تسوس الأسنان شائع لدى الأطفال لكن صحة الفم ضرورة لجميع الأعمار

صحة الفم جزء مهم من صحة الجسم وتحقيقها يتطلب عناية شخصية وجهوداً جماعية ووعياً عاماً

الدكتور بول كاراغونيس، كبير المستشارين الطبيين للخدمات الصحية الدولية في “سيغنا” للرعاية الصحية

يحتوي الفم على أنواع من البكتيريا أكثر من أي جزء آخر في أجسادنا، باستثناء الأمعاء. فهو البوابة الرئيسية للجسم. ومع ذلك، فإن صحة الفم يكتنفها الخوف وسوء الفهم أكثر من معظم الجوانب الصحية الأخرى. إذ يتجاهل الكثيرون صحة الفم والأسنان، ويؤجلون زيارة طبيب الأسنان لفترات طويلة.

وتعتبر صحة الفم مهمة للأطفال بشكل خاص. وقد أظهر بحث أجرته جامعة زايد في دولة الإمارات العربية المتحدة أن أمراض الفم هي الأكثر شيوعًا بين الأطفال. وخلص البحث إلى أن تسوس الأسنان يمثل مشكلة صحية كبيرة.

ويتضح انتشار تسوس الأسنان بين الأطفال من خلال المقابلات التي أجريت مع أطباء الأسنان الذين قدّروا أن 40٪ ممن تتراوح أعمارهم بين 2 إلى 19 عامًا في الدولة يعانون من تسوس الأسنان.

ولا يقتصر الخوف من زيارة طبيب الأسنان على الأطفال. ذلك أن “رهاب طبيب الأسنان” هو خوف غير مبرر من كرسي طبيب الأسنان ناجم عن شعور قديم بالانزعاج منذ فترة طويلة، ربما في مرحلة الطفولة. ولكن لا ينبغي لنا أن نؤجل الذهاب إلى طبيب الأسنان لإجراء فحص منتظم.

العبرة في التفاصيل

صحة الفم الجيدة مهمة ليس فقط للأسنان ولكن لبقية الجسم أيضاً. على سبيل المثال، صرنا نعلم الآن أن تدهور صحة الفم، مثل أمراض اللثة وتسوس الأسنان، يرتبط بأمراض مزمنة مثل أمراض القلب والسكري. وغالبًا ما يعاني المصابون بهذه الأمراض من حالة متقدمة لتسوس الأسنان و/أو مشكلات اللثة.

ويمكن للبكتيريا المسببة لتسوس الأسنان وأمراض اللثة أن تدخل مجرى الدم وتسبب الالتهاب، مما يؤدي أحياناً إلى تفاقم الحالات الموجودة مسبقاً. وهذه حلقة متصلة، حيث يمكن للأمراض المزمنة أن تقلل إمدادات الدم والدفاعات المناعية في الفم، مما يسبب تدهور صحة الفم، والذي بدوره يؤدي إلى تفاقم الأمراض المزمنة من خلال الالتهابات. ولهذا السبب، يقوم الجراحون قبل إجراء عملية صمام القلب مثلاً بفحص أسنان المريض للتأكد من عدم إصابته بأي عدوى في الأسنان. وإذا كان هناك عدوى في اللثة أو الأسنان، فلا يمكن إجراء عملية صمام القلب حتى يتم علاج العدوى بشكل مناسب.

والخبر السار هنا هو أن أسناننا قوية للغاية. إذ يمكننا بسهولة أن نحتفظ بها طوال حياتنا إذا اعتنينا بها كل يوم. وإليكم الأساسيات: أولاً، استخدام الفرشاة والخيط مرتين يومياً على الأقل. فمن المهم بشكل خاص تنظيف الأسنان بالفرشاة والخيط قبل النوم. وثانياً، اتباع نظام غذائي متوازن. وثالثاً، التخلص من العادات السيئة مثل التدخين أو تناول الطعام بين الوجبات.

وأخيراً، تعد الفحوص المنتظمة للأسنان ضرورية: فمن المستحسن إجراؤها مرة واحدة على الأقل، إن لم يكن مرتين، سنوياً – حيث يمكن لطبيب أسنانك إجراء التنظيف العميق الذي تحتاجه أسنانك واكتشاف الجير أو التسوس أو حتى أورام في الفم في المراحل المبكرة. وهنا تكمن أهمية الحصول على رعاية الأسنان. إذ غالباً ما يحتفظ الناس بأسنانهم لفترة أطول في البلدان التي يتوفر فيها علاج الأسنان على نطاق واسع. ولا تشتمل معظم الخدمات الصحية أو خطط التأمين الصحي على خدمات طب الأسنان، في حين لا تزال بعض المناطق تفتقر إلى التثقيف المناسب حول العناية بالأسنان في المدارس ومرافق طب الأسنان.

سد الفجوة المعرفية

إن من الضروري التواصل بشكل منفتح مع طبيب الأسنان. ومن واجب طبيب الأسنان جعل عيادته بيئة مريحة، وتسهيل إجراء حوار مفتوح معه في أي وقت، بحيث يستمع إلى ما نقول ويشرح ما سنشعر به وما سنسمعه وما ينبغي لنا توقعه أثناء العلاج.

ومن المهم أن نلاحظ أن علاج الأسنان لم يعد كما كان قبل 20 عاماً. فقد أصبح أكثر تقدماً، ويوفر المزيد من الخيارات مثل التخدير الموضعي المركّز، خصوصاً للأطفال إذا لزم الأمر. والأهم من ذلك أن ندرك أن نظافة الفم لا تقل أهمية عن الوقاية من أمراض القلب أو مرض السكري. وهذه مهمة توعوية ضرورية تتطلب مشاركة وسائل الإعلام ومؤسسات التعليم وتحسين التغطية الصحية المخصصة لعلاج الأسنان.

ومزودو التأمين الصحي يؤدون دوراً رئيسياً في هذا السياق من خلال إيصال رسالة مفادها أن المحافظة على نظافة الفم تسهم في تحسين الصحة والحيوية وتعزيز جودة الحياة بشكل عام.

وبالمحصّلة، صحة الفم جزء مهم من صحتنا ككل، ويتطلب تحقيقها بالكامل عناية شخصية وجهوداً جماعية ووعياً عاماً شاملاً.

شاهد أيضاً