افتتح معالي الفريق ضاحي خلفان بن تميم، نائب رئيس الشرطة والامن العام في دبي، ندوة الجرائم المستقبلية ودور الامن السيبراني في عصر الثورة الصناعية الرابعة، التي نظمتها الادارة العامة للمؤتمرات والندوات الأمنية، لنائب رئيس الشرطة والامن العام في دبي، التي أقيمت بنادي ضباط شرطة دبي، بحضور عدد من كبار المسؤولين والمختصين والمشاركين.
ورحب معاليه في كلمته الافتتاحية بالحضور وشكر لهم حرصهم على المشاركة في هذه الندوة الهامة حول موضوع (الجرائم المستقبلية ودور الامن السيبراني في عصر الثورة الصناعية الرابعة).
وأضاف معاليه: يسرنا ان نلتقي اليوم لمناقشة موضوع بالغ الأهمية، يتعلق بالأمن في ظل التحولات الرقمية السريعة والتطورات التقنية المستمرة، فمنذ ان اعتمد المنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2016م بداية الثورة الصناعية الرابعة التي نعيشها حالياً، والتي تعتمد على مجموعة من التكنولوجيات المتداخلة التي تشكل مفهوما جديدا للصناعة يعتمد على الرقمنة والبيانات الضخمة واستخدام تطبيقات وتقنيات الذكاء الاصطناعي و”البلوك تشين”، وانترنت الأشياء، والروبوتات، والطابعات ثلاثية الابعاد، والمركبات ذاتية القيادة، وتكنولوجيا النانو والتكنولوجيا الحيوية… وغيرها من التقنيات التي لها فوائد عديدة.
وقال معاليه: إن هذا التطور السريع في هذه المجالات التقنية واستخدام التطبيقات والبرامج الذكية في التعاملات دون ضوابط او سياسات تحكمها سوف يترتب عليها آثارا سلبية وبروز جرائم غير تقليدية كالجرائم الالكترونية والسيبرانية ومنها سرقة البيانات والابتزاز الإلكتروني، والاحتيال الإلكتروني، والهجمات على البنية التحتية الحيوية، والتجسس السيبراني التي لا تعرف حدودا مادية او جغرافية ويمكن تنفيذها بجهد اقل وسهولة وسرعة اكبر من سرعة تنفيذ الجرائم التقليدية ولهذا يتطلب من أجهزة انفاذ القانون العمل على تطوير بنيتها التقنية والالكترونية وقدراتها البشرية المتخصصة في مكافحة تلك النوعيات من الجرائم والاستعداد للمستقبل وفق خطط استباقية مدروسة وتحديثها بصورة مستمرة لمواكبة التطورات المتسارعة في هذا المجال بالإضافة الى ضرورة وضع تشريعات خاصة وضوابط قانونية للأمور المستحدثة.
وأكد معاليه على ان الجهود التي تبذلها دولة الامارات برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ال نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، إنما هي لمواكبة التطورات والمستجدات في مجال تقنيات الثورة الصناعية الرابعة والاستفادة منها من خلال استراتيجيات الصناعة والعلوم والتكنولوجيا ووضع مؤشر جاهزية الثورة الصناعية الرابعة وتوجيه جميع الدوائر والهيئات والمؤسسات الحكومية للعمل على الاستفادة من تقنيات وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة وايجابياتها وتجنب سلبياتها.
وأضاف معاليه: إن توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم، والتي أكدها من خلال مقولته “حدودنا في الفضاء السيبراني هي حدود سيادية نحتاج دائما لحمايتها وترسيخ دفاعاتها” وكذلك توجيهات صاحب السمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد ال مكتوم، ولي عهد دبي، حيث قال “تأمين فضائنا الرقمي ضمن قمة اولوياتنا وعلينا مواصلة تطوير اليات الحفاظ على امننا الإلكتروني بما يواكب المتغيرات، وهذا يتطلب منا قدرا عاليا من المرونة والابتكار والفكر الاستباقي والتوعية الرقمية”.
وقال معالي الفريق ضاحي خلفان تميم: في هذا الإطار ومع تزايد الاعتماد على التقنية في جميع جوانب الحياة، تزداد المخاطر المرتبطة بارتكاب الجرائم السيبرانية، لذا يجب علينا اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المجتمع من مخاطر إساءة استخدام التقنيات الحديثة لارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون عبر الفضاء السيبراني، وذلك من خلال التعاون الوثيق بين جميع القطاعات والمؤسسات الحكومية والخاصة والأكاديمية لتعزيز الامن السيبراني والعمل معاً لتطوير حلول مبتكرة. وتبادل الخبرات والمعلومات وأفضل الممارسات في مجال الامن السيبراني وتعزيز الوعي الأمني لأفراد المجتمع بجميع فئاته بدءاً من الأطفال والشباب وصولاً الى كبار السن.
وفي ختام كلمته توجه معاليه بالشكر للجهات والمؤسسات والدوائر الحكومية والاكاديمية التي لبت الدعوة للمشاركة في تبادل الرؤى والأفكار حول موضوع الندوة وهي: مجلس الامن السيبراني لدولة الامارات العربية المتحدة، محاكم دبي، النيابة العامة بدبي، هيئة دبي الرقمية، مركز دبي للأمن الاكتروني، مركز استشراف المستقبل بجامعة دبي، الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية، الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة، الإدارة العامة للذكاء الاصطناعي.
كما خص معاليه بالشكر الخبراء والمختصين الذين شاركوا في الندوة ومنهم: الدكتور محمد حمد الكويتي، والدكتور سعيد خلفان الظاهري، والمستشار الدكتور خالد الجنيبي، والعميد سعيد الهاجري، والمهندس محمد عبدالله بن ثاني، مؤكدا على على أنه بمشاركة هذه النخبة من الخبراء والمختصين، سوف تخرج الندوة بتوصيات في غاية الأهمية لدعم متخذو القرار بخصوص مستقبل التعامل مع تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتعزيز دور الامن السيبراني.
وتحدث سعادة الدكتور محمد حمد الكويتي، رئيس مجلس الامن السيبراني لحكومة دولة الامارات، حول دور الامن السيبراني في التصدي للجرائم السيبرانية، ومسؤولية الدولة في هذا المجال، في حماية النظم والشبكات والبيانات الحاسوبية من الوصول إليها أو استخدامها أو الكشف عنها أو تعطيلها أو تعديلها أو تدميرها دون إذن، مؤكدا على أن الأمن السيبراني هو الدرع المتعدد الأوجه الذي يدافع عن أصولنا الرقمية.
وتناول الدكتور الكويتي مستقبل الأمن السيبراني، في ظل تطور الذكاء الاصطناعي الكبير، مشيرا إلى أنه ليس مجرد أداة تقنية، بل هو حارس قوي قادر على حماية البشرية من مختلف المخاطر السيبرانية، فمع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، سيلعب بلا شك دورا مهما في تشكيل مستقبل الأمن السيبراني.
وقال د. الكويتي: من خلال نهج متعدد الأوجه، يجمع بين الحلول التكنولوجية وبروتوكولات الأمان القوية والتدريب على توعية المستخدم، يمكننا أن نخلق بيئة رقمية أكثر أمانا، ومواجهة التهديدات والجرائم السيبرانية.
وقدم سعادة الدكتور سعيد الظاهري، مدير مركز الدراسات المستقبلية في جامعة دبي، عرضاً عن أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني، وأشار إلى ان هذه التقنية سلاح ذو حدين، فبينما تحاول الحكومات استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين وتعزيز المنظومة الأمنية السيبرانية إلا أنها كذلك تستخدم من قبل العابثين في التهكير واختراق الأنظمة الإلكترونية، ويجب على الحكومات اعتماد نموذج الاستباقية والوقاية للبقاء في المقدمة.
وتطرق الدكتور سعيد الظاهري إلى جرائم المستقبل، التي ممكن ان نراها خلال العشرين سنه القادمة، وكيفية الاستعداد لهذا المستقبل من خلال بناء وتأهيل الكفاءات وتوعية الجمهور، وتبني التقنيات الحديثة.
من جانبه تطرق المهندس محمد عبدالله بن ثاني، مدير امن تكنولوجيا المعلومات، بمركز دبي للأمن الإلكتروني، تحدث حول موضوع “التزييف العميق” ، موضحا أنها تقنية متطورة أصبحت تشكل تهديدا خطيرا على المجتمع، فهي تمكن من إنشاء محتوى مزيف يبدو حقيقيا، مما له تأثيرات سلبية على الأفراد والمؤسسات والقرارات السياسية.
وتحدث العميد سعيد محمد الهاجري، مدير إدارة المباحث الإلكترونية، بالإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية بشرطة دبي، حول محور تحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، فذكر أن شرطة دبي والاجهزة الشرطية الاخرى تستخدم البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي ضمن منظومة امنية للمحافظة على الامن وسير العدالة في امارة دبي ، كما تقوم ايضا برصد الاستخدامات السيئة لهذه التقنيات والعمل مع الشركاء للحد من الاستخدامات السيئة لهذه التقنيات ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم المستحدثة.
وتناول المستشار الدكتور خالد علي الجنيبي، رئيس نيابة أول، نيابة دبي، محور كفاية النصوص القانونية في مواجهة الجرائم المستحدثة، فقال : أن كفاية النصوص القانونية في مواجهة الجرائم المستحدثة، مشيرا أنه لا مناص من الاعتراف من ان التطور التقني قلب مفهوم الجريمة ونقلها من طور جرائم تقليدية ذات مسرح إجرامي محدد الي مصاف جرائم اتسم مسرحها بالافتراضي ، ومع الزيادة في التطور التقني تغير شكل الجرم الالكتروني ، فكّان لازما منا مناقشه مدي كفاية النصوص القانونيه والتنظيمية بالدولة في ضبط الجرائم المستحدثة.
التوصيات :
دعا المشاركون في ندوة الجرائم المستقبلية ودور الأمن السيبراني في عصر الثورة الصناعية الرابعة إلى تشكيل فريق عمل متخصص لإعداد البيانات المتعلقة بالجوانب الأمنية، وفريق لإعداد محتوى التوعية بالجرائم السيبرانية و مخاطرها ، كما طالب المشاركون بسياسات تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، واستحداث تشريعات تتواكب مع التطور التقني في مجال الذكاء الاصطناعي ، مقترحين إصدار استراتيجية وطنية للحوسبة الكمومية ، وإعداد منهج تعليمي لجرائم المستقبل وتدريسها في المؤسسات التعليمية العامة والعليا وفي كليات الشرطة ، مشددين على ضرورة حصر التخصصات لمطلوبة في الجرائم المستقبلية ، واستحداث تشريعات تتواكب مع التطور التقني في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات النائية ، مع تعزيز قدرات الأجهزة القضائية والتحقيقية للتعامل مع الجرائم السيبرانية وتدريب المحققين على تقنيات التحقيق الرقمي ، مطالبين بإنشاء محاكم ونيابات متخصصة في الجرائم المستحدثة والرقمية