ماريا بيللو: أبحث في «كل يوم» عن حب صادق

شبكة أخبار الإمارات ENN

محمد رُضا

في فيلمها الجديد تؤدي الممثلة ماريا بيللو دوراً جديداً عليها في فيلم درامي يجمع الخيال والرومانسية. الفيلم هو «كل يوم» وتؤدي فيه شخصية ليندسي المرأة التي كانت تعيش حياة عادية إلى أن تلتقي برجل له شأن غريب، وتقع في حب رجل قادر على التغير كل يوم. يتخذ شخصية جديدة وشكلاً مختلفاً ما يثير حيرتها في البداية لكنها، وضمن هذا السياق الفانتازي، تتعود على ما تشهده من حالات ثم تقع في حبه متسائلة إذا ما كان يكنّ لها الشعور نفسه.
ماريا بيللو دائماً ما بحثت عن مواضيع جديدة غير مطروقة، لكنها لم تكن دائماً محظوظة في أن تجد ما تبحث عنه. في الحقيقة، وككل الممثلات المعروفات في هوليوود لم تكن في وضع يسمح لها بأن تختار ما تعتقد أنه يناسبها من أدوار. وفي البداية قامت بتمثيل عدد كبير من الأفلام التي تعترف، كما سيرد في المقابلة، بأنها لم تعن لها الكثير.
لكن ماريا برهنت على موهبة وضعتها في مصاف الممثلات الطموحات منذ أن وقفت أمام الكاميرا لأول مرة في مطلع التسعينات. وبعد أقل من عشر سنوات كانت أصبحت وجهاً مؤكداً واسماً معروفاً بين متخذي القرارات في هوليوود. تم طلبها من دون سواها لتكون شريكة مل جيبسون في «استجابة»، و«كويوتي»، ثم «سلفر سيتي»، و«هجوم على المقسم 13». ولا ننسى الفيلم الذي انتقل بها إلى مهرجان «كان» وهو «تاريخ العنف» الذي نالت عنه مدح النقاد أكثر مما ناله بطل الفيلم نفسه فيجو مورتنسُن.
وفي السنوات القريبة الماضية لعبت أدواراً في عدد من الأفلام المهمّة من بينها «الموجة الخامسة» و«التأكيد» و«ماكس ستيل» ولديها فيلم من إنتاجها عنوانه «في البحث عن فيلليني».

* عنوان هذا الفيلم الجديد «في البحث عن فيلليني» مثير للاهتمام. هل هو بالفعل عن هذا المخرج الرائع؟
– نعم. كله عن فديريكو فيلليني. إنه أقرب لأن يكون تحية له، بل هو كذلك فعلاً.

* من أي ناحية؟ هل هو سيرة شخصية مثلاً؟
– لا، ليس على الإطلاق. إنه عن امرأة تعيش في بلدة صغيرة وتحاول إنقاذ نفسها من الضجر، ومن علاقاتها مع الواقع المحيط عبر مشاهدة الأفلام. وفي أحد الأيام تكتشف عالم فيلليني عبر أفلامه وتسحرها تلك الأفلام بجمالها وبعذوبتها، وها هي تقرر البحث عنه في إيطاليا لتعلن عن مدى إعجابها به.

* يبدو مثيراً للاهتمام أن أحداً تذكره وصنع فيلماً عنه. أنت المنتجة المنفذة كما علمت؟
– هو فيلم نسائي رقيق في الوقت ذاته من حيث إن معظم الأدوار الأولى نسائية. حين تم الاتصال بي كان الرغبة هي أن أقوم بأحد أدواره فقط، لكني تطوعت لكي أقوم بدور المنتج المنفذ. شعرت بأنني مدينة لهذا المخرج بالكثير.

* متى تعرفت إلى أفلامه؟
– أنا مثل الشخصية التي شرحتها لك. شاهدت أفلام فيلليني بالصدفة أولاً. كنت أبحث عن أفلام أوروبية من باب الاطلاع عليها. طبعاً كنت أعرف اسمه لكني لم أكن شاهدت له أي فيلم، وأنا أتحدث عن خمس عشرة سنة وأكثر. وما إن شاهدت «أماركورد» و«ساتيريكون» و«لا دولتشي فيتا» حتى أدركت أن الفن رسالة وهي الآن تخصني كما كانت تخصّه. كم أتمنى لو أنه ما زال حياً، أو لو أن هناك مزيداً من المخرجين مثله.

* ماذا عن «كل يوم»؟ ما الذي جذبك إليه؟
– هذا مثير في الواقع لأن هناك علاقة خفية بين الشخصيتين. في الفيلم الذي كنا نتحدث فيه تبحث الفتاة عن عبقرية فيلليني. في «كل يوم» تبحث بطلة الفيلم التي هي أنا عن حب صادق وتجده في شخصية بعيدة عن الواقع. إنه موضوع مختلف لكن البحث في اعتقادي واحد.

* أحد أنجح الأفلام التي قمت بتمثيلها «وورلد ترايد سنتر» الذي تناول أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر. كان الدور محدوداً، لكنك النقاد تحدثوا عنك أكثر من حديثهم عن أي ممثل رئيسي فيه.
– هذا ما أسعدني كثيراً، لأن الحادثة هزتني كما هزت ملايين الناس. الحياة بعد ذلك الفعل الإرهابي لم تعد كما كانت قبله. أنا نيويوركية، وفي ذلك اليوم كنت مع والدتي ومع ممرضتها، وتم الطلب من كل الممرّضات وكل الأطبّاء التوجه إلى مستشفى سانت ڤنسنت. توجهنا جميعاً إلى هناك، ووالدتي عملت هناك طوال اليوم. كنا بانتظار تدفّق ألوف الجرحى، لكن كما تعلم الألوف هم الذين ماتوا والجرحى كانوا أقل من ذلك. أتذكّر أنني مشيت مسافة طويلة إلى الشارع السادس في القسم الغربي لكي أرى ما يحدث، وشاهدت ذلك الرجل مغطّى بالدماء جالساً يبكي، وآخر مثله يواسيه ويقول له «كل شيء سيكون على ما يرام». شعرت حينها بعظمة تلك اللحظة الأخوية، وكيف أن المأساة تقرّب الناس إلى بعضهم بعضاً.

* أنت خريجة علوم سياسية. هل ما زلت تهتمين بالسياسة؟
– اهتمامي تبدل كثيراً عما كان الحال عليه عندما كنت شابّة. في البداية كنت أبحث عن مهنة في العمل السياسي، وكنت مندفعة في سبيل تحقيق هذا الهدف. لكن مع الوقت تبدلت نظرتي إلى السياسة. وجدتها أقرب لأن تكون مطية لمناصب، أو لنوايا شخصية. قد تكون فاسدة أو غير مسؤولة، وهي بالتأكيد تؤدي إلى فوضى في العلاقات، بل إلى حروب ليست ضرورية.

* كيف تختلف نظرتك اليوم عما كانت عليه بالأمس تجاه السياسة؟
– يكفي أن أقول لك إنني انتقلت من القبول بالحروب كضرورة، إلى معارضتها بالكامل أينما كانت.

* كيف أثرت خلفيتك في عملك كممثلة؟
– لا أعتقد أن التأثير وارد. ليس هناك علاقة. لكن بالنسبة لدوري في «وورلد ترايد سنتر» وهو دور امرأة حقيقية كبقية شخصيات الفيلم، فإن رغبتي كانت تجسيد حقيقتها كامرأة عادية. امرأة ليست بالضرورة رشيقة مثل نجمات السينما. بل امرأة بسيطة لديها حياة عائلية خاصّة بها لم تكن تظن للحظة أنها ستمر بمثل هذا القدر من البؤس، وهي تحاول جمع أسرتها والسيطرة على مشاعرها في هذا الوقت العصيب. حين قررت أن ألعب دور هذه المرأة استمدّدت من حياتها هي ومن شخصيّتها لكني أيضاً منحتها من مشاعري. أحسست بأنها من نساء العائلة.

المرأة والرجل

* قبل ذلك الفيلم بسنوات قليلة ظهرت في دور جيد آخر عنوانه «تاريخ العنف» وكتب أحد النقاد المعروفين في مجلة «تايم» أن كل الشخصيات الرجالية شبه مجنونة. المرأة هي العاقلة الوحيدة. وهذه المرأة هي أنت. هل توافقين؟
– هل تسألني أن أمدح نفسي؟ هذا مستحيل، لكن إذا ما كان ذلك صحيحاً، وأنا لا أعتقد أنه صحيح، فإن مرد ذلك ليس أن زملائي من الرجل لعبوا شخصيات مجنونة، بل لأن دوري حتم عليّ المرور بمرحلتين. لقد أديت دور زوجة تكتشف أن زوجها له سوابق في عصابة، وربما نفّذ مهام قتل. بطبيعة الحال أي امرأة تكتشف شيئاً كهذا في تاريخ زوجها، شيئاً لم تكن تعلم به، ستصدم وستفكّر في أن تترك وأولادها البيت. حسب القصة وقبل أن تبلغ هذا القرار ينبري الزوج إلى محو تاريخه الشائن بنفسه.

* ما رأيك في موضوع التحرش الجنسي ومضاعفاته الحالية؟ هل تؤيدين وجهة النظر الأمريكية، أم الفرنسية؟
– أعتقد أن وجهة نظر الممثلة الفرنسية كاثرين دينوف ليست معادية، هي قالت إنها لا توافق على إشاعة موقف قائم على نفي الطبيعة البشرية. كل النساء حول العالم يتعرضن للتحرش، ربما بكلمة بسيطة، أو بفعل يستوجب العقاب. من هذه الناحية أوافقها على ذلك، لكني مع المسألة من ناحية أن هوليوود تحتاج لوضع حد لكل هذا الانسياب الأخلاقي الذي يميز هذه المرحلة. مرحلة ما بعد فضيحة هارفي وينستين.

* لكن كما تعلمين، التحرش بالمرأة في هوليوود سبق حتى ولادة وينستين قبل خمسين سنة. لماذا لم نسمع عن محاولات نسائية لوضع حد لذلك؟
– لكي أكون صادقة معك لابد أن أقول إنني لا أدري. لكن ظني هو أن التحرش الجنسي مورس كما تقول منذ سنوات بعيدة، لكنه كان دائماً محاطاً بخوف المرأة من الحديث عنه، لأنه يضر بسمعتها، ولأنه يضر أيضاً بعملها. الممارسون لهذه الاعتدادات كانوا دائماً من أصحاب السلطة في هوليوود. رجال الأعمال، والمنتجون الكبار الذين لم يكن بالإمكان التعرض لهم. ماذا ستفعل المرأة التي وقعت ضحية تحرّش إذا ما اشتكت سوى أن تجد نفسها بلا عمل، ومستقبلها الفني ذهب من غير رجعة؟

* وما رأيك أن أجر الممثل الرجل أكثر من ضعفي أجر الممثلة؟
– هذا شائن. لكنه في نظري أمر يتبع الحديث عن التحرش الجنسي. هم أنفسهم الذين يرتكبون الفعل الأول يرتكبون الفعل الثاني. يعتقدون أن العالم للرجل وحده، ويحددون الأسعار التي يرونها مناسبة لجيوبهم. لكني آمل أن تؤدي الاحتجاجات النسائية الأخيرة إلى انتهاء هذا الوضع المعيب بأكمله.

شاهد أيضاً