«غرفة الهروب».. نصفه ملل ونصفه إثارة وموت

شبكة أخبار الإمارات ENN

مارلين سلوم

هي اللعبة الأكثر انتشاراً، والتي ينجذب إليها شباب وأطفال هذا العصر. على الشاشة تراها بشكل أوضح وأعمق، تتأمل تفاصيلها وتداعياتها، وكيف أنها تجسّد الحالة النفسية، التي يتم دفع الشباب، وخصوصاً المراهقين إلى الغرق فيها، مدفوعين لتقبّل فكرة الموت أو القتل؛ من أجل البقاء. إنها «غرفة الهروب» المنتقلة من العالم الافتراضي إلى الواقع، ومنه إلى السينما؛ لنشاهدها في فيلم يحمل نفس الاسم، ويلاقي رواجاً رغم المحاذير.

الفيلم «أكشن» ومغامرات، ينطلق من هذا التصنيف؛ لينتقل تدريجياً نحو «الرعب» المخفف، و«الجريمة» غير المباشرة. وهو موجه إلى المراهقين، ويصلح للمشاهدة العائلية، رغم عدم تشجيعنا لمثل هذه النوعية من الأفلام المرتبطة بالخيال، وفي نفس الوقت شديدة الالتصاق بالواقع. تترك أثرها مباشرة في الأطفال والشباب، وتنعكس على سلوكياتهم، وتروّج للعنف بأشكال مختلفة.

ولمن لا يعرف ما هي «غرفة الهروب»؛ فهي لعبة حل ألغاز، موصولة بألعاب الخيال وتحديات العالم الافتراضي، غير أنها تدخل اللاعبين في إحساس الواقع، معتمدة على مشاعر الخوف والرعب والحالة النفسية، مع حثهم على إعمال العقل؛ من أجل الوصول إلى الحل، والخروج من الغرفة المُحكمة الإغلاق، والمغلفة بالظلمة أو الأضواء الغريبة، والأصوات، والهياكل، وكل ما يوحي للإنسان بأنه سيموت إن لم ينقذ نفسه.

صحيح أنها منتشرة في دول العالم، وتلاقي رواجاً في الإقبال عليها؛ باعتبارها من «ألعاب التسلية والمغامرات»؛ لكنها لا تخلو من المخاطر الحقيقية، وقد تسببت إحداها في بولندا بمقتل خمس مراهقات لم يتجاوزن ال 15 عاماً، في يناير/كانون الثاني الماضي؛ حيث اشتعلت فيها النيران، ولم تتمكن الفتيات من الهروب من الغرفة؛ لأنها محكمة الإغلاق. والكارثة هذه دفعت بصنّاع الفيلم إلى تأجيل موعد إطلاقه عالمياً في الصالات؛ خوفاً من غضب الجمهور وعدم الإقبال على المشاهدة.

في بدايته، يقدم الفيلم نبذة سريعة عن شخصياته الرئيسية، والدوافع التي أدت بكل منهم إلى الوصول إلى «غرفة الهروب». كل منهم لديه نقطة قوة ونقطة ضعف تشكل عائقاً في حياته، يتلقون نفس الهدية وفي نفس التوقيت، وهي عبارة عن صندوق أسود صغير، مكوّن من مكعبات، يحل كل منهم لغزه فتخرج منه رسالة تحثه على الانطلاق؛ ليعيش مغامرة مميزة، يفكر فيها «خارج الصندوق»، يحل الألغاز ويفوز بعشرة آلاف دولار. المبلغ يغري اللاعبين الستة، يقبلون المغامرة، ويلتقون بلا سابق معرفة في غرفة، يحسبون أن هناك من سيأتي ليشرح لهم شروط اللعبة والمهمة المطلوبة..

إلى هنا تسير الأحداث وفق كتابة براجي شوت وماريا ميلنيك، بإيقاع هادئ يشعرك بشيء من الملل؛ لكنهما نجحا في شد المشاهد تدريجياً، للوصول به إلى ذروة التشويق مع تصاعد التحدي في اللعبة، ومع أخذها اتجاهات غير متوقعة. بداية كسر الهدوء والإيقاع البطيء، تأتي مع قرار أحدهم فتح باب الغرفة، ليكتشفوا أنهم دخلوا ضمن لعبة «غرفة الهروب» منذ اللحظة الأولى لدخولهم المبنى، فيسارعون إلى حل اللغز الأول بحماس وإثارة لدى البعض، ورهبة وخوف لدى البعض الآخر. المخرج آدم روبيتل ترك الإثارة الحقيقية للجزء الثاني من الفيلم، ورفع الوتيرة مع فقدان أول لاعب.

كلما حل المشتركون عقدة، زادت جرعة التحدي، ورفع المتحكمون ب«غرفة الهروب» من سقف الألغاز والمخاطر، وصار الموت أقرب. المفروض أن هذه الألعاب قائمة على مبدأ العمل الجماعي، والمشاركة في حل الألغاز والأسئلة؛ كي يخرج الفريق كله فائزاً؛ لكن في الفيلم تتغير الشروط، ويصير البقاء للأقوى، والفائز لا بد أن يكون واحداً. الأبطال ليسوا من نجوم الصف الأول؛ لكنهم بلا شك سيصبحون من المشاهير؛ بعد انطلاق سلسلة «غرفة الهروب»، والتي نشاهد منها الجزء الأول حالياً، بينما تؤكد النهاية بأن الجزء الثاني غير بعيد، والمشهد الأخير هو بداية الفيلم الثاني. تايلور راسل تؤدي دور المراهقة العبقرية زوي دايفيس، والتي تعاني الخجل الشديد، يهديها أستاذها الصندوق الصغير، علها تكسر خجلها، وتستغل عبقريتها في شيء «مفيد». زوي هي البطلة الرئيسية والمستمرة مع السلسلة، برفقة لوغن ميلر الذي يلعب دور بن ميلر، الشاب الذي يعاني عقدة نكتشفها لاحقاً؛ كما يتبين أن كل لاعب يعاني عقدة تركت أثراً في حياته، ولعل أسوأهم الأناني والمغرور جايسون ولكر، يجسده جاي إيليس. كما تعمد المؤلفان اختيار الشخصيات أمريكية إنما من أصول مختلفة؛ منها الإفريقي والهندي..

الفيلم جيد من حيث التصوير والإخراج والكتابة؛ لكنه للأسف مثل كثير من ألعاب وأفلام هذا العصر، يروّج لفكرة القتل؛ من أجل البقاء على قيد الحياة، أو العنف؛ للدفاع عن النفس ورفع الأدرينالين لدى الجمهور؛ لشحن النفوس وزيادة جرعة التحديات العنيفة في الحياة.

كثيرة الأفلام التي نقلت الألعاب الإلكترونية إلى أفلام سينمائية، والعكس صحيح، وكثيرة تلك التي دخلت ضمن إطار حل الألغاز للبقاء على قيد الحياة، ولعل أشهرها: «هانجر جايمز» أو سلسلة «ألعاب الجوع»، وظهرت في شكل مختلف في «تومب رايدر»، وغيرها. وها هي «غرفة الهروب» تعلن انطلاق سلسلتها الجديدة، مع نفس المخرج والمؤلفين.

شركتا الإنتاج «كولومبيا» و«سوني بيكتشرز» نجحتا بالرهان على هذا العمل الذي استطاع تحقيق ما يقرب من 120 مليون دولار في جميع أنحاء العالم، منها ما حققه في الصين وحدها 30 مليون دولار أو أكثر. علماً أن الميزانية التي خصصت له لم تتجاوز 9 ملايين دولار!

marlynsalloum@gmail.com

شاهد أيضاً