رسخت مبادرة “صناع الأمل” نفسها ملهمة للعطاء والمبادرات الخيرية والإنسانية على امتداد الوطن العربي منذ اللحظة التي نشر فيها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، في فبراير 2017 عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي إعلاناً مبتكراً من نوعه لوظيفة متاحة لأي شخص في العالم العربي، نظير مكافأة قيمتها مليون درهم.
شروط الوظيفة التي تضمنها إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم آنذاك، إتقان الشخص مهارات البذل وخدمة الناس، وأن يكون إيجابياً ومؤمناً بطاقات من حوله من أبناء الوطن العربي، تترجم رؤى سموه في غرس الخير والأمل ونشر ثقافة العطاء حول العالم، وقد نجحت هذه المبادرة الفريدة في استقطاب أكثر من 320 ألف طلب ترشيح خلال خمس نسخ.
“صناع الأمل”، التي تعد أكبر مبادرة عربية من نوعها مخصصة للاحتفاء بأصحاب العطاء في الوطن العربي، وتتوج أبطال نسختها الخامسة في 23 فبراير الجاري، مستمرة في تأدية رسالتها الإنسانية، وفتح آفاق جديدة للتغيير الإيجابي والثقة بالمستقبل، وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: “يحيا الإنسان بالأمل.. وتنطلق المجتمعات للحياة بناء على قوة الأمل.. وتهون أصعب التحديات أمام أمل حقيقي.. عندما ينشر البعض اليأس والإحباط في منطقتنا.. ننشر نحن التفاؤل والأمل”.
غرس ثقافة الأمل
وتهدف مبادرة “صناع الأمل” التي تنضوي تحت مظلة مؤسسة “مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية” إلى تسليط الضوء على صنّاع الأمل في العالم العربي، من النساء والرجال، الذين يكرِّسون وقتهم وجهدهم ومواردهم لخدمة الآخرين ومساعدة الفقراء والمحتاجين وإغاثة المنكوبين والمساهمة في تحسين الحياة من حولهم، والتعريف بمبادرات ومشاريع وبرامج صناع الأمل عبر مختلف وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، وعبر منصات الإعلام الجديد، وتعزيز شهرتهم في مجتمعاتهم وفي الوطن العربي.
كما تهدف إلى مكافأة صناع الأمل المتميزين من أصحاب المبادرات الأكثر تأثيراً عبر تقديم الدعم المادي لهم لمساعدتهم في مواصلة مبادراتهم وتكثيف جهودهم الإنسانية والتطوعية في مجتمعاتهم، وتوسيع نطاق مبادراتهم ومشاريعهم لتشمل عدداً أكبر من المستفيدين.
وتسعى المبادرة إلى المساهمة في غرس ثقافة الأمل والإيجابية في مختلف أنحاء الوطن العربي وتشجيع العطاء أياً كانت الظروف ومهما بلغ حجم التحديات، وكذلك، المساهمة في خلق نماذج إيجابية ملهِمة من الشباب في العالم العربي يكونون أمثلة تحتذى لغيرهم في العمل من أجل التغيير البنّاء وتطوير مجتمعاتهم، والاحتفاء بهذه النماذج بوصفهم الأبطال الجدد أو النجوم الحقيقيين الذين يستحقون الإشادة والتقدير.
مسيرة حافلة
صناع الأمل الذين عرفهم العرب والعالم من خلال المبادرة، ألهموا الآخرين بقصصهم وأدوارهم المؤثرة في مجتمعاتهم وفي تحسين حياة محتاجين وفقراء وأيتام ومرضى، وفي كل نسخة جديدة نكتشف أبطالاً جدداً بيننا في فعل الخير والعطاء بلا مقابل.
ولقيت المبادرة منذ إطلاقها في العام 2017 من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تفاعلاً كبيراً في الوطن العربي، وفاق عدد طلبات الترشيح من صناع أمل في النسخة الأولى 65 ألف طلب، من مختلف أنحاء الوطن العربي، علماً أن الرقم المستهدف للمبادرة كان 20 ألفاً.
وتميزت في النسخة الأولى، نوال الصوفي من المغرب والمقيمة في إيطاليا، التي كرست نفسها لإنقاذ اللاجئين الفارين إلى أوروبا عبر البحر مساهمة في إنقاذ أكثر من 200 ألف لاجئ، كما تميزت في الدورة الأولى مبادرة هشام الذهبي من العراق، الذي تبنى قضية أطفال الشوارع في بلاده مقدماً لهم كل أشكال الرعاية من خلال تأسيسه “البيت العراقي للإبداع”.
واستقطبت النسخة الثانية من مبادرة “صناع الأمل”، أكثر من 87 ألف طلب ترشيح، وكرّم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، صنّاع الأمل الخمسة المتأهلين لنهائيات المبادرة بمكافأة مالية بقيمة مليون درهم لكل منهم، لتبلغ قيمة جائزة “صناع الأمل” خمسة ملايين درهم.
كما أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن تأسيس أكاديمية صناع الأمل بـ50 مليون درهم لدعم صناع الأمل في الوطن العربي، وتوفير حاضنات إنسانية لمشاريعهم، ونقل الخبرات العلمية العالمية في المجال الإنساني لمشاريعهم، وتوفير دورات تدريبية تنفيذية وقيادية لهم بالتعاون مع أفضل الخبرات والمعاهد العالمية المتخصصة.
وفي النسخة الثانية، برزت مبادرة محمود وحيد من مصر، والتي حملت عنوان “معانا لإنقاذ إنسان” المعنية بإيواء المشردين في الشوارع من كبار السن.
وبرزت في النسخة الثانية أيضاً، مبادرة نوال مصطفى من مصر التي كرست نفسها لقضية السجينات وأطفالهن، كما أسست جمعية “رعاية أطفال السجينات” لتسليط الضوء على الأطفال الذين يعيشون داخل أسوار السجن مع أمهاتهم النزيلات.
نماذج مشرفة
وشارك في النسخة الثالثة من المبادرة، 92 ألف صانع أمل وكرّم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم صنّاع الأمل الخمسة المتأهلين لنهائيات المبادرة بمكافأة مالية بقيمة مليون درهم لكل منهم.
وتميزت في هذه النسخة، مبادرة الدكتور مجاهد مصطفى علي الطلاوي من مصر الذي يقدم الرعاية الصحية للمساكين والفقراء منذ عقود برسم رمزي أو دون مقابل، ويدعم الفقراء والمحتاجين والأيتام في قريته طلا في صعيد مصر، كما برزت مبادرة ستيف سوسبي الصحفي الأمريكي الذي حصل على الجنسية الفلسطينية لقاء جهوده مع أطفال فلسطين ممن فقدوا أطرافهم وتشجيعه فرق الأطباء والمتطوعين من مختلف أنحاء العالم على مساندة الطواقم الطبية الفلسطينية، مؤسساً صندوق إغاثة أطفال فلسطين.
واستقبلت النسخة الرابعة أكثر من 58 ألف صانع أمل عربي، حيث توج صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم العراقية تالا الخليل بلقب “صانعة الأمل”، بعدما حصلت على أعلى نسبة تصويت في الحفل الختامي، ووجه سموه بأن يكون جميع صناع الأمل الأربعة المتأهلون إلى
نهائيات المبادرة فائزين باللقب، وهم إضافة إلى تالا الخليل، العراقي محمد النجار، والمغربي أمين إمنير، والمصرية فتحية المحمود.
ونجحت صانعة الأمل العراقية الدكتورة الصيدلانية تالا الخليل، في إحداث تغيير كبير في حياة أطفال مرضى من أصحاب الهمم، حيث أسست “أكاديمية المحاربين” في البصرة، وتمكنت بمجهود شخصي من رعاية أكثر من 200 طفل من مصابي متلازمة داون والسرطان، أما صانع الأمل العراقي الدكتور محمد النجار، فقد أعاد الأمل لكثير من مبتوري الأطراف في العراق، واستطاع تأسيس فريق لكرة القدم يمثل العراق في المحافل الدولية.
وحول صانع الأمل المغربي أمين إمنير حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي إلى بوابة جديدة للعطاء، حيث تبنى الكثير من المبادرات الإنسانية والحملات الإغاثية لتوزيع المساعدات على المحتاجين، وحفر الآبار وبناء الجسور، كما حظيت المصرية فتحية المحمود الملقبة بـ”أم اليتيمات” و”ماما فتحية” بتقدير كبير بعد أن استقبلت 34 طفلة يتيمة في بيتها وأشرفت على رعايتهن وتعليمهن وتربيتهن، إضافة إلى تأسيسها جمعية لمسة أمل لرعاية الأيتام.
اليوم، ونحن نقترب من ختام النسخة الخامسة من مبادرة “صناع الأمل” تتجه الأنظار إلى “كوكا كولا أرينا” بدبي حيث يتم الاحتفاء بنخبة جديدة من الملهمين في الإنسانية والعطاء، من بين أكثر من 26 ألف صانع أمل تقدموا للمشاركة خلال شهر واحد.