القاهرة: «الخليج»

منذ البداية وهناك نزعة المقارنة بين فن الفيلم من جانب، وبين فنون الأدب والدراما من جانب آخر، ومن أوائل الكتب التي أشارت إلى فنية وحرفية الفيلم «فن الصور المتحركة»، و«القصة السينمائية»، وقد ورد في هذين الكتابين بعض هذه المقارنات، والواقع أن نزعة المقارنة هذه أصبحت ظاهرة مألوفة في كل المناقشات الجادة التي تدور حول فن الفيلم، وتبحث في جوهره وطبيعته، ويعرض الفصل الأول من كتاب «دينامية الفيلم» لجوزيف وهاري فيلدمان طرفاً من هذه المقارنات التحليلية، التي توضح العلاقة بين فن الفيلم وبين الفنون الأخرى، لا لمجرد ذكر الفروق بين كل منها، وإنما لنلقي الضوء على العناصر والخصائص المميزة لهذا الفن الجديد.
يوضح الكتاب الذي ترجمه إلى العربية محمد عبد الفتاح قناوي أنه منذ أن وضعت أول قصة سينمائية وهي «سرقة القطار الكبرى»، عام 1903 ساد الرأي بين أهل الفن والأدب، بأن الفيلم شكل من أشكال الأدب أصلاً، والواقع أن هذا الرأي غير صحيح.
وقد يبدو هذا واضحاً لأي إنسان، يشاهد فيلماً سينمائياً ويقرأ رواية أدبية، ويكون في مقدوره أن يفرق بين سمات كل من القصة السينمائية والقصة الأدبية، إلا أن ذلك لا يتم بسهولة، لأن نزعة الخلط بين السينما والأدب نزعة قديمة قدم السينما نفسها، إن الفيلم يصور لنا المواقف المتماسكة التي تعرض تطور العقدة ورسم الشخصيات وخصائص البيئة والمشاكل العاطفية والأفكار الفلسفية، وذلك عن طريق سلسلة من الصور التشكيلية والتجسيدات المرئية، التي يتم عرضها على الشاشة في قاعة مظلمة أمام جمهرة من الناس، ترى الفيلم وتسمعه.
يرى الكتاب أنه يحب ألا يقتصر عمل الفنان السينمائي على مهمة الترجمة الحرفية من النص الأدبي، إلى الوضع السينمائي، وإنما يجب عليه أن يبتكر ويحقق اللغة السينمائية في أحسن صورة، إن مجال الأدب يختلف عن مجال الفيلم اختلافاً كبيراً، باختلاف وسيلة وأداة التعبير في كل منها، ومن الممكن أن يظهر فيلم عظيم ذو قيمة فنية كبيرة مثل «مولد أمة» 1915 وقد اعتمد في موضوعه على رواية من الدرجة العاشرة تعرف بعنوان «رجل العشيرة»، للكاتب الأمريكي «توماس ديكسون»، وقد تضمنت هذه الرواية عدة فقرات تصف المعارك في أثناء الحرب الأهلية في أمريكا.
يعتبر هذا الكتاب أحد الكتب الكلاسيكية المهمة، التي تتناول نظرية الفيلم، مستعيناً بنماذج تطبيقه تعرض فيها بالدراسة والتحليل لنحو 200 فيلم من أهم الأفلام في تاريخ السينما.

Read more