قنوات الإنترنت.. شاشة جديدة تزاحم دور العرض

شبكة أخبار الإمارات ENN

القاهرة: محمد شبانة

مع التطور المذهل للتكنولوجيا وتأثيرها الفعال في كل المجالات بما فيها الإنتاج الفني، طرأ على الساحة السينمائية منافس قوي لدور العرض التقليدية هي قنوات الإنترنت، سواء كانت ملك فضائيات أو ملك شركات أمثال «نتفليكس» وغيرها. حول التأثير المتوقع لقنوات الإنترنت ومدى قدرتها على استقطاب المشاهدين بشكل أكبر بحيث تحتل الصدارة وإيجابياتها وسلبياتها التي ظهرت الآن بالفعل كان لنا هذا التحقيق.
الناقد محمود عبد الشكور بدأ الحديث قائلاً: عالمنا العربي متلق للتكنولوجيا وليس صانعاً لها، وبالتالي فما ينجح هناك أولاً ينجح هنا ثانياً، شركة «نتفليكس» التي قدمت خدمة الاشتراك الرائدة في مجال متابعة الحلقات التلفزيونية ثم الأفلام وباقي الأنواع الفنية الأخرى امتدت لتشمل كل أنحاء العالم بما فيها الدول العربية، المدهش أن أفلاماً مهمة من حقبة الستينيات لها جماهيرية عريضة مثل «سايكو، والشقة، وإسبرطة» ولا وجود لها على القناة، رغم أنها لمبدعين عمالقة أمثال ألفريد هتشكوك وبيلي وايلد، وستانلي كوبريك، وآخرين غيرهم مثل فرانسوا تروفو وسيرجيو ليوني، مما يدل على أن القناة ينقصها الكثير، كي تتحول إلى أن تكون قبلة المتابعين رقم واحد، حسب علمي فإن «نتفليكس» أنتجت في 2017 نحو 50 فيلماً وتنوي إنتاج 80 فيلماً في 2018 بميزانية تبلغ 8 ملايين دولار، وهو رقم كبير جداً يؤكد أنها رغم عدم اهتمامها بالأفلام القديمة بالشكل الكافي، إلا أنها تنوي السعي لتصدر الساحة.
المخرج أحمد خالد موسى أكد أن شركة «نتفليكس» تقدم محتوى جديداً سينمائياً وتلفزيونياً، ونجحت في التعامل مع نجوم كبار أمثال إنجلينا جولي ومارتن سكورسيزي في البداية كانت «نتفليكس» تقدم أفلام هوليوود، لكنها الآن تتخلى عنها شيئاً فشيئاً، بعد أن اتجهت هي نفسها للإنتاج، من المبكر استنتاج تأثيرها في دور العرض لكنها نجحت بالفعل في اقتطاع جزء من رواد السينما، وهو ما لا يمكن إنكاره. المنتج والموزع هشام عبد الخالق قال: عدد مشتركي قناة «نتفليكس» وحدها وصل إلى نحو 100 مليون مشترك، نصفهم في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها طبعاً لا يمكن تحديد الرقم بشكل مؤكد، لكن هذا العدد التقريبي يؤكد أن الإيجابيات أكثر وأن السلبيات لا تكاد تذكر، نسبة توزيع الأفلام في الغرب لم تقل وبالتالي فإن هذه القنوات على الإنترنت لم تؤثر فيها ونستنتج من ذلك أن هذه القنوات تتكامل مع صناعة السينما ولا تحارب دور العرض.
الناقد كمال رمزي قال: إن بعض شركات الإنتاج السينمائي العالمية أصبحت لها الآن قنوات تبث عليها أفلامها مباشرة بمقابل مادي دون المرور على دور العرض، لكن الملاحظ أنها من نوعية الأفلام قليلة التكلفة بوجوه غير مألوفة، على غرار فيلم Gerard's Game وغيره وهو ما سوف يغير نمط التفكير في الإنتاج السينمائي بصورة تدريجية لا أعرف للأفضل أم للأسوأ، لأن ما أخشاه أن تتخذ هذه القنوات تكئة لإنتاج الأفلام قليلة التكلفة بصورة مستمرة.
مدير التصوير سعد شيمي، أكد أن التطوير لا يقف عند حد وكل شيء جائز المهم أن تبقى الصناعة، أعرف «نتفليكس» جيداً لقد نجحت في فرض نفسها، ولا أبالغ أن وجودها الآن أصبح ضرورة وإن كانت بها بعض العيوب فهي تعمل ذاكرة السينما وتاريخها وتهتم فقط بتسليط الضوء على الأفلام المعاصرة، ولا أدري إن كانت تفعل ذلك عن عمد أم مضطرة، لأن النجاح المادي شرط جوهري للاستمرار وتقديم خدمة ثقافية فقط نوع من الرومانسية.
مخرج الأفلام التسجيلية الكبير، هاشم النحاس، أشار إلى أن «نتفليكس» شبكة متكاملة وليست مجرد قناة ولا تضم الأعمال الفنية فقط، كما يظن الكثيرون لا أستطيع متابعتها بشكل دوري بحكم السن لكني شاهدت عليها أفلاماً وثائقية تاريخية مهمة.
أشار الناقد يوسف شريف رزق الله إلى أن قنوات الإنترنت وعلى رأسها «نتفليكس» انتهجت نموذج البث السائل والمتدفق أو ما يطلق عليه Streaming الذي أثبت نجاحه لكنه لن يؤثر بفعالية في السينما، على الأقل في الوقت الحالي، لأن الصورة الكاملة لنشاط هذه القنوات لم تتضح بعد لكن من المؤكد أنها مفيدة جدا في مصر، لأنها تتيح فرصة الانفتاح على الثقافات العالمية فوراً، دون انتظار قدوم الفيلم الأجنبي بعدد نسخه المحدودة التي قد لا تتيح للكثيرين التمكن من مشاهدته.
وقال فاروق صبري، رئيس غرفة صناعة السينما: لا أعتقد أن «نتفليكس» أو ما شابهها من قنوات الإنترنت قادرة الآن أو مستقبلاً على القضاء على دور العرض السينمائية وإلا كانت قرصنة الأفلام، وهو إجراء غير قانوني أشد ألماً وموجعاً جداً، قد نجحت في ذلك، رغم قرصنة الأفلام الجديدة، ربما قبل نزولها في السينما أو في اليوم الأول للعرض، مازالت دور العرض تعمل رغم كل الصعوبات والمعوقات الجديدة الطارئة، السينما تعني دار العرض تعني ألفة مشاهدة الفيلم جماعياً مع أناس لا تعرفهم، رغم أنك قد لا تمتلك نفس مشاعرهم تجاه الأبطال، هذه القنوات لا تشكل خطراً على صناعة السنيما لكن الخطر الحقيقي هو عدم السعي لإنقاذ السينما بشكل حقيقي عبر خطوات فعالة.

شاهد أيضاً