خلال العام 1917، عاشت روسيا على وقع ثورتي شباط/فبراير وتشرين الأول/أكتوبر اللتين أسفرتا عن رحيل القيصر نيقولا الثاني وهيمنة البلاشفة على مقاليد السلطة. وعلى إثر ذلك، غاصت روسيا بحرب أهلية دامية استمرت لأكثر من 5 سنوات، وأسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 10 ملايين ضحية.
صورة لفاني كابلان منفذة محاولة اغتيال لينين
وفي خضم هذه الأحداث، تحول وجه فلاديمير لينين، إضافة لشعار “الخبز والأرض والسلام”، لأهم رموز الثورة البلشفية بروسيا والعالم حيث غزت صوره مناطق هامة من القارة الأوروبية ما بعد الحرب العالمية الأولى. ومع اعتلائه هرم السلطة بالاتحاد السوفيتي وتزايد شعبيته، أصبح لينين هدفا لمعارضيه الذين آمنوا بإمكانية سقوط البلاشفة في حال وضع حد لحياته.
خطة لقتل لينين
ومنذ مطلع العام 1918، تعرض فلاديمير لينين للعديد من المؤامرات ومحاولات الاغتيال الفاشلة. وقد جاءت أبرز هذه المحاولات على يد الثورية الشابة، ذات الأصول الأوكرانية، فاني كابلان (Fanny Kaplan) المولودة بمنطقة فولهينيان (Volhynian) يوم 10 شباط/فبراير 1890.
رسم تخيلي يجسد سقوط لينين أرضا عقب عملية الإغتيال
في 16 من عمرها سنة 1906، اعتقلت فاني كابلان من قبل الشرطة القيصرية قرب كييف عقب اتهامها بالتخطيط لاغتيال أحد المسؤولين بالنظام القيصري. وبسبب ذلك، نالت الأخيرة حكما بالسجن المؤبد وأرسلت نحو أحد مراكز العمل الإجباري بسيبيريا.
وعقب ثورة شباط/فبراير عام 1917، أطلق سراح فاني كابلان بعد قضائها نحو 11 عاما خلف القضبان. وفي الأثناء، تركت سنوات السجن آثارا سلبية على كابلان التي عانت من الصداع ومشاكل بحاسة البصر لبقية حياتها.
صورة دعائية للينين
بعد مضي أشهر فقط عن ثورة تشرين الأول/أكتوبر 1917، فقدت فاني كابلان ثقتها بفلاديمير لينين الذي اتهمته بالاستفراد بالسلطة. وعقب قبول البلاشفة بمعاهدة برست ليتوفسك مع الألمان، وضعت هذه الشابة خطة لقتل فلاديمير لينين.
محاولة اغتيال فاشلة
يوم 30 آب/أغسطس 1918، ألقى فلاديمير لينين كلمة أمام العمال بأحد مصانع الأسلحة بجنوب موسكو. ومع خروجه من المبنى واستعداده لركوب سيارته، نادته فاني كابلان بصوت عال. ومع التفاته نحوها، استلت فاني كابلان مسدسا برونينغ (Browning) أخفته بين ثيابها وأطلقت 3 رصاصات تجاه الزعيم السوفيتي. وبينما اخترقت الأولى معطفه، أصابت الثانية كتفه واستقرت الثالثة برقبته وألحقت أضرارا جسيمة بجهازه التنفسي.
لوحة دعائية للينين
على الفور، نقل لينين نحو قاعات الكرملين. وهنالك، رفض القائد السوفيتي مغادرة المكان والذهاب للمستشفى خوفا من أن يقدم الأطباء على قتله لخدمة مصالح منافسيه على السلطة. إلى ذلك، حاول الأطباء معالجة لينين داخل الكرملين حسب الإمكانيات المتوفرة لديهم. ومع نجاحهم في معالجة كتفه، فشل الأطباء في استخراج الرصاصة بعنق لينين، حيث تطلب ذلك إجراء عملية جراحية دقيقة بالمستشفى.
على الرغم من نجاته من الموت، عانى لينين من إصابات حادة وبليغة رافقته طيلة ما تبقى من حياته. وعلى حسب العديد من المصادر، ساهمت هذه الإصابات في تعكر حالته الصحية ووفاته عام 1924.
عقب الحادثة، اعتقلت فاني كابلان واقتيدت نحو سجون التشيكا (Cheka). وهنالك، اعترفت الأخيرة بتدبيرها وتنفيذها لمحاولة اغتيال لينين. وبحديقة ألكسندر بموسكو يوم 3 أيلول/سبتمبر 1918، أعدمت فاني كابلان برصاصة في الرأس قبل أن تحرق جثتها ببرميل بناء على أوامر من المسؤول البلشفي ياكوف سفيردلوف (Yakov Sverdlov) المصنف كأحد أهم المتورطين بعملية اغتيال عائلة القيصر الروسي نيقولا الثاني قبل بضعة أسابيع.