أكدت معالي الدكتورة آمنة بنت عبدالله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة أن دولة الإمارات تبني نهضتها الزراعية على إرث المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه”، الذي أدرك أن تحويل الصحراء إلى جنان خضراء هو سبيلنا الوحيد لنمتلك قوتِ يومنا، ونضمن نهضتنا لعقود وقرون قادمة، حيث لم يُثنيه شح موارد المياه ونقص الأراضي الصالحة للزراعة من مضاعفة الجهود لخلق مجتمعات زراعية قادرة على تعزيز الأمن الغذائي المستدام لدولة الإمارات، مشيرة إلى أن البرنامج الوطني “ازرع الإمارات” هو تنفيذ لوصية الشيخ زايد بزراعة وتخضير دولة الإمارات.
وقالت معاليها، خلال جلسة “أعطوني زراعة.. أضمن لكم حضارة” ضمن الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات 2024، “إن دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله” شهدت قفزات في تعزيز الأمن الغذائي الوطني كأحد الممكنات الرئيسية لصناعة مستقبل مستدام لكل أبناء الوطن.. مستقبل يواجهنا فيه تحديات هائلة أهمها شح المياه، وقلة الأراضي الصالحة للزراعة، وهي تحديات فاقمتها التغيرات المناخية”.
وأضافت: “إلا أنه وبالتخطيط والعمل الدؤوب منذ قيام الدولة، نمتلك اليوم قطاعاً زراعياً قوياً ممكناً بالعمالة المدربة، والخبرات، والتجارب، وبرامج دعم وتدريب وتأهيل للمزارعين، بالإضافة إلى وجود سلاسل إمداد وتوريد مدعومة بأفضل وأحدث البنى التحتية لضمان استمرارية القطاع وتطويره بداية من الإنتاج وانتهاءً بوصول المنتجات الزراعية على المائدة”.
تكنولوجيا الزراعة
وذكرت معاليها أن العالم يتجه اليوم إلى تطوير تكنولوجيا الزراعة الحديثة وتطبيقها على نطاق واسع بسبب آثار التغيرات المناخية وموجات الجفاف الواسعة وأزمة المياه الآخذة في التفاقم، وذلك من أجل القضاء على الجوع وزيادة قدرة نظم الغذاء من إطعام نحو 10 مليارات شخص بحلول عام 2050.
وتابعت معاليها: “بينما يمضي العالم في هذا الاتجاه، كانت الإمارات كعادتها سباقة في استشراف مستقبل آمن غذائياً باستخدام تلك التكنولوجيا، التي لا تساعدنا فقط على توفير الغذاء من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، ولكن أيضاً على إدارة مواردنا الطبيعية بحكمة، ومواجهة التغيرات المناخية من خلال قطاع مستدام صديق للبيئة”.
مشاريع زراعية حديثة
وأكدت معالي الدكتورة آمنة الضحاك أن دولة الإمارات لديها استراتيجية وطنية للأمن الغذائي تمثل الزراعة ركيزة رئيسية لها، ومن خلال هذه الاستراتيجية ، لدينا هدف طموح في أن تكون الإمارات الأفضل عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2051، وتعزيز مكانة الإمارات كمركز عالمي للأمن الغذائي القائم على الابتكار، ومن بين أهم أهداف تلك الاستراتيجية أيضاً، تطوير إنتاج محلي مستدام ممكّن بالتكنولوجيا لكامل سلسلة القيمة، وتكريس التقنيات الذكية في إنتاج الغذاء.
وأشارت معالي الدكتورة آمنة الضحاك إلى أن دولة الإمارات تمتلك اليوم مجموعة من كبرى المشاريع الزراعية الحديثة التي نفاخر بها العالم، ومزارع عمودية ومائية قادرة على إنتاج مئات الآلاف من الأطنان من المحاصيل الزراعية الأساسية.
وأشادت معاليها بمشاريع مؤسسة الشارقة للإنتاج الزراعي والحيواني “اكتفاء” التي تساهم في دعم الأسواق بمختلف المنتجات الغذائية والزراعية، وخاصة إنتاج أجود أنواع القمح من مزرعة “سبع سنابل” في مليحة بإمارة الشارقة، والذي يعد أول قمح عضوي بالكامل في منطقة الشرق الأوسط.
ولفتت معاليها إلى أن مزرعة “بستانيكَ” في دبي، ومزرعة «آيروفارمز» في أبوظبي من أكبر المزارع العمودية في العالم، وهي مجرد أمثلة على ما وصلت إليه دولة الإمارات من تطور زراعي يؤهلها للعب دور أكبر في تعزيز الأمن الغذائي الوطني، والعالمي أيضاً، حتى أصبحت دولتنا التي تتميز بصحرائها وارتفاع درجة حرارتها قادرة على حصاد مجموعة متنوعة من الفواكه الاستوائية والمحاصيل الزراعية التي تتميز بجودتها العالية، وذلك بفضل الإرادة والابتكار اللذين لا يعرفان المستحيل.
تعزيز الأمن الغذائي
وقالت معالي الدكتورة آمنة الضحاك: “تمتلك دولة الإمارات رؤية ونموذجاً مبتكراً ورائداً في الزراعة الحديثة، وتعمل بدعم قيادتنا الرشيدة على تطبيقه محلياً وتصديره عالمياً ضمن رؤية أوسع تضمن لعب الإمارات دور مهم ومؤثر في تعزيز الأمن الغذائي العالمي المستدام”.
وأضافت: في هذا الإطار، لدينا مجموعة من الجهود أهمها “إعلان COP28 الإمارات بشأن النظم الغذائية والزراعة المستدامة والعمل المناخي” الذي وافقت عليه 160 دولة حتى الآن وتعهدوا بتعزيز أنظمة الغذاء والزراعة الحديثة وتضمينها ضمن الأهداف الوطنية لمواجهة التغيرات المناخية والتكيف معها.
وبينت أن أنظمة الغذاء والزراعة التقليدية مسؤولة عن أكثر من ثُلث الانبعاثات الكربونية في العالم، ولذلك نحن أيضاً كنا سباقين في توظيف حلول هذا القطاع ضمن استراتيجيتنا الوطنية للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050.
نهضة زراعية شاملة
وأكدت معالي الدكتورة آمنة الضحاك أن مجتمع الإمارات هو المحرك الرئيسي لإحداث نهضة زراعية شاملة في كل أنحاء الإمارات، ومن أجل أن يمتلك المجتمع مهارات الزراعة ويمارسها في الحقل والمزرعة والعمل والمنزل، كانت رؤية قيادتنا كعادتها حكيمة تدرك أهمية دمج كل إماراتي في منظومة تُعلى من قيمة الزراعة وتوظفها كوسيلة لدفع مسيرة الوطن الحضارية والإنسانية.
وقالت معاليها أن إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله” البرنامج الوطني “ازرع الإمارات” و”المركز الزراعي الوطني” يمثل خطوة رائدة في مسيرة الإمارات لصناعة المستقبل.
وأوضحت أن البرنامج الوطني “ازرع الإمارات” هو تنفيذ لوصية زايد بزراعة وتخضير دولة الإمارات، ودعوة للجميع بما فيهم الجهات الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص والمجتمع ليكون لهم دور أكبر في تعزيز الأمن الغذائي الوطني من خلال تبني الإنتاج المستدام للمنتجات الزراعية، بداية من المزارع وانتهاءً بالمنازل، والمشاركة بذلك في توسيع الرقعة الخضراء لوطننا.
وأضافت معاليها “سنواصل العمل في دولة الإمارات على دمج مختلف الشركاء من جهات اتحادية ومحلية وقطاع خاص وأفراد المجتمع في منظومة عمل متكاملة للنهوض بالزراعة”.
نماذج وطنية مشرفة
وقالت معالي الدكتورة آمنة الضحاك: “إن دولة الإمارات لديها نماذج وطنية مشرفة في قطاع الزراعة كانت من أوائل المنفذين لوصية زايد.. نماذج غرست بذرة الأمل ولا زالت تشاهدها تكبر وتزدهر، هؤلاء هم كبار المزارعين.. الخير والبركة، وكما بدأت رحلة الإمارات نحو الزراعة برواد كبار، مرت الرحلة بمحطات لتسليم الراية إلى أجيال جديدة شابة فتية تعمل وتطور وتبني على ماصنعه الآباء، حيث إن مزارعينا الشباب هم حاضرنا الذي نبني عليه من أجل مستقبلنا، ومن جيل إلى جيل لابد وأن نعمل على غرس الزراعة كمهارة وثقافة وحب يغمر قلوب أبنائنا، لينشأوا على حب الزراعة والإمارات، فمزارعونا الصغار هم طموحنا ومستقبلنا وهم من سيواصلون رحلة زايد ويبحرون إلى موانئ ومحطات أبعد بكثير مما وصلنا إليها”.
ورحبت معاليها خلال الجلسة بمزارعين من ثلاثة أجيال مختلفة لاستعراض تجاربهم في الزراعة، وهم خديجة القبيسي من كبار المواطنين وصاحبة مزرعة ند الذهب في العين، وخريجة أول مدرسة حقلية للزراعة في الإمارات والخليج العربي، والمها المهيري الحاصلة على جائزة “أفضل شركة ناشئة عربية” في مؤتمر الشباب التابع للأمم المتحدة حول تغير المناخ (COP27/COY17) في شرم الشيخ، ومروان سيف المزروعي صاحب مشتل المزروعي، إضافة إلى المزارع الصغير سلطان علي الخزيمي والذي يتخصص في الزراعة العضوية، ومهرة النقبي أصغر نحالة في الإمارات.
وعرضت خديجة القبيسي تجربتها في الزراعة المائية تحديداً واختراعها لمحلولها الخاص في هذا المجال والذي يوفر التكلفة ويضمن الإنتاج الوفير، وتحدثت عن التحديات التي تواجهها المزارعات، وكيف تمكنَّ من تجاوز تلك التحديات بفضل الإصرار والعمل الدؤوب، كما أكدت على أهمية الحفاظ على التراث الزراعي ونقل المعرفة للأجيال الجديدة، مشيرة إلى الدور المحوري الذي تلعبه الزراعة في تعزيز الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.
واستعرض كل من المها المهيري ومروان سيف المزروعي- من المزارعين الشباب – مبادرات مبتكرة لتوظيف التكنولوجيا الحديثة وأساليب الزراعة الذكية لتعزيز الإنتاجية والاستدامة، كما أكدا على أهمية التوسع في زراعة الأشجار المحلية المثمرة ونشرها في أنحاء الدولة، وسلطا الضوء على أهمية الابتكار والتعلم المستمر لمواجهة التحديات المناخية، وأعربا عن شغفهما بمواصلة إرث الأجيال السابقة، لكن بأساليب تتماشى مع تطلعات المستقبل ورؤية الدولة لتحقيق الأمن الغذائي”
كما قدم المزارع الصغير سلطان الخزيمي ومهرة النقبي أصغر نحالة في الإمارات، تجربتهما في مجال الزراعة العضوية وتربية النحل، ورؤيتهما المبتكرة لتطوير القطاع وتبني أساليب مستدامة للحفاظ على الموارد الطبيعية.
وتوجهت معالي الدكتورة آمنة الضحاك بالشكر لهذه النماذج الوطنية المشرفة على سرد تجربتهم الثرية في قطاع الزراعة، والذين أجمعوا على حب الزراعة والرغبة الحقيقية بالاستمرار في مسيرة الإمارات لصناعة الحضارة.
واختتمت معاليها حديثها قائلة: “إن الزراعة هي ركيزتنا لتحقيق التنمية المستدامة بمفهومها الشامل، فوسط عالم مليء بالمتغيرات سينجو من يستطيع توفير غذائه وقوته ليكون أكثر قدرة على الصمود والعمل، فالزراعة تخلق المزيد من الفرص غير المحدودة لصناعة المزيد من النجاحات والإنجازات في كافة الميادين، ولن يكون لنا زراعة قوية إلا من خلال مجتمعات زراعية متماسكة مترابطة، فلنعمل معاً لنجعل من مجتمعنا أكثر قدرة على إنتاج غذائه.. ولنجعل الزراعة أسلوب حياة لنا جميعاً.. لنحيا جميعاً.. ويبقى حلم زايد حياً في قلوبنا جميعاً”.