تزامناً مع نهاية الحرب العالمية الثانية وهزيمة دول المحور بالقرن الماضي، غاص العالم في أهوال الحرب الباردة التي مثلت نزاعاً غير معلن بين المعسكرين الشرقي والغربي. وفي خضم هذا النزاع، عاشت البشرية على وقع العديد من الأزمات التي كادت أن تتحول لحرب نووية بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي.
إضافة لأزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 وحادثة الإنذار الخاطئ سنة 1983، يذكر التاريخ عملية الرمح العملاق (Giant Lance) الأميركية التي حاول من خلالها الأميركيون، ضمن سياسة نظرية الرجل المجنون للرئيس ريتشارد نيكسون (Richard Nixon)، الضغط على الاتحاد السوفيتي وفيتنام الشمالية عن طريق تهديدهما بضربات نووية.
صورة للرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون
نظرية الرجل المجنون
مع وصوله للبيت الأبيض عام 1969، اتجه الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون للبحث عن مخرج لإنهاء حرب فيتنام وضمان المصالح الأميركية بهذه المنطقة. ومن هذا المنطلق، وضعت الإدارة الأميركية الجديدة خطة الرمح العملاق التي حاول من خلالها الأميركيون استخدام السلاح النووي كوسيلة تهديد للضغط على السوفييت والفيتناميين الشماليين.
واعتمادا على سياسة نظرية الرجل المجنون داخل البيت الأبيض حينها، أرادت الإدارة الأميركية الجديدة إيهام المعسكر الشرقي أن الرئيس ريتشارد نيكسون شخص غير منطقي ومتقلب وقادر على الرد بطرق مرعبة وغير إنسانية على أي تهديد أو استفزاز يطال الولايات المتحدة الأميركية ومصالحها بالعالم.
صورة لهنري كيسنجر
عملية فاشلة
خلال شهر تموز/يوليو عام 1969، أجرى ريتشارد نيكسون حوارا مع المسؤولين بفيتنام الجنوبية ليخبرهم أن الولايات المتحدة الأميركية واقعة بين خيارين تمثلا في تشكيل حكومة وحدة وطنية بالبلاد أو توجيه ضربات نووية لفيتنام الشمالية للحد من قدراتها العسكرية وإجبارها على الجلوس لطاولة المفاوضات.
بدعم من مستشار الأمن القومي حينها هنري كيسنجر (Henry Kissinger)، وافق الرئيس ريتشارد نيكسون على عملية الرمح العملاق لتبدأ يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر 1969 الاستعدادات لإرسال 18 قاذفة قنابل بي 52 مجهزة بقنابل نووية نحو الأراضي السوفيتية. وبداية من يوم 27 من نفس الشهر، انطلقت هذه الطائرات، المجهزة بقنابل نووية، لتقوم بجولات عند مناطق القمم الجليدية القطبية على مقربة من الأراضي السوفيتية لتزيد بذلك من درجة الإنذار النووي لدى المسؤولين بموسكو.
صورة لقاذفة قنابل بي 52
ويوم 30 تشرين الأول/أكتوبر 1969، أمرت الإدارة الأميركية بشكل مفاجئ بوقف هذه العملية واضعة بذلك حدا لها تزامنا مع عدم وجود أية تحركات سوفيتية بالمنطقة.
في الأثناء، لم تحقق هذه العملية الأميركية أية نتائج تذكر حيث لم يظهر الاتحاد السوفيتي أية ردة فعل تجاهها. فضلا عن ذلك، ذكرت بعض المصادر أن السوفييت قد شككوا طيلة الثلاثة أيام في مدى جدية الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون بشن حرب نووية ضدهم.