نظمت مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال ورشة بعنوان “اضطرابات الشخصية الناتجة عن الصدمات خلال فترة الطفولة المبكرة“، قدمها الدكتور حسين علي مسيح، خبير قطاع التمكين الاجتماعي في هيئة تنمية المجتمع، حيث ناقشت الورشة التأثيرات العميقة للصدمات النفسية على تكوين الشخصية وآليات التعامل معها. موضحة أن الصدمة ليست مجرد تجربة قاسية، بل قد تترك آثارًا دائمة تؤثر على الإدراك والسلوك والعلاقات الاجتماعية، خاصة عندما تحدث في مرحلة الطفولة.
وتطرقت الورشة إلى الطرق المختلفة التي قد يتعرض فيها الأطفال للصدمات، سواء من خلال الإهمال أو العنف المباشر أو غير المباشر، كما ناقشت الفئات الأكثر عرضة لهذه التجارب، والتي تشمل الفئات المهمشة واللاجئين والأشخاص الذين نشأوا في بيئات غير مستقرة. وأوضحت أن تأثير الصدمات لا يقتصر على الأفراد فقط، بل يمتد عبر الأجيال، حيث يمكن أن تنتقل الصدمات من خلال أنماط التربية والمعتقدات، مما يؤثر على الصحة النفسية للأجيال اللاحقة.
كما تناولت أنواع اضطرابات الشخصية التي قد تنشأ نتيجة التعرض للصدمات، مثل اضطراب الشخصية الحدّية، واضطراب ما بعد الصدمة، واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، مشيرةً إلى أن هذه الاضطرابات قد تؤدي إلى أنماط سلوكية غير مستقرة تشمل العزلة، الانفعالات الحادة، أو انعدام الثقة في الآخرين. وتم التأكيد على أهمية التشخيص المبكر وتقديم برامج تأهيلية متخصصة تساعد في إعادة التوازن النفسي للمصابين، وتوفر لهم الأدوات اللازمة للتكيف مع تجاربهم الصادمة.
وأوصت الورشة بأهمية تطوير سياسات وقائية لحماية الأطفال من التعرض للصدمات، وتعزيز دور المؤسسات المجتمعية في تقديم الدعم النفسي، إلى جانب تكثيف الحملات التوعوية التي تساعد في تغيير النظرة المجتمعية نحو الصحة النفسية، لضمان بيئة أكثر دعمًا وتعافيًا للأفراد المتأثرين بالصدمات النفسية. مؤكدة على أهمية الوقاية والتدخل المبكر للحد من آثار الصدمات النفسية واضطرابات الشخصية في الطفولة المبكرة، من خلال تعزيز الوعي المجتمعي حول تأثير الصدمات على الصحة النفسية، ودعم البيئة الأسرية بتوفير برامج تفاعلية تعزز التواصل بين الأهل والأطفال، إلى جانب تطوير خدمات الدعم النفسي والاجتماعي الموجهة للفئات الأكثر عرضة للصدمات، بما يضمن توفير استجابات أكثر كفاءة لحالات التعرض للعنف والإهمال. كما شددت المؤسسة على أهمية إدراج استراتيجيات التأهيل النفسي في منظومة الحماية المجتمعية، بحيث تكون موجهة ليس فقط للضحايا المباشرين، بل تمتد إلى الدوائر المحيطة بهم، بما يشمل مزودي الرعاية، والأخصائيين الاجتماعيين، والعاملين في القطاعات الإنسانية والطبية.