جارث إدواردز: أفلام الوحوش والخيال العلمي نوعي المفضل

محمد رُضا

أخرج جارث إدواردز (44 عاماً)، 3 أفلام كبيرة، من أصل 4 أعمال تحسب له، وكلها نجحت فنياً وتجارياً. هي «جودزيلا» و«ستار وورز: روج وَن» و«ستار وورز: الجيداي الأخير». الأول حقق إيرادات أكثر من 500 مليون دولار. الثاني حصد مليار دولار والثالث تجاوز المليار ب 338 مليون دولار. وبذلك أسس نفسه كأحد البارزين حالياً في سينما الخيال العلمي وأفلام الوحوش. ونتعرف خلال المقابلة التالية، إلى أفلامه وتاريخه الوجيز في السينما.

بنيت نجاحك على 3 أفلام متتابعة، «جودزيلا» و«ستار وورز: روج وَن» والجزء الأخير من «ستار وورز». هل هذا النجاح مبني في الأساس على وجود شعبية جاهزة لهذه الافلام، أم أنك المسؤول الأول عن نجاحها؟

– أعتقد أنها حالة ممتزجة، بالطبع هناك عناصر فنية كثيرة تشترك في النجاح الكبير الذي تحقق بدءاً من الكتابة، وكنت محظوظاً في أن السيناريو الذي عملت على أساسه كان موسوماً بكتابة ملمة أرادت الخروج عن المتوقع من الأحداث وفعلت. لكن في الوقت نفسه لا يمكن نفي أن الكثير من النجاح يعود إلى ما تم تأسيسه في الماضي خلال أجيال متعاقبة من السينمائيين كما من المشاهدين.

كيف يمكن لكاتب أو لمخرج أن يأتي بجديد لعمل وصل إلى ثمانية أو تسعة أجزاء ؟

– هذا ما قصدته عندما قلت إن السيناريو كان ملماً. قصدت إنه كان مدركاً ماضي الأجزاء البعيد والأجزاء القريبة. ككاتب أحاول دائماً أن آتي بحكاية جديدة من دون أن تنفصل عن الحكاية الأصلية أو عن شخصياتها، وهذا هو الصعب بحد ذاته.

ما هو الاختلاف بين «جودزيلا» و «ستار وورز: آخر جيداي» بالنسبة لك؟

– أكنّ التقدير الكبير لجودزيلا، كفيلم، لولاه لما كنت من بين الذين اشتركوا في إخراج الجزأين الأخيرين من «ستار وورز». لكن الاختلاف هو أن «جودزيلا» كان فعلاً مستقلاً. تمتع بحرية أكثر. «ستار وورز» كان محدوداً أكثر، ومجال الإخراج الممنوح في «ستار وورز» أضيق من «جودزيلا».

ما الذي تقصده بأن «جودزيلا» كان فعلاً مستقلاً؟

– أقصد أن الوضع استند إلى حكاية مفتوحة. هناك وحش من أعماق البحار وهذا ما يفعله عندما يصعد إلى السطح. سيثور وسيهاجم وسيدمر. في «ستار وورز» كان لابد من العودة إلى أصول الحكاية والأسباب الجديدة عليها أن تنتمي إلى الأسباب السابقة. الحدث الحالي لا يأتي من فراغ بل هو تكملة.

هل توافق على أن بصمة المخرج الذاتية لا يصبح لها وجود فعلي في مثل هذه الأفلام الكبيرة؟

– لا أوافق إلاّ من حيث النظر إلى العموميات. خذ «ستار وورز: الجيداي الأخير». شاهده وفي بالك ما قمت به أنا كمخرج. ثم خذ فيلماً آخر من السلسلة وشاهد ما قام به مخرجه تجد الاختلاف في مساحته الكبرى ذاتياً. رؤيتك لكيفية تنفيذ المشهد التالي هو ال DNA الخاص بك وحدك وليس غيرك.

هل واجهت مشاكل مادية خلال العمل؟ أم أنك حافظت على الميزانية التي تم اعتمادها لأي من هذين الفيلمين؟

– من بعض مهام المخرج، الحفاظ على الميزانية كما هي، ولكن هناك في بعض الأحيان مخاطر وظروفاً. تقوم بالتصوير في جزيرة ما بعد أن أرسيت التصاميم الهندسية للمكان ونقلت الممثلين والمعدات، وفجأة تكتشف خطراً بركانياً، أو تصوّر في عز الصيف فتمطر عليك، فيتأجل التصوير وتزيد التكاليف.

* تكلف فيلمك الأول «وحوش» 800 ألف دولار وبلغت تكلفة بعض مشاهد «جودزيلا» مليون دولار، هل هذا صحيح؟

– بالفعل، هناك مشهد للممثل الياباني كن واتانابي والممثلة البريطاني سالي هوكينز، يحتم عليهما أن يمشيا بين الحفريات الكبيرة ويتحدّثان حول الاكتشافات ويرسمان على وجهيهما التعابير المطلوبة. هذا في الأساس مشهد عادي، لكن التنفيذ لم يكن سهلاً.

لماذا؟

– استغرق تصوير هذا المشهد يومين بدلاً من يوم واحد كما كان مبرمجاً له. السبب هو أن واتانابي وهوكينز كان عليهما ارتداء قناعي أوكسجين لكن زجاج القناعين كان يُصاب بالغبش سريعاً فلا نستطيع أن نرى وجه الممثل ولا هو قادر على أن يتحدث بصوت عالٍ كافٍ لأن تلتقطه آلات الصوت. تطلّب الأمر ابتكار مراوح صغيرة يتم وضعها بجانب الرأس لكي تبقي الزجاج واضحاً، والعمل على تغيير نظام الصوت. وفي النهاية استطعنا الحصول على المطلوب.

جئت من خلفية العمل في المؤثرات البصرية، لكن ما الذي دفعك صوب هذا العمل في الأساس؟

– أحببت السينما منذ أن كنت ولداً صغيراً. أردت أن أصبح مخرجاً وأن أحقق الأفلام التي أحبّها أكثر من سواها التي كانت الخيال العلمي وأفلام الوحوش المدمّرة. كنت مشاهداً مثالياً لأنواع كثيرة لكن أفلام الوحوش وأفلام الخيال العلمي كانت عندي النوع المفضل. ودرست الإنتاج في لندن وانخرطت في عداد العاملين في المؤثرات السينمائية وهذا أفادني لأنني عندما قمت سنة 2010 بتحقيق فيلمي الأول «وحوش» وفّرت على الإنتاج أطناناً من المال لأني قمت بتنفيذ المؤثرات بنفسي.

هل شاهدت أفلام «جودزيلا» اليابانية؟

– كنت لا أزال صغيراً عندما قام «معهد الفيلم البريطاني» بعرض مجموعة من أفلام جودزيلا اليابانية، وفوجئت في الواقع بمدى جدّيتها. لم أكن أعرف تماماً أن هذه الأفلام عالجت الوحش وفكرة خروجه من الماء وهجومه على المنشآت والمدن على نحو جدّي. أعتقد أنني كنت ما زلت تحت تأثير تلك الرسوم الكوميدية. وهذا ما بقي معي عندما بدأت العمل على هذا الفيلم. أريد أن أقدم فيلماً جادّاً كما لو كان جودزيلا وحشاً حقيقياً وما يحدث على الشاشة يحدث بالفعل.

هل كان غريباً أن تتم إسناد مهمة إخراج «جودزيلا» إليك وأنت بلا خبرة في ذاك الوقت بميزانية 160 مليون دولار؟

– لك حق في التساؤل وسألني قبلك كثيرون حول السبب الذي دفع هوليوود لكي تتعامل مع مخرج لم يسبق له إخراج فيلم بهذه الميزانية وبهذا الحجم من قبل، وجوابي الفعلي أنني لا أعرف تماماً. لم أسأل «شركة وورنر» صاحبة القرار، ويبدو لي أنني أحسنت بأني لم أسأل، لأنه لو سألت المنتجين عن السبب الذي من أجله تم اختياري فإن الوساوس قد تحيط بهم وتدفعهم للتساؤل عما أحسنوا الاختيار.

هل شاهدت نسخة رولاند إيميريش من «جودزيلا» قبل 15 سنة من فيلمك؟

– نعم شاهدته لكني لن أتحدث عن أفلام سواي.

ماذا عن أفلام «ستار وورز» الأولى؟

– كانت العودة لمشاهدة أفلام جورج لوكاس والثلاثية الأولى تحديداً مهماً جداً. شاهدتها وأنا صغير، لكن كمولع بالسينما فقط. الآن فإن مشاهدتها هو من ضمن العمل، لأنه عندما تكتب فيلماً مستوحى من سلسلة سابقة، عليك أن تتقن الكيفية التي تتعامل فيها مع الشخصيات السابقة. كذلك على الأحداث كما ذكرت، أن تبقى موحدة ومستقرة على الأمور التي لابد أن تبقى متحدة. لا تستطيع أن تصنع «ستار وورز» جديد لا علاقة له بالمفهوم الكامل للأجزاء السابقة.

* هل صحيح أن شغل المخرج أليخاندرو إيناريتو في فيلم «المنبعث» أثر فيك؟

– نعم.

* لكن كيف؟«المنبعث» كان فيلم وسترن تاريخياً، و«ستار وورز» كان خيالياً بالكامل.

– صحيح. لكن ما أحلم بتحقيقه حتى في أفلام مصممة أساساً على أن تنتمي إلى مسلسل له شروط عمل محددة، هو كيف يمكن لي المزج بين الالتزام بالمعهود والإتيان بالجديد. فيلم «المنبعث» هو من صنع هوليوود وشروطها، لكنه في الوقت ذاته حمل الكثير من ذاتية المخرج، من ابتكاراته، لكن ذلك الفيلم ليس مقيداً بأفلام تشكل مسلسلاً كما الحال بالنسبة لأفلامي. ارتباطه الوحيد هو أن يحقق فيلماً بحسابات هوليوود التجارية. وتحقيق ذلك من شأن المخرج. في هوليوود هناك «المسطرة» ثم هناك الطريقة التي ستمسك بها هذا النموذج وتلويه.

هل سيكون الجزء المقبل من «ستار وورز» من إخراجك أيضاً؟

– الفيلم ما زال في مرحلة التكوين الأولى، ونحتاج إلى سيناريو جيد وخطة عمل تضعها ديزني، ولن أشترك بها إلا إذا تم اختياري. لكن عندي مشروعي الخاص، فيلم بعنوان «إلى الأبد» وأحتاج لبعض الوقت لكي أنهي السيناريو.

شاهد أيضاً