تمرد بالبحرية.. رحل بسببه قيصر ألمانيا وأنهى حربا عالمية

تمرد-بالبحرية.-رحل-بسببه-قيصر-ألمانيا-وأنهى-حربا-عالمية

شبكة أخبار الإمارات ENN

تزامنا مع ارتفاع خسائرها وتراجع قواتها على الجبهة الغربية، شهدت الإمبراطورية الألمانية مطلع آب/أغسطس 1917 تمردا على متن البارجة برينزريجنت لويتبولد (Prinzregent Luitpold) التي كانت راسية بميناء فيلهيلمسهافن (Wilhelmshaven) بشمال البلاد.

وأثناء هذا التمرد، سار نحو 400 بحار ألماني داخل المدينة وطالبوا الأهالي بالعصيان لإجبار الإمبراطور فيلهلم الثاني وأعضاء الحكومة الألمانية على إخراج ألمانيا من الحرب العالمية الأولى.

لوحة زيتية تجسد فيلهلم الثاني وهو يصافح الجنود على الجبهة

لوحة زيتية تجسد فيلهلم الثاني وهو يصافح الجنود على الجبهة

وعلى الرغم من نجاح الجيش الألماني في استعادة السيطرة واعتقال المتمردين، شهدت ألمانيا طيلة العام التالي العديد من الحركات التمردية في صفوف قواتها المسلحة أسفر آخرها عن إعلان الجمهورية تزامنا مع تنازل القيصر فيلهلم الثاني عن العرش.

خسائر ومعنويات بالحضيض وهجوم أخير

عقب هجوم الربيع عام 1918، المعروف أيضا بهجوم لودندورف، انهارت معنويات الجيوش الألمانية نحو الحضيض حيث أنهكت الحرب العالمية الأولى التي استمرت لنحو 4 سنوات والنقص الحاد بالمواد الغذائية الجنود الألمان الذين باتوا لا يفكرون سوى في نهاية الحرب والعودة لعائلاتهم.

صورة للأميرال فرانز فون هيبر

صورة للأميرال فرانز فون هيبر

وخلال الأسبوع الأخير من شهر تشرين الأول/أكتوبر 1918، انتشرت الأخبار حول فتح كل من ألمانيا والنمسا – المجر والدولة العثمانية لقنوات اتصال مع الحلفاء بهدف التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار. فضلا عن ذلك، كانت بلغاريا، التي كانت ضمن تحالف القوى الوسطى، قد توصلت لاتفاقية مع الحلفاء منذ أيلول/سبتمبر للخروج من الحرب العالمية الأولى.

صورة للإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني

صورة للإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني

بالتزامن مع ذلك، انتشرت بين جنود البحرية الإمبراطورية الألمانية أخبار حول سعي قادة البحرية، وأسطول أعالي البحار، للقيام بعملية عسكرية أخيرة، دون موافقة الإمبراطور فيلهلم الثاني والحكومة، ضد البحرية البريطانية ببحر الشمال لحفظ ماء الوجه واستعادة هيبة البحرية الألمانية التي انتكست طيلة فترة الحرب تزامنا مع عجزها عن فك الحصار البحري البريطاني عن البلاد.

إلى ذلك، رفض عدد كبير من البحارة الألمان المشاركة بهذه العملية التي اعتبروها عملية انتحارية فاشلة محبّذين بذلك إنهاء الحرب والعودة لديارهم على الموت بهذا الهجوم الأخير الذي خطط له كبار قادة البحرية الألمانية من أمثال الأميرال رينهارت شير (Reinhard Scheer) وزميله فرانز فون هيبر (Franz von Hipper).

صورة لجنود ألمان أثناء استخدامهم لأحد المدافع العملاقة بالحرب العالمية الأولى

صورة لجنود ألمان أثناء استخدامهم لأحد المدافع العملاقة بالحرب العالمية الأولى

تمرد بكيل وتنازل عن العرش

يوم 29 تشرين الأول/أكتوبر 1918، رفض ما يزيد عن 300 جندي من قوات البحرية الألمانية المتمركزة بفيلهيلمسهافن الانصياع للأوامر وأعلنوا تمردهم على القيادة. وخلال اليوم التالي، توسعت هذه الحركة التمردية بصفوف البحرية وجذبت مزيدا من المتعاطفين. وقد أجبر ذلك البحرية الألمانية على الحديث عن إلغاء العملية العسكرية ضد البريطانيين ببحر الشمال.

وفي الأثناء، باشرت القوات المسلحة الألمانية بحملة اعتقالات أسفرت عن إيقاف المئات من المتمردين الذين واجهوا إمكانية المثول أمام المحكمة العسكرية وأحكاما قد تبلغ الإعدام رميا بالرصاص بتهمة الخيانة ورفض تنفيذ الأوامر.

جنود ألمان بالحرب العالمية الأولى

جنود ألمان بالحرب العالمية الأولى

جنود ألمان بالحرب العالمية الأولى

صورة تجسد الإمبراطور فيلهلم الثاني على الجبهة

صورة تجسد الإمبراطور فيلهلم الثاني على الجبهة

مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 1918، شهدت مدينة كيل (Kiel) الألمانية حركة تمردية بصفوف جنود البحرية الذين طالبوا بإطلاق سراح زملائهم المعتقلين.

تدريجيا، توسعت الحركة الاحتجاجية بكيل حيث التحق العمال والأهالي بالجنود المتمردين الذين نظموا يوم 3 تشرين الثاني/نوفمبر من نفس العام وقفة احتجاجية كبيرة، دعا إليها أحد قادة التمرد كارل أرتيلت (Karl Artelt)، رفعوا أثناءها الأعلام الحمراء وشعار “الخبز والسلام” الذي كان شبيها بالشعار الذي اعتمده البلشفيون بروسيا.

خلال هذه الوقفة الاحتجاجية، أقدمت قوات الأمن بقيادة الملازم شتانهوازر (Steinhäuser) على فتح النار تجاه المتظاهرين متسببة في مقتل 7 أشخاص وإصابة 29 آخرين.

وفي الأثناء، مثلت هذه الأحداث الدموية شرارة اندلاع الثورة الألمانية. بحلول اليوم التالي، أصبحت مدينة كيل بقبضة جنود البحرية المنشقين الذين لقوا دعما وتعاطفا كبيرا من الأهالي وأفراد جيش البر والشرطة المتمركزين بالمدينة.

ويوم 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1918، فقدت السلطات الألمانية السيطرة على مدينة فيلهيلمسهافن التي وقعت بدورها بيد قوات البحرية المنشقة. إلى ذلك، أسس المتمردون مجلس البحارة والعمال الذي سرعان ما قدّم للسلطات الألمانية قائمة تضمنت 14 مطلبا طابوا من خلالها أساسا بإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين ورفاقهم المعتقلين وحرية التعبير والصحافة ورفع الرقابة عن البريد.

خلال الأيام التالية، توسعت الحركة الاحتجاجية لتطال العديد من المدن الألمانية الأخرى. ومع فقدانهم السيطرة على مناطق عديدة بالبلاد، باشر أعضاء الحكومة الألمانية بتقديم استقالاتهم. وأمام هذا الوضع، فضّل القيصر الألماني فيلهلم الثاني التنازل عن العرش يوم 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1918.

شاهد أيضاً