هكذا تحولت الألعاب الأولمبية لعرض هزلي سنة 1904

خلال العام 1904 استضافت الولايات المتحدة الأميركية للمرة الأولى بتاريخها الألعاب الأولمبية. وقد احتضنت مدينة سانت لويس (St. Louis) بولاية ميسوري (Missouri) هذا الحدث الرياضي العالمي بالتزامن مع استضافتها للمعرض العالمي الذي نظّم حينها لإحياء الذكرى المئوية لصفقة شراء لويزيانا (Louisiana) التي وافق الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت على بيعها للولايات المتحدة الأميركية مقابل مبلغ زهيد.

وشهدت الألعاب الأولمبية لعام 1904 العديد من الغرائب وصنفت بذلك كأغرب ألعاب أولمبية بالتاريخ. فإضافة للاعب الجمباز الأميركي إيزي جورج (Easy George) الذي امتلك رجلاً واحدة سليمة وأخرى مصنوعة من الخشب وتمكن من تحقيق 6 ميداليات منها 3 ميداليات ذهبية، دخل ماراثون سانت لويس 1904 التاريخ كأحد أسوأ الأحداث الرياضية التي عرفتها البشرية بسبب الغرائب والطرائف التي رافقته.

توماس هيكس عقب نهاية السباق

توماس هيكس عقب نهاية السباق

ومثّل الماراثون الحدث البارز بالألعاب الأولمبية حيث جاء هذا السباق الرياضي لتخليد الإرث التاريخي الإغريقي وخلق رابطا بين الألعاب الأولمبية القديمة والحديثة. وخلافاً للمتوقع، جاء ماراثون سانت لويس عام 1904 ليقدم صورة سيئة عن الألعاب الأولمبية. وبناء على صحف تلك الفترة، كان هذا الحدث الرياضي أشبه بعرض سيرك أو كرنفال وتسبب في فضيحة دفعت بمسؤولي اللجنة الأولمبية للتفكير في حذف الماراثون من الألعاب الأولمبية مستقبلاً.

وتضمنت قائمة المشاركين بالماراثون 32 رياضياً كان من ضمنهم عدد من العدّائين المشهورين بالولايات المتحدة الأميركية. ومن ناحية أخرى، تضمنت القائمة أشخاصاً افتقروا للخبرة. فإضافةً لعشرة يونانيين لم يشاركوا بأي سباق طيلة حياتهم، تواجد على خط الانطلاق رجلان من جنوب إفريقيا من قبيلة تسوانا (Tsuana) حافيا القدمين وبدون ثياب لائقة. وقد جاء هذان الرجلان أساساً ليُعرضا على الملأ بالمعرض العالمي فوجدا نفسيهما ضمن المشاركين بالماراثون.

صورة للمتسابقين من جنوب أفريقيا

صورة للمتسابقين من جنوب أفريقيا

أيضاً، تضمنت قائمة المشاركين عداء غريب الأطوار من كوبا عرف بفيليكس كاربخال (Felix Carbajal). فبعد أن أثار إعجاب الجميع بسرعته الفائقة بموطنه، تمكن هذا الكوبي من جمع بعض التبرعات للسفر لسانت لويس. ومع حلوله بفلوريدا، شارك كاربخال بلعبة حظ خسر خلالها جميع أمواله فاضطر للتنقل لسانت لويس بطرق مختلفة تراوحت بين السير على الأقدام والتسول للحصول على بعض المال لركوب القطار. ومع حلوله على خط الانطلاق، ارتدى هذا الرجل الكوبي سروالاً طويلاً وحذاءً كبيراً. ومع مشاهدته، أشفق عليه أحد العدائين الأميركيين فمنحه حذاء ملائماً وساعده على قص سرواله بالمقص قبل بداية المارثون.

وخلال الماراثون، صدم مسؤولو اللجنة الأولمبية من هول ما حصل. فمع بداية السباق، لاحقت بعض الكلاب السائبة عداء من جنوب إفريقيا لأكثر من كيلومترين. فضلاً عن ذلك، استنشق أحد المشاركين كميات كبيرة من الغبار وتعرض لنزيف حاد كاد يموت بسببه لولا تدخل المسعفين في الوقت المناسب، كما تعرض الأميركي جون لوردون (John Lordon) لمشاكل صحية واضطر لمغادرة المسابقة بعد أن تقيأ كثيراً.

من ناحية، أقدم الكوبي فيليكس كاربخال على سرقة خوختين من أحد الحاضرين وأكلهما وهو يجري قبل أن يتوقف لاحقاً لقطف تفاحة فاسدة انهار حال تناولها.

صورة للعداء الكوبي فيليكس

صورة للعداء الكوبي فيليكس

وأثناء السباق، تعرض الأميركي توماس هيكز (Thomas Hicks) لمشاكل صحية أعاقت تقدمه فاضطر للاتكاء على مساعدين لمواصلة السباق قبل أن يعمد فيما بعد لتناول منشطات تضمنت كميات ضئيلة من مبيد الفئران. أيضاً، لجأ الأميركي فريد لورز (Fred Lorz) للغش. فبعد أن تظاهر بالإصابة، خرج الأخير عن مسار السباق وركب سيارة، قادها عدد من رفاقه لمسافة 14 كيلومتراً ليصل بذلك لخط النهاية قبل الجميع ويحل أولاً.

وأثناء حفل التكريم الذي حضرته ابنة الرئيس ثيودور روزفلت، انكشفت حقيقة فريد لورز واتُهم بالغش ليؤول بذلك اللقب للفائز الثاني توماس هيكز. وأثناء فترة التحقيق، أكد لورز أنه لم يكن ينوي الفوز وتحدّث عن نيته الاعتراف بالحقيقة حال حصوله على اللقب.

المصدر

شاهد أيضاً