أطلّ طفل يمني، في مقطع فيديو وهو يرسم الحيوانات على واجهة جدار بطريقة مذهلة تعرف بما يُرف بـ”فن الظل”، عبر أداء استعراضي ساحر، مستخدماً كلتا يديه للتعبير والتأثير عبر حركة أصابعه لتجسيد طيور وحيوانات مختلفة.
وتداول نشطاء التواصل الاجتماعي في اليمن، مقطع فيديو يظهر فيه الطفل اليمني عدي محمد جيلان، الذي يحترف فن تجسيد أشكال الحيوانات والطيور بطريقة مذهلة من خلال تأثيرات الظل، معتبرين بأنه يتميز بقدرات فنية هائلة تعتمد على الخيال الإبداعي، وطالبوا المؤسسات الثقافية والجهات المعنية بدعم موهبته بما يعزز حضوره في تقديم عروض وأعمال مهمة وملهمة تخدم الفنون والمجتمع.
ثنائية التفكير والتأمل سرّ موهبة الظل
وفي حوار خاص مع “العربية.نت”، قال الطفل إنه اكتشف موهبة فن الظل من خلال التفكير والتأمل وتخيل الأشياء، مشيراً بأنه يستطيع رسم المجسمات من الآثار وأشجار الطبيعة وغيرها. كما يجيد عدي رسم الصور والبورتريهات الشخصية بنسخة فنية طبق الأصل، وكذلك تجسيد لوحات فنية عملاقة بواسطة المؤثرات الضوئية والبصرية إذا ما توفرت له الإمكانيات لذلك، مثل مجسمات للأشجار على الجدران ورسم الحدائق وصور الحيوانات بأحجام كبيرة.
دعم أسري وتربوي رغم الظروف
ويطمح عدي أن يحقق مراتب مرموقة ومستويات متميزة في كل مجالات الرسم، لافتا إلى أن والده الذي يعاني إعاقة مرضية وانزلاقات بالعمود الفقري له دور كبير في تعليمه في المدرسة ومتابعة موهبته، أما دور المعلم الذي اكتشف موهبتي فهو استاذه الفاضل وكيل المدرسة علي صغير جابر الذي له الفضل بعد الله في تقديم كل الدعم والتشجيع برغم الظروف الصعبة، والذي عمل على إطلاع الناس على موهبته من خلال منشوراته على صفحته على “فيسبوك” وكذلك تواصله مع الآخرين ولازال حتى الآن.
إحياء الأمل في وجدان الأطفال
ولم يفوت عدي، ابن محافظة المحويت، فرصة نقل رسالة مجتمعية وإنسانية من خلال الرسم وفن الظل، لتعريف العالم عن البلد الموجوع نتيجة الحرب وما يمر به من ظروف فقر ومعاناة معيشية طاحنة. فعلى الرغم من ذلك، أضاف عدي: “إننا في ظل هذه الظروف والمعاناة وشح الإمكانيات لن نقف عن مواصلة التقدم في العمل الإبداعي بأي وسيلة فنية متاحة”، متمنياً أن “يسود الأمان والسلام للشعب اليمني، وأن تكون موهبتي البسيطة سبباً في إحياء الامل والطموح بمستقبل أفضل لكل الأطفال اليمنيين والعرب الذين يعيشون تحت طواحين الأزمات والحروب”.
كما طالب عدي الجهات الثقافية ورجال الأعمال بضرورة دعم المواهب والإبداعات حتى تستمر وتنمو بشكل أفضل كونها رهان ازدهار الحضارات ومصدر فخرها وتطورها أمام الشعوب الأخرى.
آداء عفوي بروح طفولية
وعلّق رواد التواصل مشيدين بإبداعات الطفل عدي جيلان وقالوا إن هذا العرض يستحق الدخول في موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية عبر المشاركة بمثل هذا الأداء العفوي الفريد من نوعه.
وأشاروا إلى أن “هذا الطفل الصغير يمثل ملايين الأطفال اليمنيين الذين وجدوا في مواهبهم متنفساً لتحرير معاناتهم ومآسيهم التي تسببت بها الصراعات الدامية وجردهتم من حقوق إنسانية كثيرة ليس أولها التعليم ولا آخرها الصحة والعيش بكرامة مقارنة بأطفال العالم الذين يعيشون بسلام”.
مواهب طمرتها الحرب بين ركام المعاناة
وعلى الرغم من الصور المريعة التي تتصدر نشرات الأخبار ووكالات الأنباء ووسائل الإعلام عن أطفال يمنيون حولتهم المجاعات إلى جلد وعظام بسبب الأوبئة والأمراض وسوء التغذية، وطمرتهم النزاعات والصراعات بين ركام القهر والنزوح، فإن هناك مواهب كثيرة لأطفال يمنيون ولدوا من رحم الحرب والمعاناة، وعاصروا فواجع كثيرة قتلت براءتهم وسرقت أحلامهم وآمالهم لكنها لم يتسرق شغفهم وحماسهم للإبهار والإمتاع في مختلف مجالات الرسم والإبداع والغناء والفنون، وحظيت فيديوهاتهم انتشاراً واسعاً على منصات السوشيال ميديا في ظل غياب الدعم والاهتمام من مؤسسات الدولة.