سيرة الغائب الحاضر طه حسين

شبكة أخبار الإمارات ENN

أن تقرأ – عند طه حسين – هو أن تفعل في التاريخ، لذلك لم يقم في سيرته الذاتية بالتعبير عن حياته الشخصية، ولم يكتف بتفسيرها، بل كان المطلوب عنده تغيير ما بالنفوس والعقول والمجتمع، فلم يتساءل على عادة كتاب السيرة الذاتية: من أكون؟ بل خاطب القارئ آمراً: مثلي يجب أن تكون وفصول «الأيام» العشرون جاءت تحديداً لهذا المثل والدعوة إلى احتذائه بحثاً عن إنسان منشود، إنسان العقل والعلم والإرادة القوية.
مدار الحديث في كتاب «سيرة الغائب.. سيرة الآتي» لشكري المبخوت والصادر عن دار رؤية للنشر والتوزيع، على نص من أشهر نصوص الأدب العربي الحديث هو «الأيام» وقد وضعه طه حسين في وقت من تاريخ مصر الثقافي معلوم، لكنه انتشر بين القراء في ذلك الوقت، ولا يزال – بعد تبدل الأحوال – يلقى لديهم من الحظوة والترحاب الكثير.
والغريب – كما يرى المبخوت – أن شهرة الكتاب وصاحبه لم يسايرها ما يليق به من دراسات تفرد له شأنه في ذلك شأن عيون أدب العرب قديمه وحديثه، يخالها الناس لفرط شهرتها، معروفة يحمدون ما فيها من جمال وجودة، والحق أن ما يعرف عنها إنما هو ظلال باهتة وأفكار تستدعي في إجمالها الكثير من التثبت، وما نجده عن «الأيام» من فصول ومقالات في هذا الكتاب أو تلك المجلة أكثره لا يقول شيئا، وقليله يجلو وجوها من الجودة الفنية التي مكنت له في أرض الأدب.
والمهم أن كتاب «الأيام» أمسى علامة زمنية في تاريخ الأدب العربي، بل هو في تاريخ فن السرد لدى العرب لحظة تأسيسية لجنس السيرة الذاتية بإجماع أهل العلم بالسرد وأجناس الكلام، وكما يقول المبخوت: «دعتنا قيمة النص في عيون قرائه من جهة، وندرة الدراسات التي تناولته بالتحليل الداخلي من جهة أخرى إلى أن ندلي فيه برأي، لكننا لا نخفي أننا أعرضنا عن كتاب «الأيام»، حين قرأناه أول مرة ونفرنا منه، أعرضنا عنه لأننا وجدنا بعض فصوله مملة، وإن كانت فصول أخرى فيه شيقة، ونفرنا منه لأننا لم نتبين فيه بوحاً وأسراراً به تكون السيرة الذاتية قريبة من نفوس قرائها آسرة لهم بما في ذات صاحبها من خيبات وتردد وجرأة وخروج عن المسطور المأنوس».

Read more

شاهد أيضاً