«الرجل العنكبوت».. نجم «يوتيوب» عصري

شبكة أخبار الإمارات ENN

مارلين سلوم
الأفلام التي لا تموت ولا تشيخ أبداً تماماً مثل أبطالها، هي أفلام «الأكشن» والخيال العلمي، التي تتجدد لتجذب الأجيال المتعاقبة، وتمتلئ الصالات على آخرها كلما زادت جرعة الخيال فيها، وكلما تطور الأبطال الخارقون ليحاكوا الشباب والمراهقين باستمرار. فيلم «الرجل العنكبوت: العودة إلى الوطن» يجدد شباب «سبايدرمان» لنراه مراهقاً ظريفاً، يستخدم الهاتف النقال وتتطور وسائله وأساليبه، فتنجح «مارفل» مرة أخرى في كسب ود الجمهور.
لن يمل المشاهد من متابعة أفلام الأبطال الخارقين والصراعات الوهمية على الشاشة. ولن تمل شركات الإنتاج الكبرى من إعادة تدوير قصصها؛ حيث عملت شركة «مارفل كوميكس» على تقديم مغامرات «الرجل العنكبوت» منذ عام 1962، في قصص مصورة ومسلسلات تلفزيونية وأعمال كرتون، وصولاً إلى الأفلام، وها هي تستعيد الشخصية بعدما منحت حق استثمارها سينمائياً لشركة «سوني»؛ لتحتفل بعودة «سبايدرمان» إلى بيته الأصلي، في فيلم شاركت في إنتاجه أيضاً استوديوهات «كولومبيا بيكتشرز»؛ ليحقق أعلى إيرادات بلغت أكثر من 485 مليون دولار أمريكي، ليقترب من النصف مليار دولار، متخطياً تكلفة إنتاجه بأشواط (175 مليون دولار).
كان من الضروري تطوير الشخصية كي تتماشى مع العصر الحالي، ومع عالم الإلكترونيات الذي بات يعرف عنه الشباب الكثير؛ إذ ليس من المنطقي أن يبقى «الرجل العنكبوت» طالباً في الثانوية، ولا يحمل هاتفاً نقالاً، أو أن يبقى فضوله العلمي وذكاؤه الخارق الذي اشتهر به، عند حدود القفز والاستفادة من المؤهلات الخارقة التي منحته إياها لسعة العنكبوت. من هنا نرى التطور المنطقي والإيجابي الذي حصل للبطل بيتر باركر (توم هولاند) وخروج «الرجل العنكبوت» عن الإطار الضيق لقصصه المعهودة. هذه المرة لم تعد بنا القصة التي كتبها مجموعة من المؤلفين، منهم: جوناثن جولدستاين، وجون ديلاي، ومعهم مخرج العمل جون واتس، إلى الرواية الأساسية والمعهودة حول كيفية تحول بيتر باركر من طالب عاشق للعلم، إلى إنسان خارق القدرات؛ بل ينطلق من تجربة مختلفة؛ حيث نرى باركر شاباً متدرباً في شركة «ستارك للصناعات»، التي تصنع مستلزمات مختلف الشخصيات الخارقة.
يصور بيتر باركر تفاصيل رحلته عبر الفيديو، وإلى جانبه توني ستارك الشهير ب «آيرون مان» (روبرت داوني جونيور)، الذي أتاح له هذه الفرصة الذهبية، ووعده بإعادة الاتصال به للعمل مع الشركة بشخصية «الرجل العنكبوت». شرط أن يلتزم باركر بالضوابط المفروضة عليه، ويبقى على تواصل مع هابي هوغن (جون فافرو) الذي يشرف مباشرة على تحركات بيتر. يفوز الشاب ببذلة «سبايدرمان»؛ لكنه يخرق الاتفاق بمحاولته مساعدة الناس، يصبح نجم «يوتيوب»؛ حيث يقوم البعض بتصويره أثناء مغامراته عبر الهواتف النقالة، فيقع في مشاكل عدة، ما يجبر توني ستارك على التدخل وتهديده بطرده من الشركة؛ بسبب تهوره وعدم استعداده للانضمام إلى فريق «آفنجرز» الخارق.
تتوالى الأحداث لتجعل من بيتر رجل عنكبوت حقيقي، يطوّر بذلته بنفسه، وهنا يظهر جانب آخر من محاكاة العصر الحالي، إضافة إلى «يوتيوب» والهاتف النقال؛ حيث يفكك الشاب جهاز المراقبة الموصول ببذلته حتى يتمكن من التحرك بحرية، وتصير بذلة رجل محترف لا مراهق متدرب. يبدأ بملاحقة أدريان تومز (مايكل كيتن) الذي يتحول إلى «نسر» حديدي خارق القوة، شرير يتاجر بالمواد الإشعاعية التي اكتشفها مع فريقه أثناء الحفريات، قبل أن تطردهم الحكومة وتمنعهم من مواصلة الحفر. بطل من أبطال «مارفل» الشريرة، ولا شك أننا سنراها لاحقاً، طالما أنها لم تمت في هذا الفيلم، واكتفى جون واتس بإلقاء القبض عليها في نهاية المعركة الطاحنة التي دارت بين «الرجل العنكبوت» و«النسر».
لا بد للرومانسية أن تلعب دورها في هذه النوعية من الأفلام، ولا بد لبيتر باركر أن يغرم بزميلته في المدرسة، وهي هذه المرة ليز (لاورا هاريير) ابنة النسر الشرير. كما لا بد للمواقف الكوميدية أن ترافق قصص «سبايدرمان»، وتلطف الأجواء دون ابتذال أو افتعال، وتجعل منها فيلماً جيداً، يمكن للأطفال والشباب مشاهدته، كما يصلح أن يكون فيلماً للعائلة. وبفضل براعة المخرج جون واتس، استطاع الفيلم أن يخرج عن سكة النمطية في تكرار قصة «الرجل العنكبوت» نفسها؛ حيث كانت الأفلام السابقة تعتمد على التغيير في الحركة والمعارك وشكل وأداء البطل.. بينما واتس فتح باباً آخر، أطل من خلاله على الجمهور ليقدم أفكاراً غير تقليدية، دون أن يسقط التقنيات الحديثة والأبعاد الثلاثية من حساباته. علماً أن هذه التقنية تكشف عيوبها أحياناً مع تغير الكوادر، فيسهل على المشاهد التمييز بين السيارات الحقيقية والمجسمات المصنوعة إلكترونياً أو داخل الاستوديوهات، ويمكنك أن تلاحظ أيضاً الفرق بين أحجام الشخصيات والأبطال في اللقطات والمشاهد.
المخرج ركز على المشاعر الإنسانية وعلى ملامح توم هولاند الطفولية البريئة، فنجح في كسب تعاطف الجمهور، وأقنعه بأنه اختار الممثل المناسب للدور المناسب.
توم هولاند نجم يسجل شهرته العالمية من خلال انتقاله مع شخصية «الرجل العنكبوت» إلى مرحلة سينمائية جديدة، علماً أنها ليست المرة الأولى التي يؤدي فيها هذه الشخصية؛ حيث ظهر بها عام 2016 مع مجموعة أبطال «مارفل كوميكس» الخارقين في فيلم «كابتن أمريكا: الحرب الأهلية»؛ لكن وقتها لم تكن الأضواء مسلطة عليه، بوجود الأبطال الأقوياء كابتن أمريكا (ستيف روجرز) و«آيرون مان» (روبرت داوني جونيور) و«الأرملة السوداء» (سكارليت جوهانسون) و«جندي الشتاء» (سيباستيان ستان) وغيرهم.. عمل ممثلاً بالصوت فقط إلى أن أتيح له الظهور فعلياً عام 2012 بفيلم «المستحيل» مع ناعومي واتس، الذي نال عنه مجموعة جوائز. وعام 2015 لعب بجانب كريس هيمسوورث في الفيلم المميز «في قلب البحر».

جونيور وفافرو.. دعم متواصل

وجود «آيرون مان» إلى جانب «سبايدرمان»، هو نوع من الدعم الذي تلجأ إليه «مارفل» في أفلامها الحديثة، حيث تظهر أكثر من شخصية خارقة في العمل الواحد. هو لم يتدخل إلا قليلاً، في أوقات حرجة جداً لمساعدة «الرجل العنكبوت». ثم رأيناه يكرّمه بتقديم بذلة حقيقية متطورة جداً، ليرتديها ويطل على وسائل الإعلام، فيتعرفوا إلى «الرجل العنكبوت» الخارق، إلا أن باركر يرفض، مكتفياً بعمله بعيداً عن الأضواء كحارس للحي.
«آيرون مان» وروبرت داوني جونيور، توأم لا ينفصل منذ عام 2008. ويعود الفضل في ذلك إلى المخرج جون فافرو، الذي اختاره بإصرار لأداء شخصية توني ستارك، ودعمه بقوة ففتح أمامه أبواب الشهرة الواسعة. فافرو يؤدي دوراً كوميدياً بسيطاً بشخصية هابي هوجن، مساعد «آيرون مان»، والمشرف المباشر على بيتر باركر، في «الرجل العنكبوت: العودة إلى الوطن».

مايكل كيتن المتلوّن ببراعة

مايكل كيتن نجم متميز، قادر على التلون والتقلب بين الشر والظرف والطيبة في مشهد واحد. هو الذي أدى دور «الرجل الطائر» في فيلم يحمل اسمه «بيردمان» في العام 2014، للمخرج الرائع أليخاندرو غونزاليز إناريتو، يؤدي هنا دور «النسر» أدريان تومز. بارع في التعبير عبر ملامحه، وقد بلغ ذروة الشر والقسوة. علماً أن شخصية «النسر» قد ترشح لها سابقاً النجم جون مالكوفيتش، وكذلك السير بن كينغسلي، ما يعني أنها تحتاج إلى نجم قوي، ليكون قادراً على إقناع المشاهد بتجسيده الشر في مواجهة الخير الذي يمثله «سبايدرمان».

marlynsalloum@gmail.com

شاهد أيضاً