نظم مجلس شما محمد للفكر والمعرفة بحضور سمو الشيخة د. شما محمد خالد آل نهيان ندوة لأعضاء المجلس؛ لمناقشة كتاب “متعة عدم الكمال” للكاتب الأمريكي ديمون زهارياس، حيث استعرض الكتاب أهمية التحرر من وهم المثالية والرضا عن الذات بكل تناقضاتها.
حول رؤيتها للكتاب عبرت سمو الشيخة الدكتورة شما عن أهمية مضمون الكتاب، الذي يُسلّط الضوء على زوايا خفية في النفس البشرية. وأكدت أن هذا النوع من الطرح يفتح أفاقًا لفهم التوتر القائم بين سعي الإنسان إلى الصورة المثالية التي تُرضي المجتمع، وبين الحفاظ على سلامته النفسية.
ثم أضافت: في زحام الحياة الحديثة وتحت ضغوط التوقعات المجتمعية يصبح الكمال هدفا زائفا نطارده ونحن لا نمتلك اليقين على أنه سيتحقق يوما ما من هذه الزاوية يطرح كتاب اليوم نفسه كدليل للتحرر من وهم المثالية، ويعيدنا إلى أن نعيش طبيعتنا بكل تناقضاتها ثنائياتها الإنسانية والفطرية، دون أن نخدش سلامنا النفسي، ونغرق في بحار القلق.
وأوضحت: بإن أهم ما رصده الكتاب ذلك الصوت الداخلي الناقد الذي يتحول إلى جلاد للذات، ويزرع فيها القلق والخوف من خوض التجارب الحياتية بدعوى أننا غير مستعدين، أو ما زال لدينا نقص أو احتمالية الفشل عالية ومن كل تلك الرسائل السلبية التي يرسلها الصوت الداخلي إلى الوعي، يصبح حجر عثرة في طريق نجاحنا وحركتنا في الحياة نحو تحقيق أحلامنا.
وأشارت إلى أن مقاومة الصوت الداخلي القاسي تبدأ بعدم الاستسلام له، وبالوعي بأن جمال التجربة الحياتية يكمن في كونها ناقصة. فهذا النقص هو ما يمنحها حيويتها، ويُعزز إدراكنا بأن كل ما في الكون خاضع لحتمية التغير. فليس الكمال هو غايتنا، بل يكمن الإنجاز الحقيقي في أن نحيا التجربة كما هي، بكل ما تحمله من نقص وتحديات، لأن في ذلك التحدي يكمن جوهر الوعي الإنساني.
وأوضحت بأن متعة عدم الكمال ليست مجرد فكرة عابرة، بل هي فلسفة حقيقية ثم أضافت نحن أمام كتاب يكشف ذواتنا، ويجعلنا نرى أن الحياة ليست حلبة ملاكمة نتصارع فيها؛ كي نظهر قوتنا وشخصيتنا المكتملة، بل هي مساحة خصبة للتجربة الإنسانية بكل إيجابياتها وسلبياتها تحت مظلة الشعور بالرضا عن الذات، وليس السعي وراء رضا الآخرين.
واختتمت سموها الندوة بالإعلان عن إطلاق مبادرة جديدة ضمن مجلس الفكر والمعرفة، بعنوان “مجلس الذكاء قراءة إماراتية للمستقبل” تحت شعار “بين الحبر والنبض الرقمي”، وذلك انسجامًا مع استراتيجية دولة الإمارات للذكاء الاصطناعي، وفي ظل التطورات المتسارعة في مجالات التكنولوجيا والابتكار.
وتهدف المبادرة إلى تجسيد رؤية وطنية تربط بين أصالة الهوية الإماراتية ومتطلبات المستقبل الرقمي، من خلال تقديم ورش عمل تفاعلية ومناقشات لكتب مبسطة تُعرّف بمفاهيم الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مجال القراءة، بأسلوب يسير وعملي. وتسعى المبادرة إلى تمكين المشاركين من فهم كيف يسهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز تجربة القراءة وتوسيع آفاق المعرفة.