كان اغتيال وسام الحسن الاشارة الاولى لقرار ايران التدخل المباشر في المعركة في سوريا، وبالطبع تتفق كل التقديرات العربية، الغربية والمحلية المعنية على ان “حزب الله” هو الجهة التي نفذت اغتيال رئيس شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي لاستكمال وضع اليد على لبنان امنيا، وكانت ازاحة اشرف ريفي التتمة الطبيعية لتعبيد الطريق في لبنان، ولافهام من يجب افهامهم ان يد الحزب طويلة وتصل الى الكل ساعة يصدر القرار.
وكان دخول “حزب الله” المتدرج بداية، ثم الشامل في معارك القصير وريف حمص والسيدة زينب والزبداني وغيرها الاشارة الثانية الى أن ايران تقاتل مباشرة على الارض في سوريا وانها تستخدم كل الادوات التي بحوزتها من “حزب الله” اللبناني، الى “حزب الله” العراقي وصولا الى كوادر عسكرية ايرانية من الحرس الثوري. وقد استفادت ايران المتعبة ماليا بسبب العقوبات على برنامجها النووي، من موارد العراق المالية والعينية عبر حليفها نوري المالكي لتغطية جزء من مجهود الحرب في سوريا، ولا تزال تضغط على العراق المشرف على حرب اهلية مذهبية في وقت قريب جدا.
بالرغم من شعور النظام في سوريا بشيء من النشوة الناجمة عن عدم وجود قرار غربي بالتدخل لحسم المعركة والتعجيل في سقوط النظام، وبالرغم من الخطاب الايراني المباشر او غير المباشر (“حزب الله”) الذي يريد الايحاء ان ثمة تحسنا ملموسا في وضع النظام والتحالف الذي يقاتل خلفه ومعه، فإن الواقع قد يكون اقل ايجابية. فالتورط المباشر في سوريا قد يكون بحسب تقديرات عربية – غربية غرقا في مستنقع لا خلاص منه إلا بعد دفع اثمان باهظة. اكثر من ذلك، ثمة من يقول في عواصم القرار الكبرى في العالم: ما الضير في ان تصير سوريا فيتنام ايران، فتستنزفها ماديا ومعنويا؟ ماديا بمليار دولار شهريا لتغطية اعباء المعركة ودعم النظام. معنويا بتدمير كل الرصيد السابق في المشرق العربي الذي بني عبر الركوب لثلاثة عقود على موجة القضية الفلسطينية، والمواجهة مع اسرائيل. ومن الواضح ان “حزب الله” الذراع العسكرية – الامنية لايران يدفع ثمنا مضاعفا لكونه يستند الى قاعدة شعبية عربية مشرقية في الوقت الذي ينذر تورطه الدموي في سوريا بتحويل الاخيرة الى مقبرة جماعية لخيرة شبابه المقاتلين، والى مقبرة معنوية لكل الرصيد الذي جمعه طيلة عشرين عاما او اكثر. والحال ان الحزب، بضرورات وظيفته الاصلية ما استطاع ان يتجنب انكشاف صورته الحقيقية، فهو تنظيم ايراني عسكري – امني بجمهور لبناني مخدر بالعصبيات المذهبية الغرائزية.
ان الغرب لا يهتم للضحايا في سوريا. ولا يعنيه ان بلغ عددهم مئة او مئتي الف قتيل ما دامت المحصلة الاخيرة لكل ما يحصل هي تحول سوريا الى فيتنام ايران، وازدحام المقابر بجثث مسلحي “حزب الله” العائدين من “الواجب الجهادي ” في سوريا! وفي الاثناء، يستمر بشار في الاستفادة من حماية اسرائيلية لا جدال فيها. ونعم “الممانعة”…
*نقلاً عن “النهار” اللبنانية