في خضم الحرب الباردة التي استمرت لنحو 45 عاما وانتهت بانهيار الاتحاد السوفيتي، شهد العالم سباق تسلح غير مسبوق سعى خلاله السوفيت والأميركيون للحصول على أحدث التقنيات بمجالات عسكرية متعددة كالمدفعية والصواريخ الباليستية والدبابات والطائرات.
وفي خضم هذا النزاع غير المعلن بين المعسكرين الشرقي والغربي، لجأ الطرفان للتجسس على بعضيهما لمعرفة مدى تفوق الطرف الآخر ونهب تكنولوجياته العسكرية. وخلال هذه الفترة، حقق الاتحاد السوفيتي إنجازا استخباراتيا فريدا من نوعه حيث نجح عملاؤه عام 1967 في إرسال أحدث التكنولوجيا العسكرية الأميركية نحو موسكو اعتمادا على البريد.
صورة لطائرة فانتوم أميركية
3 مجندين للمخابرات السوفيتية
إلى ذلك، جندت المخابرات السوفيتية ما بين منتصف الخمسينيات ومطلع الستينيات كلا من الطيار الألماني الغربي وولف ديتهارت كنوب (Wolf-Diethardt Knoppe) والرجل البولندي الأصل، المقيم بألمانيا الغربية، جوزيف لينوسكي (Josef Linowski) والمهندس المعماري الألماني مانفريد رامينغر (Manfred Ramminger) للعمل لصالحها.
وبادئ الأمر، أوكل السوفيت للينوسكي ورفاقه مهام صعبة طالبوه من خلالها بسرقة أجهزة رادار ومراقبة والهرب نحو موسكو عبر طائرة أف 4 فانتوم 2 (F-4 Phantom II). وأمام استحالة إنجاز مثل هذه المهام، قرر لينوسكي سرقة صاروخ جو جو أميركي من نوع إيه آي إم-9 سايدويندر (AIM-9 Sidewinder) متطور ومزود بباحث حراري لتسليمه للسوفييت.
صورة لطائرات فانتوم أثناء عملية قصف
79.25 دولار
يوم 22 تشرين الأول/أكتوبر 1967، تسلل العملاء الثلاثة لداخل القاعدة العسكرية بنويبرغ (Neuburg) معتمدين على وثائق كنوب العسكرية ومستغلين عامل الضباب الكثيف وإهمال حراس القاعدة. ومن داخل مخزن الذخائر، سرق العملاء الثلاثة صاروخا من نوع إيه آي إم-9 سايدويندر ونقلوه عبر عربة يدوية نحو سيارة مانفريد رامينغر الذي تكفل بإخفائه بشكل جيد لتجنب إثارة شكوك رجال الشرطة بالطريق.
مع وصوله لمنزله بقرية كريفيلد (Krefeld)، تكفل مانفريد رامينغر بتفكيك الصاروخ ووضع أجزائه داخل صناديق نقلها نحو مركز البريد لإرسالها لموسكو. وبسبب الوزن الزائد لهذه الشحنة الفريدة من نوعها، أجبر رامينغر على دفع مبلغ 79.25 دولار كتكاليف شحن نحو موسكو.
استعراض عسكري للجيش السوفيتي
حسب الخطة التي وضعها رامينغر، كان من المقرر أن ينقل هذا الطرد البريدي الفريد من نوعه من دوسلدورف (Düsseldorf)، مرورا بكوبنهاغن، لموسكو. فضلا عن ذلك، اقتنى هذا المهندس المعماري تذكرة للسفر بنفس الطائرة التي ستنقل الصاروخ المفكك. وبسبب خطأ بريدي، عاد الطرد البريدي نحو دوسلدورف وهو ما دفع برامينغر للعودة لألمانيا الغربية لإرساله ثانية لموسكو التي بلغها بعد تأخير دام 10 أيام ليحصل بذلك السوفيت على نسخة من صاروخ إيه آي إم-9 سايدويندر الحديث.
خلال العام 1968، ألقت شرطة ألمانيا الغربية القبض على هؤلاء العملاء الثلاثة بتهمة التجسس لتصدر لاحقا في حقهم أحكاما تراوحت بين 3 و4 سنوات سجن.