جح مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، جزء من مجموعة M42، بإجراء أول عملية في دولة الإمارات لزراعة مزدوجة لكليتين باستخدام الروبوت من متبرع متوفى، بما يتوّج إنجازاً لافتاً على مستوى المنطقة في قطاع الرعاية الصحية. وتضمنت الجراحة زراعة اثنتين من الكلى من متبرع واحد متوفى على مريض إماراتي يبلغ من العمر 78 عاماً بعد معاناته مع مرض الكلى في مراحله الأخيرة، بما أجبره على الخضوع لإجراءات غسيل الكلى طيلة ثلاث سنوات قبل الجراحة.
وعلى النقيض من إجراءات زراعة الكلى التقليدية التي تنطوي عملياً على زراعة كلية واحدة، كانت الزراعة المزدوجة لكليتين أمراً ضرورياً في هذه الحالة، نظراً لعدم قدرة إحدى الكليتين المتبرع بهما لوحدها عن توفير الوظائف الكافية لتلبية الاحتياجات الأيضية للمريض. وعبر زراعة الكليتين، تمكن الأطباء من تحسين الوظائف الكلوية للمريض، التي شكلت عاملاً حيوياً في تعافيه الكامل ليتمتع بالصحة على المدى الطويل. وتعتبر الزراعة المزدوجة لكليتين إجراءً ضرورياً في الحالات التي تكون فيها الكلى المتبرع بها أصغر حجماً أو تكون كلية واحدة غير قادرة على تلبية الوظائف المطلوبة، وهو ما يحدث أحياناً عند أخذ الكلى من متبرع متوفى.
وعبر الدكتور جورجس-باسكال هبر، الرئيس التنفيذي لمستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي عن فخره بفريق الرعاية في المستشفى نظير نجاحه في تحقيق هذا الإنجاز مرسخاً مكانة كليفلاند كلينك أبوظبي الرائدة في الابتكارات الطبية، وأضاف: “يسلط نجاح الزراعة المزدوجة لكليتين باستخدام الروبوت الضوء على التزامنا بتقديم الرعاية عالمية المستوى والارتقاء بحدود التميز الطبي. ولا تعتبر هذه العملية إنجازاً لافتاً للمستشفى فحسب، بل للمنطقة بأسرها. ونحن فخورون بمنح مرضانا سبل الوصول اليسيرة لأكثر التقنيات الجراحية تطوراً، والتي ستحسن دون أدنى شك من جودة حياتهم”.
وجاء استخدام الروبوت في تنفيذ هذا الإجراء المعقد ليرسي معياراً جديداً في جراحات زراعة الأعضاء، مقدماً للمرضى خياراً أقل تدخلاً، يقلص من الفترة اللازمة لتعافيهم، ويحسن من مخرجاتهم العلاجية على المدى الطويل. وبعد معاناة المريض من مضاعفات عديدة ناجمة عن غسيل الكلى، بات اليوم يُظهر مؤشرات إيجابية على التعافي بعد الجراحة.
وتولى قيادة هذا الإجراء الجراحي الدكتور بشير سنكري رئيس معهد أمراض المسالك البولية بمعهد التخصصات الجراحية الدقيقة في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، وشدد على أهمية هذا التطور اللافت بالقول: “بعد العديد من الاكتشافات الثورية في مجال زراعة الكلى، سجلنا إنجازاً آخر بتقديم عملية الزراعة المزدوجة لكليتين باستخدام الروبوت. وتتيح لنا هذه التقنية تحسين الوظائف الكلوية للمريض من خلال زراعة كليتين بشكل متزامن وتعزيز فرصه لعيش حياة معافاة على المدى الطويل وتحسين مخرجاته العلاجية، بدلاً من تركه أمام مخاطر التعرض لخلل في وظائف الأعضاء. ونحرص في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي دائماً على تخطي الحدود المألوفة للابتكارات الطبية، نحو إيجاد أساليب جديدة أكثر كفاءة لتحسين صحة المرضى ونتائجهم العلاجية. ونسخر في سبيل ذلك خبراتنا متعددة التخصصات وتقنيات السباقة، لنتمكن من المضي قدماً في إرساء المعايير الجديدة في تقديم الرعاية والسعي الدؤوب نحو تحسين جودة حياة مرضانا”.
وأضاف الدكتور محمد التمامي الجراح الرئيسي في قسم المسالك البولية بكليفلاند كلينك في الولايات المتحدة: “تمثل تقنية الزراعة المزدوجة لكليتين باستخدام الروبوت تطوراً هاماً في إجراءات زراعة الأعضاء، إذ تزيد من عدد المتبرعين وتقلص من زمن الانتظار في ذات الوقت. وتتمتع هذه التقنية بدقة معززة، وتمكن الجراح من رؤية موضع الإجراء بشكل ثلاثي الأبعاد عالي الدقة، وتمنحه المرونة وتتيح له تنفيذ العملية عبر جرح صغير، بدلاً من الجروح الكبيرة. ويقود ذلك لتحسين المخرجات العلاجية وتقليل الفترة اللازمة للتعافي وتعزيز كفاءة إجراء الزراعة ككل”.
ويقدم استخدام الروبوت في إجراء هذه الجراحات فوائد إضافية تشمل الحصول على صورة ثلاثية الأبعاد عالية الدقة لموضع الجراحة، بما يمنح الفريق الجراحي القدرة على وضع الكليتين في مكانهما بدقة متناهية، فضلاً عن توصيل الأوعية الدموية والمسالك البولية. وتقلص الطبيعة طفيفة التدخل للجراحة من الوقت اللازم لتعافي المريض ومخاطر تعرضه للعدوى والالتهابات، ومضاعفات بعد الجراحة، والتي تعتبر أمراً شائعاً في إجراءات الزراعة التقليدية.
وتم تصنيف المريض كمرشح ذو مخاطر عالية للجراحة التقليدية المفتوحة بسبب معاناته من مرض السكري الثانوي الذي يحدث عادة نتيجة مشكلة صحية أخرى، علاوة على مرضه الكلوي. إلا أن عملية الزراعة المزدوجة للكليتين باستخدام الروبوت قدمت الفرصة لمعالجة فشله الكلوي بأسلوب قلص بشكل كبير من المخاطر المرتبطة بالعمليات الجراحية الأكبر والأكثر تدخلاً. وفي غضون أيام معدودة بعد الجراحة، خرج المريض من المستشفى في وقت أقصر بكثير مما كان عليه الوضع في حال خضوعه للجراحة التقليدية.
وينسجم نجاح مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي بإجراء هذه الجراحة مع التزامه الأوسع باستخدام التقنيات السباقة لتقديم أفضل معايير الرعاية، لاسيما وأن المستشفى يتصدر مشهد إدخال التقنيات الروبوتية في طيف واسع من التخصصات الطبية، على غرار جراحة المسالك البولية وجراحة القلب والأورام، بما يرسخ ريادته في التقنيات الجراحية بأدنى حدود التدخل على مستوى المنطقة.
ونفذ المستشفى أيضاً حتى الآن أكثر من 700 عملية زراعة، منها 310 عمليات لزراعة الكلى منذ إطلاقه لبرنامج زراعة الأعضاء في عام 2017. وباعتباره البرنامج الأول والوحيد لزراعة الأعضاء المتعددة في دولة الإمارات العربية المتحدة، أجرى المستشفى سابقاً أول عملية زراعة كلية بإجراء متزامن على المتبرع والمتلقي في ذات الوقت باستخدام روبوت واحد، وعملية تبرع تبادلية بالكلى، وذلك بين ثلاثة مانحين ومطابقتها مع ثلاثة متلقين آخرين ضمن برنامج أبوظبي للتبرع التبادلي بالكلى.
ومع نجاح الزراعة المزدوجة لكليتين باستخدام الروبوت، يواصل المستشفى تمهيد الطريق للمزيد من إجراءات الزراعة الأخرى، مقدماً أملاً جديداً للمرضى الذين يعانون من فشل الأعضاء ويحتاجون لإجراءات علاجية سباقة لإنقاذ حياتهم. وترسخ ريادة المستشفى في هذه الإجراءات العلاجية مكانته المتميزة كوجهة عالمية للرعاية الصحية، وقدرته على تقديم أفضل مستويات الرعاية على أرض إمارة أبوظبي.