التوطين أولوية

ابن الديرة

الحديث عن ملف التوطين ذو شجون، وأسباب المشكلة لا يقل عددها عن الحلول التي يمكن أن تسهم في حلحلة معضلة إيجاد وظيفة في قطاع حكومي وصل إلى حد التشبع الوظيفي، وآخر «خاص» لم ينجح حتى الآن في أن تجد وظائفه طريقاً إلى ميول المواطنين العملية.
أخيراً فاجأتنا وزارة الموارد البشرية والتوطين بإحصائية كشفت عن توفير القطاع الخاص مليون فرصة عمل سنوياً، ما دفع بكثير من المواطنين الباحثين عن عمل إلى التفاؤل، وبدء صياغة أحلام جديدة، من على مقعد وظيفي، وعدتهم به تلك الإحصاءات، التي ما لبثت أن بددت أحلامهم وعادت بهم إلى أرض الواقع، بعد أن كشفت عن ماهية تلك الوظائف، التي صبّت جميعها في خانة العمالة.
لطالما كان علاج أي مشكلة يستوجب أولاً البحث عن الذي يقف وراءها، ليصار بعد ذلك إلى وضع حلول تسهم في حلحلتها إلى حين وأدها تماماً، ومن الواضح أن الواقفين خلف مشكلة التوطين كثر، كل منهم يتحمل شيئاً من المسؤولية.
فوزارة الموارد البشرية والتوطين، مطالبة بتحديد نسبة سنوية للتوطين في القطاع الخاص في وظائف تتماشى مع رغبات الباحثين عن عمل ومؤهلاتهم، مراقبة تفعيل هذه النسبة. وعليها، كذلك، توفير بيئة تتماهى مع العمل الحكومي، لإقناع المواطنين بالإسهام في مسيرة التنمية، عبر العمل في قطاع يعدّ لاعباً رئيسياً في الناتج المحلي.
وتؤدي وزارة التربية والتعليم دوراً مهماً في هذا المجال، فهي مطالبة بتحسين منظومتها الجامعية، وتوفير برامج أكاديمية تماشي متطلبات سوق العمل، ناهيك بغياب الإرشاد الأكاديمي، حيث كثيراً ما وجد الطلبة أنفسهم هائمين على وجوههم في رحلة البحث عن تخصص جامعي يضمن لهم وظيفة مستقبلية في سوق وصل إلى حد التشبع، وهو ما أدركته الوزارة أخيراً، لتستنفر طاقاتها لحثّ الطلبة على دراسة ما يؤتي أكله مستقبلاً.
وبين وزارتي التوطين والتربية، نجد الباحث عن عمل يغذي المشكلة، ببحثه عن وظيفة تجمع بين الراحة المادية والعملية، وإلا فالبطالة؛ متناسياً أن التدرج سنّة وظيفية، وأن ما درسه من تخصص تلبية لرغبة أهله لن يكون موجوداً على الخارطة الوظيفية مستقبلاً، خصوصاً مع التوجه العالمي نحو الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مختلف مناحي الحياة، ما يستدعي من الجامعات إعادة النظر في برامجها الأكاديمية، التي لا مفرّ لها غير مواكبة متطلبات السوق.
الوظائف المتوافرة كثيرة، إلا أنها لا تجد من يطرق بابها، فبنظرة بسيطة يمكن أن نلاحظ مدى حاجة القطاعين التعليمي والصحي إلى الكوادر المواطنة، ناهيك بوظائف أخرى تحتاج إلى إعادة جذب المواطنين إليها.

ebnaldeera@gmail.com

Original Article

شاهد أيضاً