هذا ما يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي لقطاع السفر

بعد سلسلة من تطورات متلاحقة في عالم التحليق جعلت من تنقل البشر جواً حقيقة حسية معاشة، تتوجه أنظار المسافرين، اليوم، نحو قطاع الطيران رافعين سقف توقعاتهم في عالم يحكمه الذكاء الاصطناعي، وفي حين أن قصة السفر، بحد ذاتها، تشكل فصلاً في كتاب تطور التكنولوجيا، والقفزات التي تحققت في هذا المجال كانت نتيجة اختراعات متتالية أسهمت في جعل التنقل جواً أكثر راحة مع الوقت وأقصر زمناً وأقل ضوضاء، إلا أن النتائج ما زالت غير مرضية، قياساً بحجم التطورات الحالية.

تحاول شركات الطيران الاقتراب من توقعات العملاء من جهة وإعادة بناء الثقة من خلال تجربة جديدة (أن سبلاش)

وفي هذا السياق، ألقى تقرير خاص لـ “أم آي تي تكنولوجي ريفيو” بالتعاون مع “ماكنزي” الضوء على تطورات سيقودها التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، بخاصة التوليدي، ربما تعيد صياغة مفردات هذه الصناعة بالكامل، منطلقاً من فرضية أن قطاع السفر مهيئ تماماً لخوض تجربة نمو متسارع الوتيرة واستعادة حصته التاريخية من الناتج المحلي الإجمالي، إذ من المتوقع أن ينمو السفر بمعدل 5.8 في المئة سنوياً حتى عام 2032، فالفرصة مواتية للتطوير في هذه الصناعة، بالاستفادة من عوامل عدة، أولها التعافي المستمر لشريحة سفر الأعمال، فضلاً عن رغبة العملاء بخوض تجارب فريدة، إضافة إلى استثمار الشركة للأدوات التي تتيحها التكنولوجيا الحالية، لاقتناص حصتها من النمو المتوقع للصناعة، عبر ابتكار أسلوب جديد في التواصل مع العملاء وتطوير طريقة عرض وتقديم المنتجات والخدمات وتمكين موظفيها.

الشركات وتوقعات العملاء

ويرى متابعون أن أي خطوة تطويرية ستقدم عليها شركات السفر ستكون لمصلحتها في هذه الفترة، إذا ما قسنا حجم ارتباط التكنولوجيا بهذا القطاع، أما الخاسر الأكبر فهو من سيختار عدم التطوير، إذ ليس أمام الشركات من خيار، إلا أن تخوض بشجاعة هذه التجربة الانتقالية التي يقودها الذكاء الاصطناعي وأدواته.

لذا أمام الشركات اليوم مهمة وربما واجب تفرضه عليها التطورات الحالية، إذ في حال كان تجاهلها لمطالب المسافرين يمرّ سابقاً مرور الكرام، هي مطالبة اليوم بالقيام بمقاربة جديدة وحقيقية على مستوى إدارة عملياتها وتطوير منتجاتها وخدماتها وطريقه التعامل مع العملاء ككل.

فاليوم، يتوجب على الشركات، باستخدام التكنولوجيا الحديثة، ردم الهوة العميقة بين توقعات المسافر وما يقابله على أرض الواقع، وتنطلق هذه الأهمية من إدراك علاقة التطور الرقمي الحالي بارتفاع توقعات الأفراد طالبي الخدمات عموماً، وبخاصة المتعلقة بقطاع السفر.

ويبين مقال، نشر في 2021 بعد عام من انتشار جائحة كورونا تناقضاً وتياراً مثيراً للقلق تظهره الدراسات الاستقصائية وتحليلات تقييم رضا العملاء، بأنه في حين أن العملاء أصبحوا راضين بشكل مفاجئ عن تجاربهم في السفر، عما كانت عليه قبل “كوفيد-19″، إلا أن هذا الرضا ترافقه مشاعر سلبية آخذة في الارتفاع وشكاوى تتعلق بشركات الطيران وخدماتها التشغيلية فضلاً عن الخدمات الفندقية، ونظراً للتناقض الظاهري بين الأداء والرضا، فإن الوضع الحقيقي قد يكون ببساطة أن المسافرين، بغرض الترفيه، كانوا سعداء بالعودة للسفر والتجول خارجاً بعد عام من البقاء في المنزل، الأمر الذي دفعهم لغض النظر موقتاً عن مشكلات الخدمة وما يتبعها، لكن مع عودة وازدياد معدلات السفر وعودة المسافرين من رجال الأعمال، هناك احتمال لاجتياح موجة من عدم رضا العملاء يرفقها ارتفاع في سقف توقعاتهم، ووفقاً لاستطلاع آراء المستهلكين الذي أجرته شركة “ماكنزي”، فإن ما يقرب من ثلث المستهلكين يعتزمون الإنفاق على متطلبات السفر في الأشهر الأولى من السنة.

شرائح العملاء

وألقى التقرير الضوء على أن شركات الطيران ما زالت تواجه مشكلة في إعداد شرائح للعملاء، على رغم تزايد حجم بياناتهم وتنوعها، إذ تحتاج هذه البيانات إلى طريقة معالجة أكثر تطوراً، بحيث تقدم للشركات صورة كاملة عن العملاء من خلال تجميعهم في شرائح بناء على تصنيف محدد، ومن ثم تحدد طريقة للتواصل معهم على اختلاف شرائحهم وإيصال الخدمات المناسبة لكل منهم تبعاً للمعلومات المجمعة، وتخصيص نقاط اتصال لتلبية حاجات العملاء وتفضيلاتهم وسلوكياتهم، وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى تزويد العميل بتجربة شاملة تتسق مع السياق الذي حدده.

المصدر :اندبندنت

شاهد أيضاً