مصائب «ولد الغلابة»

شبكة أخبار الإمارات ENN

مارلين سلوم

يتغير حال الدراما مع تقدمها بالأحداث، ويكون الأمر طبيعياً إذا تصاعدت الأحداث وزاد العمل تشويقاً، فازداد الجمهور ارتباطاً به. لكن ما يحصل في عدد من المسلسلات، أنها بدأت جيدة ثم انهارت إلى القاع مع غياب المنطق وتشتت الكاتب أثناء بحثه عما «يحشو» به الأيام المتبقية كي يكتمل عقد الثلاثين حلقة.

هذا ما وقع به مؤلف «ولد الغلابة» أيمن سلامة، الذي بدأ قصته بشكل جيد، ومشى العمل متوازناً بين الإخراج الجيد لمحمد سامي وأداء الممثلين، مع تحفظنا منذ البداية على أخطاء وقع فيها وإصراره على تقديم الأعذار والمبررات لعمل ولد الغلابة عيسى (أحمد السقا) مع تاجر المخدرات ضاحي.

تجاوزنا تلك الأخطاء وانتظرنا تطوراً إيجابياً وصحوة ضمير مبكرة من البطلين عيسى وفرح (مي عمر)، إلا أن الكاتب أدخلنا في دوامة القتل التي لا تنتهي، والمصيبة أنها دائماً تأتي بعد تخطيط ودراسة من قبل البطلين، وبعد تنفيذها يبديان حزنهما!

على مواقع التواصل الاجتماعي ينتشر تعليق لأحدهم يتهم فيه الكاتب سلامة أو صناع «ولد الغلابة»، بسرقة قصته من مسلسل أجنبي اسمه «براكينج باد»، مع تفصيل نقاط الالتقاء والاختلاف بينهما. وسواء كان مسروقاً أم لا، نستغرب كيف يمكن للكاتب ومعه المخرج والمنتج والممثلون، الموافقة على تغييب المنطق عن كل الأحداث منذ ما قبل منتصف رمضان، والاستمرار في مهزلة تحويل البطل الطيب والمدرّس النموذجي إلى قاتل وتاجر مخدرات محترف؟

كيف يمكن لإنسان أن يصير بهذه البشاعة، وهو ناضج بما فيه الكفاية، ومدرك وعاقل ومتعلم؟ وكيف يغرق نفسه بنفسه في وحل لا مخرج منه، وتسقط كل المبادئ والأخلاق والقيم، ليصير عيسى كل شيء إلا «ولد الغلابة»؟

الجمهور لا يقبل بكل شيء وأي شيء، فلماذا الاستخفاف بالعقول إلى هذا الحد؟ حتى أداء أحمد السقا لم يعد مقنعاً، لا يصل إلى الناس ولا يبرز أياً من طاقاته. وكأننا أمام أحداث تكتب وفق ما اتفق، كل حلقة لها جريمتها، تتكدس لتمرير الوقت واستكمال الثلاثين حلقة، بلا أي تشويق، خصوصاً أن النهاية محسومة منذ الأمس أو منذ حلقات مضت، تختلف في الشكل الذي سيقدمها به المخرج والمؤلف.

سبق أن أشدنا بالدور الذي أطل به أحمد السقا كمدرّس لغة عربية يتورط في مشكلة نجمت عنها أزمات متلاحقة، واعتبرنا أن العمل جيد ولا بد للأستاذ الفاضل من الانتفاض والبحث عن مخرج لأزمته غير القتل والإجرام والاتجار بالمخدرات. حسبنا أن ولد الغلابة أحمد السقا سيكون صوت «الغلابة» وصورة عنهم، يتباهون بها في الشوارع، ونجمهم المفضل في رمضان، حتى صدمتنا أوراق أيمن سلامة، وإصراره على تغليب القوة والفكر الإجرامي على الأخلاق والمبادئ، والإصرار على أن تأتي الكارثة من أستاذ فاضل ومربّي أجيال!

marlynsalloum@gmail.com

شاهد أيضاً