المشروبات الغازية سبب الإصابة بالأمراض الخطيرة

يقبل الكبار والصغار على تناول المشروبات الغازية بشكل كبير في جميع أنحاء دول العالم، لدرجة أنها أصبحت من الثوابت لدى البعض أثناء تناول الوجبات الغذائية، وتعد من مشروبات التحية والضيافة في كثير من المجتمعات، واحترفت شركات الإنتاج تصنيع أنواع كثيرة بأشكال وأحجام متنوعة لتناسب جميع الأذواق والأعمار، وفي محاولة لتجاوز بعض الأضرار المعلنة.
قامت هذه الشركات بإنتاج أنواع بدون سكر وهي ما يطلق عليها الدايت أو زيرو سكر، من أجل الحفاظ على المكاسب الضخمة التي تجنيها مصانع المشروبات الغازية، والتي تصل إلى مليارات الدولارات من جميع أنحاء العالم، ولا تهتم بما يمكن أن تسببه هذه المشروبات على صحة الأجيال والأطفال، وكلما صدرت تحذيرات من هذه المشروبات، سارع القائمون على ترويج هذه المنتجات إلى استخدام الإعلانات والدعاية، لمعالجة هذه التخوفات ببعض الأبحاث المضادة مدفوعة الأجر، والتي تركز على جزء من المشكلة وليس حجم الضرر الكلي الذي تؤدي إليه هذه المشروبات، ومن ضمن سلبيات تناول هذه المنتجات زيادة فرص الإصابة بمرض البدانة والسكري، والعديد من المشاكل الصحية الأخرى الخطيرة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية وكذلك تقود إلى مشكلة هشاشة العظام بشكل شبه مؤكد، وتساعد في تكوين الكثير من حصوات الكلى، بالإضافة إلى أن بعض العلماء يرجحون وجود دور لها في تحفيز الإصابة ببعض أمراض السرطان، وفي هذا الموضوع سوف نطرح أضرار تناول المشروبات الغازية على الصحة، والأبحاث الجديدة التي خرجت تدعم هذا الاتجاه، وأيضاً طرح الآراء والدراسات التي تدافع عن هذه المشروبات، ونترك للمستهلك حرية الاختيار بعد عرض كافة الحقائق.

البدانة السريعة

علت أصوات تحذر من الإفراط في تناول المشروبات الغازية لعدة سنوات، وكانت حجتهم أن هذه المشروبات لها تأثير قوي في الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وكذلك البدانة، ولكن رجال الأعمال القائمين على هذه الصناعة كانوا يدافعون بقوة ويرفضون هذه الاتهامات بزعم أن الصودا آمنة بشكل كبير، ويمكن تناول كميات ضخمه منها دون ضرر، ولا تؤدي إلى الإصابة بمرض السكري، وبدأوا في صناعة بعض أنواع الدايت لتجاوز مخاوف بعض الأشخاص، كما أن الكثير من المستفيدين من هذه الصناعة وقفوا ضد هذه التحذيرات، ومنهم المنتجون والعاملون في مجال بدائل السكر، بخاصة القائمون على صناعة شراب الذرة عالي الفركتوز، وروجوا أنه منتج طبيعي وليس له تأثير سلبي على الصحة، لأن هذا الشراب يعتبر من المحليات الرئيسية في غالبية هذه الصناعة، ولكن يوجد أيضاً عدد من المحليات الصناعية الأخرى التي تستخدم في هذه الصناعة، ولكن المحذرين من هذه المشروبات بينوا أن مرض السكري يرتبط بشكل أكيد بتناول واستقلاب السكريات في الجسم، وبالتالي فإن نوعية الغذاء المستهلك في هذه الحالة هو المتهم الرئيسي، ومن المعروف أن المشروبات الغازية تحتوي على كمية ضخمة من السكريات عالية التركيز وبطريقة ليست موجودة في الطبيعة، وهو ما يحدث خللاً كبيراً في جسم الشخص المستهلك، وعلى المدى المتوسط والطويل تزحف هذه الأمراض بدرجات متفاوته من السرعة حسب الاستهلاك، إلى أن يصبح هذا الشخص مصاباً ببعض هذه الأمراض.

فقدان الألياف والمعادن

أكد الباحثون أن شراب الذرة عالي الفركتوز غير طبيعي كما يدعي القائمون على صناعته، فهو ليس ثمرة مباشرة ولا ينمو على الأشجار، ولكن تدخلت فيه الأيادي البشرية ليخرج في هذه الصورة، كما أن السكريات الطبيعية تحتوي على ألياف غذائية غير قابلة للذوبان وهذا ما يميزها بشكل أساسي عن السكريات الصناعية، وهذه الألياف تعمل على إبطاء عملية الهضم بصورة جيدة، وبالتالي انخفاض معدل السكر في الدم وتقليل الضرر بدرجة عالية، ومن المعروف علمياً أن السكريات الطبيعية ترتبط بعدد من المعادن المفيدة، وبعض هذه المعادن له دور كبير في منع الإصابة بأمراض السكري ومشاكل القلب والأوعية، ويكشف الباحثون أن شراب الذرة عالي الفركتوز من المحليات الخالية إلى حد كبير من كل هذه المعادن الضرورية، بالإضافة إلى أنه لا يحتوي على الألياف والعناصر الغذائية النباتية، والتي لها دور جيد في وقاية الجسم من الأمراض والتي توجد في النباتات الطبيعية، وبعد هذه الملاحظات والنتائج العلمية، أشار الباحثون إلى أن شراب الذرة عالي الفركتوز لا يمكن أن نطلق عليه صفة الآمان الكامل، بل يمكن أن نضعه في أصناف السم الغذائي الذي يجلب العديد من المتاعب والأمراض الصحية، عن طريق تأثيره السلبي المتسبب في تشويه عملية التغذية والتي تعد طريقاً سريعاً للإصابة بالعديد من الأمراض.

هشاشة العظام والحصوات

يؤدي تناول المشروبات الغازية عموماً إلى خسارة كثافة العظم، والذي يمثل أحد الآثار الجانبية لهذه لمشروبات، وذلك نتيجة تأثير الحموضة العالية للمزيج السائل من سكر الذرة عالي الفركتوز مع حمض الفوسفوريك، وهما يستعملان في صناعة هذه المشروبات الغازية، وأثبتت دراسة سابقة أن الأشخاص الذين يتناولون المشروبات الغازية بشكل منتظم غالباً ما يفقدون جزءاً كبيراً من المعادن الموجودة داخل العظام، مما يؤدي بعد فترة إلى الإصابة بمرض هشاشة العظام وهم في عمر صغير، كما تسبب هذه المشروبات إصابة بعض الأشخاص بمشكلة حصوات الكلى، والناتجة عن تراكم هذه المعادن المسحوبة من العظام والتي تصل إلى الكليتين، مما يعمل على تراكم الترسبات المعدنية مسببة هذه الحصوات، ويمكن أن يصاب الأشخاص المستهلكون لهذه لمشروبات الغازية مدة طويلة من الزمن بسرطان البنكرياس، نتيجة الضغط الهائل الذي يحدث على البنكرياس الناجم عن استهلاك السكر السائل، وبعد هذه الآثار الوخيمة والأضرار والأمراض التي يسببها تناول هذه المشروبات الغازية، لا بد من وقفه حاسمة ضد هذه المشروبات التي تدمر صحة الأطفال والأجيال الناشئة، والتي تفسر لنا أسباب الانتشار الهائل لمرض السكري وكذلك أمراض القلب، وكل هذه الأضرار مثبته بالكثير من الدراسات والأبحاث، وهناك اتجاه ظهر في الغرب يحذر بقوة من هذه المشروبات ويضعون سياسة جديدة من أجل إحداث تغيير في نمط الاستهلاك لدى المواطن الغربي، لتقليل الإصابة بأضرار هذه المشروبات وفرض الضرائب الباهظة والقيود على صناعتها.

تراجع وظائف الكلى

يسبب استهلاك المشروبات الغازية التي يطلق عليها الدايت حدوث قصور في وظائف الكلى، هذا ما أثبتته نتائج دراسة أمريكية حديثة واسعة أجريت على 4 آلاف سيدة واستمرت لمدة 12 عاماً، من أجل التعرف إلى تأثير المشروبات المحلاة صناعياً على الجسم، وبينت نتائج هذه الدراسة أن السيدات اللاتي تناولن عبوتين فيما فوق من المشروبات الغازية، تعرضن لارتفاع خطر الإصابة بانخفاض وظائف الكلى بمقدار ضعفين مقارنة بالطبيعي، مع أخذ العوامل الأخرى كلها في الحسبان أثناء إجراء البحث، وتوصلت هذه الدراسة إلى معرفة تأثير المشروبات الغازية المعروفة بالدايت، والتي تؤدي إلى حدوث تراجع تدريجي في وظائف الكلى، وأن استهلاك عبوتين يسبب انخفاضاً سريعاً في وظائف الكلى، نتيجة التأثير السلبي الذي يسببه بعض المحليات الصناعية مثل الاسبارتام الذي كان محل تركيز هذه الدراسة.
وأكدت الدور السلبي لمشروبات الصودا دايت على الكلى، ولكنها لم تحسم بأن هذا الضرر يرجع لهذا المحلى الصناعي فقط، لأن هذه المشروبات تحتوي على كمية كبيرة من الصوديوم، والذي كان مشاركاً في التأثير السلبي على تراجع وظائف الكلى أيضاً لدى المستهلكين، نتيجة أن هذه المشروبات تحتوي على معدلات ضخمة للغاية من الصوديوم أكبر من المحلي الصناعي، ولم تتوصل هذه الدراسة إلى تحديد العامل الأكبر تأثيراً على تدني وظائف الكلى نتيجة تناول المشروبات الغازية الدايت، وتحتاج هذه الدراسة إلى مزيد من الأبحاث لمعرفة من الذي يلعب الدور الأكبر في هذه المشكلة، هل هو الصوديوم بكمياته المفرطة أم المحلي الصناعي الاسبارتام؟ ولكن الثابت من نتائج الدراسة أن هذه المشروبات الدايت تضر الكلى بشكل ملحوظ.

السكري والقلب

كشفت دراسة أمريكية جديدة، استمرت سنوات طويلة، أن تناول المشروبات الغازية أدى إلى إصابة الكثير من المواطنين الأمريكيين بالعديد من الأمراض، ومنها مرض السكري من النمط الثاني، ومرض القلب، وعرضت جميعة القلب الأمريكية نتائج هذا البحث قي مؤتمرها السنوي، وتضمنت النتائج أن استهلاك المشروبات الغازية طوال العقد السابق تسبب في إصابة حوالي 135 ألف شخص جديد بداء السكري من النوع الثاني، وحوالي ما يقرب من 14.3 ألف حالة جديدة من مرضى القلب والأوعية الدموية، وأكثر من 51 ألف شخص أصيب بأمراض القلب على مدى سنوات حياتهم في العقد السابق، واقترحت الدراسة أن انتهاج أي سياسات وأساليب جديدة يمكن أن تقلل من استهلاك هذه المشروبات المضرة، سوف يكون له مردود إيجابي وفوائد صحية عالية وتدعيم قوي لحدوث تغير في نمط الحياة الذي اعتمد لسنوات طويله على تناول هذه المشروبات، رغم دفاع جمعية المشروبات في أمريكا عن هذه المنتجات بحجة أن أمراض السكري والقلب معقدة ولها الكثير من المسببات ولا تقف على المشروبات وحدها، إلا أن الدرسة أكدت ارتباط هذه الأمراض ارتباطاً وثيقاً باستهلاك المشروبات الغازية، وعلاقتها بالخلل الذي تحدثه بعملية الهضم والامتصاص.

شاهد أيضاً