة أمل.
– صحيح، لكن هذا لم يكن فقط بسبب أن المخرج براد أندرسن تحاشى السير في الدرب التقليدي ذاته الذي تسير فيه أفلام كثيرة، بل لأنه لم ير أن الوقوع في الحب في فيلم مبني على التشويق سيفيد الفيلم.

هل كان لديك رأي آخر؟

– على العكس. كان رأيي أن موظفة المخابرات الأمريكية بسبب الثقل الكبير الذي يقع عليها من قِبل الإدارة تتحاشى بطبيعة الحال ممارسة شعور ما. تبقى محصنة ضد مشاعر مثل الحب أو الإعجاب. لا تسمح لنفسها بالثقة المطلقة بأحد، لأنها تخشى من أن يتسبب ذلك في فشلها في تحقيق ما تريد تحقيقه. هذا كان جديداً عليّ أيضاً وليس فقط على مسار الفيلم. أراحني كثيراً لأني كنت مقتنعة بأنه لن يكون ضرورياً ولن يكون صادقاً.
سرقنا الوقت ولم نتحدث عن «عداوات». هو أيضاً عن شخصية قوية. ليس في بداية الفيلم بلا خلال أحداثه.
– أحب هذا الدور كثيراً لأن حواراتي قليلة. هو فيلم حول الرجل وليس عن المرأة لكنه لا يغفلها تماماً.
يبقى دورها محدوداً كحضور.
– صحيح. كنت أعرف ذلك طبعاً من خلال السيناريو ولم أمانع لأن هذه المرأة انتقلت من الضعف إلى القوّة ومن الكره إلى الحب. هناك تطوّر مهم في شخصيتها لا يفوت المشاهد. في البداية هي امرأة خسرت أسرتها في غزوة من الهنود الحمر وعندما ضمها كرستيان بايل إلى قافلته التي تضم هنودا حمر خافت ثم كرهت، لكنها اكتشفت أنه لا يوجد شعب من أي عرق أو جنس يمكن أن يكون إلا مختلفاً.

مشاعر أم

عن دورها في «فتاة مختفية» تقول: دائماً أضع نفسي في مثل هذه الأدوار. إنها أدوار صعبة التنفيذ كما أعتقد. في ذلك الفيلم كان عليّ أن أقرأ مذكرات بعض النساء اللواتي فقدن أولادهن في حادثة عنيفة كالتي في الفيلم. هذا كوّن عندي فكرة عن كم الأسى والشعور باليأس الذي لابد أن تشعر به كل أم في مثل هذه الحالة.

القوّة والشجاعة

تفضل روزمند بايك أدوار المرأة المصممة على تحقيق غايتها رغم كل المصاعب، وعن ذلك تقول: اتكل على انجذابي نحو النساء القويات في حياتنا العامّة وفي التاريخ. لا يمكن إلا الاعتقاد أن جان دارك كانت امرأة قوية. تاتشر كانت شخصية قوية. وكذلك الأم تيريزا. القوّة والشجاعة هما ما يجذباني إلى المرأة أكثر من أي شيء آخر.

شاهد أيضاً