مشاركة إماراتية مميزة في الموسم الثقافي لإتحاد الكيميائيين العرب

د. وسن الطائي : استخدام الأنزيمات في التطبيقات الصناعية يحقق الاقتصاد الأخضر المستدام ويقلل البصمة الكربونية

شبكة أخبار الإمارات ENN

راس الخيمة – عبدالرحمن نقي : أكدت سعادة موزة سيف الشامسي أمين عام اتحاد الكيميائيين العرب رئيسة الجمعية الكيميائية الإماراتية على النجاح الكبير للموسم الثقافي الأول 2025 للأمانة العامة لاتحاد الكيميائيين العرب وتحت شعار “مشاريع الكيمياء الصناعية وتطبيقاتها” ومشيدة بتفاعل الجمعيات والاتحادات والنقابات الكيميائية العربية في الموسم .
وقد شاركت الجمعية الكيميائية الإماراتية بالموسم بمحاضرة اليوم بعنوان ” الإنزيمات في التحفيز الحيوي الصناعي.. المسارات والتطبيقات نحو عمليات كيميائية مستدامة وفعّالة ” للدكتورة وسن الطائي، أستاذ مشارك، دكتوراه في الكيمياء، والكيمياء الحيوية والكيمياء السريرية، عضوة الجمعية الكيميائية الإماراتية.
والتي أكدت فيها الدكتورة وسن ان استخدام الإنزيمات في التحفيز الحيوي الصناعي يعد نقلة نوعية نحو عمليات كيميائية أكثر كفاءة واستدامة، ويُعد توظيف هذه الكائنات الجزيئية الذكية في مجموعة واسعة من الصناعات خطوة أساسية لتحقيق الاقتصاد الأخضر المستدام وتقليل البصمة الكربونية، مما يجعل من البحث والتطوير في هذا المجال ضرورة علمية ومجتمعية ملحّة في دعم الكيمياء الخضراء، وتوفير الطاقة، والحد من التلوث.
وأوضحت الدكتورة وسن في محاضرة عبر تطبيق رقمي اتصالي، وبمشاركة وحضور كيميائي عربي وعربي ودولي اليوم أنه الإنزيمات تُمثل واحدة من أهم المحفزات الحيوية الطبيعية التي تستخدم في مجموعة واسعة من التطبيقات الصناعية والبيئية ، وانه تعود أهميتها إلى قدرتها الفائقة على تسريع التفاعلات الكيميائية بكفاءة وانتقائية عالية تحت ظروف معتدلة من الحرارة والاس الهدروجيني والوسط المائي كمذيب للتفاعل الكيميائي، ما يجعلها بدائل واعدة للمحفزات الكيميائية التقليدية. يعتمد التحفيز الحيوي الصناعي على إستخدام هذه الإنزيمات لتطوير عمليات إنتاج مستدامة وصديقة للبيئة.
وأوضحت الدكتورة وسن : أن الإنزيمات هي جزيئات بروتينية تعمل كمحفزات حيوية ، قادرة على خفض طاقة التنشيط للتفاعلات الكيميائية لتسريع معدل التفاعل الكيميائي دون أن تُستهلك خلالها. وتمتاز الانزيمات بالانتقائية العالية التي تعبّر عن قدرة الإنزيم على اختيار ركيزة محددة من بين عدد كبير من المركبات المتشابهة ، أي أنها تُمثل درجة التفضيل للركيزة حيث ترتبط بجزيئات الركيزة المحددة فقط ، كما أن الانزيمات تمتاز بالخصوصية: حيث تشير إلى قدرة الإنزيم على التعرف على مادة متفاعلة معينة (الركيزة) دون غيرها، وتحفيز تحولها إلى ناتج. غالباً ما تكون الانزيمات متخصصة لتفاعل كيميائي واحد فقط ، كما تمتاز بالكفاءة التحفيزية العالية تحت ظروف معتدلة ، مما يقلل من الحاجة إلى درجات حرارة مرتفعة وتعتمد على الوسط المائي للتفاعلات الكيميائية.
وأكدت الدكتورة وسن أنه تعتمد آلية عمل الإنزيمات على تشكيل معقد إنزيم-ركيزة مؤقت، يوجه التفاعل الكيميائي ويزيد من كفاءته، وأن من أبرز النظريات التي تُفسر آلية عمل الإنزيمات “نظرية القفل والمفتاح ” حيث يتطابق موقع الارتباط الفعال النشط في الإنزيم مع الركيزة تماماً، ونظرية التلاؤم المستحث : تتغير البنية الثلاثية للانزيم قليلاً عند موقع الارتباط النشط الفعال في الإنزيم للتلائم مع شكل الركيزة .
وتحدثت خلال المحاضرة العلمية عن أساليب وآلية استخدام الإنزيمات في التطبيقات الصناعية بطرائق متعددة تشمل: الإنزيمات الحرة و الإنزيمات المثبتة و الخلايا الكاملة ، ويتيح كل أسلوب منها مزايا معينة من حيث الكفاءة، وإعادة الاستخدام، والتكلفة الاقتصادية.
وأضافت: يعد تثبيت الإنزيمات إحدى أهم الوسائل لتحسين الأداء الصناعي للإنزيمات، حيث يُمكن تحقيق ذلك من خلال تقنيات فيزيائية مثل الامتزاز والحجز داخل مواد حاملة مناسبة، التغليف أو كيميائية مثل الارتباط التساهمي والارتباط المتقاطع للانزيمات .
وقالت : تؤدي استراتيجيات تثبيت الانزيمات إلى تحسين ثباتية الإنزيم تحت الظروف الصناعية الصعبة ، والى إمكانية إعادة استخدام الإنزيمات لعدة دورات إنتاجية، مما يقلل من التكاليف، و تحسين الكفاءة التحفيزية في الأنظمة الصناعية المستمرة، وتعتمد آلية اختيار طريقة الاستخدام على طبيعة العملية الصناعية، نوع الركيزة، ظروف التشغيل، والمتطلبات الاقتصادية والتقنية لعملية التصنيع.
وكشفت الدكتورة وسن عن تعدد مصادر الإنزيمات المستخدمة في التطبيقات الصناعية، وتشمل الإنزيمات المستخلصة من الحيوانات، والنباتات، والكائنات الدقيقة، إلا أن الإنزيمات المستخلصة من البكتيريا والفطريات تُعد الخيار المفضل في الصناعات الحديثة.
وتحدثت عن التطبيقات الصناعية للإنزيمات منها الصناعات الغذائية مثل صناعة المخبوزات التي تُستخدم لتحسين التعامل مع العجين، وزيادة العمر التخزيني، وتحسين حجم وجودة الخبز من خلال تكسير النشويات إلى سكريات قابلة للتخمير ، وكذلك صناعة الألبان: يُستخدم المنفحة “الكيموسين ” في إنتاج الجبن، حيث تقوم بشطر البروتين الكازين لإحداث التخثر ، وفي صناعات اللحوم والدواجن والأسماك: تُستخدم إنزيم لتحسين طراوة اللحوم وتحسين النكهة .
وفي صناعة الحلويات والمحليات: تُستخدم الإنزيمات المحولة للجلوكوز الى سكر الفركتوز لتعزيز القوام والحلاوة وإنتاج الحلوية الطرية، وكذلك في صناعة العصائر: تُستخدم إنزيمات يستخلص ويُنقّي العصائر عن طريق تفكيك البكتين، وتقليل العكارة، وتحسين المنتج.
كما تحدثت عن استخدام الانزيمات في صناعة مستحضرات التجميل في المنتجات المضادة للشيخوخة، بفضل خصائصه المضادة للأكسدة وحمايته لخلايا الجلد، وفي صناعة المنظفات وفي مساحيق الغسيل ومنظفات الأطباق لتفكيك البقع البروتينية والدهنية والنشوية، مما يُساهم في الغسيل بدرجات حرارة منخفضة وتقليل استهلاك الطاقة.
بالإضافة الى استخدامها في صناعة النسيج في عمليات إزالة المواد اللاصقة، والغسيل، والتبييض، وتنعيم الأقمشة ومعالجة الصوف، وفي صناعة الجلود في عمليات إزالة الشعر ومعالجة الجلد حيث يزيد من امتصاص الماء وكفاءة إعادة الترطيب مما يُحسن جودة الجلود ويُقلل من التلوث البيئي.
وأضافت: على الرغم من الاستخدام المحدود حتى الآن، فإن الإنزيمات تستخدم في عمليات إزالة الكبريت الحيوي، وفي التحلل البيولوجي للهيدروكربونات في عمليات المعالجة البيولوجية لانسكابات النفط ونفايات المصافي.
وفي قطاع الطاقة المتجددة تُستخدم انزيمات مستخرجة من البكتريا والفطريات في إنتاج الديزل الحيوي من خلال تحفيز عملية التبادل الإستيري لتحويل الدهون الثلاثية إلى أستر الميثيل، يوفر الإنتاج الحيوي للديزل مزايا بيئية كبيرة ويُدعم مفاهيم الكيمياء الخضراء.
وفي ادارة النفايات تسهم الإنزيمات مثل في تحلل الملوثات العضوية، ومعالجة النفايات الصلبة، وتنقية مياه الصرف الصحي، مما يُساهم في دعم الاقتصاد الحيوي والحفاظ على البيئة .
ومن التحديات ذكرت: تكلفة الإنتاج والتنقية العالية لبعض الإنزيمات، و الحساسية للحرارة والاس الهيدروجيني والمذيبات، و قلة الاستقرار عند إعادة الاستخدام، وعن الآفاق المستقبلية، حددت: تحسين تصميم الإنزيمات عبر تقنيات البيولوجيا الجزيئية ، و التحفيز المتكامل مع تقنيات مثل النانو تكنولوجي والمواد الحاملة للانزيمات لتحسين الأداء الصناعي.

شاهد أيضاً