«توي ستوري 4».. فيلم خمس نجوم

مارلين سلوم

ليس سهلاً أن يحافظ فيلم على نفس المستوى الذي انطلق منه قبل 24 عاماً، فما بالك إذا استطاع أن يثبت نجاحه على مر السنوات والأجزاء، والتفوق في كل مرة بفضل الحرص على مواصلة تقديم فكرة مختلفة، ونقل عالم الدمى إلى الواقع، وتحليل العلاقة بين الإنسان والأشياء، وبينه وبين متعلقاته الخاصة وذكريات الطفولة والصور العالقة في الذهن.. هذا ما يفعله «توي ستوري» المستمر في التميز بجزئه الرابع، ليتربع على عرش الإيرادات في الصالات عالمياً.
كيف يحقق فيلم كرتون نحو 400 مليون دولار إيرادات، خلال عشرة أيام فقط من انطلاق عرضه؟ «توي ستوري» فعلها، فهو الذي استطاع أن يكسب إعجاب الجمهور والنقاد بلا منازع، ليؤكد مجدداً وبجزئه الرابع أنه «فيلم خمس نجوم».
فيلم كرتوني، شخصياته الرئيسية دمى وألعاب، والإنسان فيه ضيف شرف، إلا أنك تجد نفسك مشدوداً إليه، متأثراً بأحداثه، متفاعلاً مع كل ما يمر به أبطاله من صعود وهبوط، نجاحات وخيبات، بل إنك تحزن وتبكي لفراق أي دمية!
ميزته أنه يقلب الأمور، يجعلك ترى الإنسان بعيون ألعابه التي ترافقه منذ طفولته، أو تلك التي عاش معها لحظات جميلة في الصغر، وشكّلت بعضاً من ذكرياته، ثم تخلى عنها لأنه صار ناضجاً. يحمل رسائل ذات قيمة عالية، وفي كل مرة يحرص على تسليط الضوء على قضية مهمة، مع زيادة جرعة النفحة «الإنسانية والأخلاقية»، متمسكاً بالقيم والمبادئ. فمن خلال البطل وودي (الذي يستمر بتأدية دوره طوم هانكس)، نعيش ساعة و40 دقيقة من المغامرات والتشويق المحبب، والتصوير والإخراج الرائع، بلا خيال علمي وإبهار استعراضي.. وكأنك أمام دراما اجتماعية حقيقية، تحكي عن معنى الولاء، والتضحية، والبحث عن الذات.
دائماً يضيف شخصيات جديدة، دون أن يتخلى عن القديم منها، بل ينطلق من الماضي، ليذكرك بما حدث. في هذا الجزء يستعيد مشهد انتقال «الدمية الكاوبوي» وودي من منزل صديقه آندي، الصبي الذي تعلق به منذ طفولته ثم قرر التخلي عنه لذهابه إلى الكلية، فيعطيه لابنة أصدقائهم بوني. تتطور الأحداث وبشكل منطقي، مع وصول بوني إلى مرحلة دخولها الروضة، وهو اليوم الصعب الذي يشعر فيه وودي بضرورة مرافقة الطفلة في تجربتها الأولى في المدرسة.
يتسلل إلى حقيبتها، وهناك يساعدها بطريقة غير مباشرة، فيضع أمامها أدوات بسيطة من سلة المهملات داخل الصف، عبارة عن شوكة بلاستيكية وعينين غير متساويتين، واحدة كبيرة والأخرى صغيرة، أداة رفيعة تستخدم لتنظيف الأنابيب تحولها بوني إلى يدين للشوكة، وعود خشبي من أعواد المثلجات تقطعها إلى نصفين لتصبحا قدمين. طارت الطفلة من الفرح وأطلقت على ما صنعته اسم «فوركي» كتدليل ل«فورك» أي شوكة.
تشعر بأنك أمام فريق تضامن لإنجاح هذه المهمة، يضم المخرج جوش كولي، وقد شارك في التأليف بجانب جون لاسيتر، الذي تولى بنفسه إخراج الجزء الأول بجانب كتابة القصة مع أندرو ستانتون، ومعهم ستيفاني فولسوم، رشيدة جونز وغيرهم. يقدمون الفيلم وكأنه كتلة من المشاعر، سواء لدى الطفلة بوني وخوفها وقلقها من المدرسة، أو تعلقها بالأشياء البسيطة التي تصير كبيرة في عيني أي طفل، ولها أهمية لدرجة أنها لا تستغني عنها أبداً. أو لدى الدمى التي تحاكي الأطفال من حيث التصاقها بها وإحساسها بالحزن والفرح، وخوفها من الوحدة والإهمال.
«فوركي» يرفض الانتماء إلى عالم بوني ليكون إحدى ألعابها، فيرمي بنفسه دائماً في سلة المهملات، فيلتقطه وودي ويعيده إلى أحضان الفتاة. يخوض بسببه مغامرة طويلة، في سبيل إقناعه بأهمية أن يكون لعبة تسعد طفلاً، وتخرجه من إحساسه بالخوف أو الوحدة أو الحزن.
من خلال «فوركي»، تنتقل الفكرة من عالم الدمى والألعاب إلى النفايات أو المهملات، فهي أيضاً يمكن استغلالها بشكل جميل، لتصير مفيدة ونافعة للإنسان. الرسالة تصل سريعاً، بأنه يمكن لأي طفل أن يصنع أبطاله بنفسه، من أبسط الأدوات المنزلية، من المواد الصالحة لإعادة التدوير، كما يحث الكبار على فتح مجال الإبداع أمام الصغار وإعمال عقولهم ليبتكروا، ويكونوا شركاء في صناعة ألعابهم.
دهشة وخوف وغضب وانفعال وحزن وبهجة، ملامح لا يمكنك إلا أن تصدقها، ومراحل كثيرة ومغامرات يمر بها أبطال الفيلم الرئيسيون، مؤكدين أهمية العمل كفريق واحد دائماً، وودي (طوم هانكس)، باز (تيم آلن)، بو بيب (آني بوتس)، فوركي (طوني هايل)، جابي جابي (كريستينا هندريكس)، ديوك كابوم (كيانو ريفز نجم أفلام جون ويك، ذا ماتريكس وغيرها..).
الفيلم ينجح بلا عنف ولا دماء أو رعب، ويصل إلى الجمهور بسلاسة ومواقف طريفة وفرح نحتاجه جميعاً، لذا ترى الصالات تعج بالكبار والصغار على حد سواء لمشاهدته.

marlynsalloum@gmail.com

شاهد أيضاً