سماتٌ حضارية

شبكة أخبار الإمارات ENN

من يستعرض تاريخ الثقافة الغربية منذ عصر النهضة، يجد أنها تتضمن ومضات لافتة، لكتّاب ومفكرين اطلعوا على الحضارة العربية والإسلامية، واستوعبوا ما فيها من قيم إنسانية، وما قدمته للبشرية من فوائد، هؤلاء اعترفوا بذلك في كتبهم، ما يشكل أساساً لحوار حضاري، ويعد مرتكزاً يمكن محاكاته للتفاهم بين دول وشعوب العالم.
إن الحوار بين المفكرين والمثقفين هو سمة حضارية وهو مطلوب اليوم بقوة، ونحن في خضم أزمات طائفية، وأفكار عنيفة، وقوى ظلامية، تنتشر في مشارق الأرض ومغاربها، وفي هذه المناسبة نستدعي – على سبيل المثال – الشاعر الفرنسي الكبير أراغون، صاحب الديوان الشعري المتميز «مجنون إلسا» الذي حاكى فيه مرحلة الأندلس متحدثاً عن «بوعبديل» ملك غرناطة.
أراغون في «مجنون إلسا» تأثر بالشعر الأندلسي، وكان قد فتح نافذة ما بين الماضي والحاضر والمستقبل، ومثل تجربة تنتسب للحضارة الإنسانية، شأنه شأن شعراء ومفكرين ومستشرقين كثر.
نتذكر في هذا المقام الشاعر الألماني جوته الذي كان قد اطلع على الأدب العربي وألف كتابه المعروف «الديوان العربي الشرقي» وكتب مسرحية عن الرسول الكريم، فوصفه بالمفكر العالمي الذي جاء لنشر ثقافة السلام والمساواة والإخاء بين الشعوب. أيضاً الشاعر الفرنسي لامارتين تحدث عن ذات الموضوع وما تمتعت به شخصية النبي صلى الله عليه وسلم من عظمة وخلود.
هذه التفاعلات الحضارية ما بين الشرق والغرب، لم تتوقف يوماً عن الدفع باتجاه تطوير آليات التفكير، والبحث في التفاصيل. المصطلح نفسه «الشرق والغرب» كان حاضراً في ذهن المفكر محمد أركون، وهو يتحدث بتحليل إنثروبولوجي عن التمفصلات المختلفة للذات المشرقية بين التاريخ والإسلام والسياسة في دول شمال إفريقيا، وهو الذي جعله يؤكد على السمات المميزة لهذه المنطقة ذات التاريخ المشترك.
«الإسلام الحضاري أرسى مدنية متقدمة تعد في الوقت الحاضر من أروع المدنيات في كل العصور، كذلك فإنه جمع حضارة متينة متقدمة»، هو ما أشار إليه العالم الإسباني خوسيه لويس بارسلو، وهو يتحدث عن روح الإسلام كما يجب أن يفهمها من يحاولون عن عمدٍ تشويه صورته.

عثمان حسن
Ohasan005@yahoo.com

Read more

شاهد أيضاً