دعماً لجهود الدولة في حماية حقوق الطفل والتوعية بالقانون الإماراتي “وديمة”، يُمثل برنامج “سفراء الأمان” في شرطة دبي، تجربة فريدة ومتكاملة في مجال التوعية والتمكين الذاتي للأطفال، لاسيما في قضايا حماية وصون حقوق الطفل، وتوعيته إزاء الظواهر الدخيلة على المجتمع الإماراتي. ويُعد هذا البرنامج التابع لـ”مجلس سفراء أمان”، في شرطة دبي، مِثالاً حيًّا على التكامل بين العمل الأمني والمجتمعي، وعلى قدرة المؤسسات الوطنية على تحويل الأطفال من متلقين للخدمات إلى شركاء فاعلين في صياغة بيئة أكثر أمانًا وعدلاً.
رسالة عميقة
وأكد الرائد راشد ناصر آل علي، رئيس مجلس سفراء أمان، رئيس قسم حماية الطفل في إدارة حماية حقوق الطفل والمرأة بشرطة دبي، أن المجلس يتبنى رؤية استراتيجية واضحة وأهداف مؤثرة، بما ينسجم مع تطلعات الدولة نحو تعزيز جودة الحياة، ورفع وعي الأطفال بحقوقهم وأدوارهم المجتمعية، وعدم المساس بها من المحيطين به. وأضاف ” إن المجلس يُعد نموذجًا إماراتيًا فريدًا ورائداً على مستوى المنطقة، يُجسد التزام دولة الإمارات وشرطة دبي بتمكين الأطفال وإشراكهم بفعالية ضمن منظومة الحماية المجتمعية. نفخر بأن تكون دولة الإمارات سباقة في إطلاق هذا النوع من المجالس المتخصصة، وهو ما يعكس ريادة مؤسساتها في تبني مبادرات نوعية تعزز جودة الحياة وترسخ مفهوم المصلحة الفضلى للطفل”.
وقال “يحمل المجلس رسائل عميقة لإحداث تأثير جذري في المجتمع فيما يختص بحقوق الطفل وبناء أجيال واعية، ومؤهلة لمواجهة التحديات السلوكية والاجتماعية والرقمية، بحيث يمتلك أدوات الدفاع عن النفس لكل من يحاول انتهاك حقوقه أو المساس بها، والتأثير الإيجابي في محيطه مع القدرة على مساعدة أقرانه من الأطفال أيضاً.”
وقاية ورقابة
وأشار إلى أن “سفراء أمان” لا يجنون الفائدة من برامج التوعية وحسب، بل يتم تأهيلهم ضمن إطار منظم ليكونوا كوادر طلابية قيادية تُمثل مستقبل العمل المجتمعي والحقوقي، ويحملون قيماً وطنية ومهارات عملية تؤهلهم للعب أدوار فاعلة داخل المجتمع وخارجه. وأضاف “إن البرنامج يُشكل ركيزة مهمة في الدورين الوقائي والرقابي لشرطة دبي، ويُقدم نموذجًا متقدمًا لخطاب توعوي موجه بلغة الطفل، من خلال دورات تدريبية وتأهيلية تُنفّذ في المدارس الحكومية والخاصة لتعزيز ثقافة الحماية والوقاية المبكرة.”
ونوه بأن المجلس يُعزز إشراك الأطفال كعنصر فاعل في منظومة الحماية، عبر آلية معتمدة تمكّنهم من التعبير عن احتياجاتهم والتواصل مع الجهات المختصة عبر قنوات آمنة، بما يرسخ بيئة داعمة للأطفال، ويُسهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا واستعدادًا لحماية أفراده من مختلف أشكال الإساءة أو الإهمال.
إنجازات وجوائز
من جانبها، قالت فاطمة البلوشي، رئيس قسم التوعية والتثقيف في إدارة حماية حقوق الطفل والمرأة، عضو المجلس، إن البرنامج يهدف إلى تعزيز الوعي بمفهوم وأهمية حقوق الطفل، ونشر التوعية بين أفراد المجتمع، وتدريب وتأهيل وتمكين الأطفال المنضمين إلى البرنامج، وتنفيذ محاضرات وورش تعريفية متعلقة بحقوق الطفل، ورصد الظواهر السلوكية والتبليغ عن أي انتهاكات أوممارسات يتعرض لها الأطفال في البيئات المختلفة، وتمثل انتهاكاً لحقوقهم، بالإضافة إلى توفير إطار وقائي لمعالجة أي ظواهر سلوكية في بيئة الطفل والحد من تفاقمها، وبناء وتطوير شراكات وعلاقات تعاون مع الجهات ذات الصلة بالطفل محليا وإقليميا ودوليا.
وأضافت “أسفرت نتائج البرنامج عن تأهيل 1429 سفير أمان من الذكور والإناث يمثلون 177 مدرسة، بواقع 110 مدرسة حكومية و67 مدرسة خاصة، ليمثلوا أدوات فاعلة في نقل المعرفة وبث الوعي بين أقرانهم. كما حصل المجلس على المركز الأول في جائزة الاقتراحات في فئة المجالس، وحصل على المركز الأول في جائزة الشارقة للعمل التطوعي 2022. وقدم خلال الثلاث سنوات الماضية 83 نشاطاً وفعالية، و24 ورشة ومحاضرة توعوية حول قانون “وديمة” لحماية الطفل، وكل ذلك يعكس حجم الجهد المبذول في التثقيف الوقائي. كما تمكن 41 سفير أمان من الفوز بجوائز على مستوى دبي ودولة الإمارات، منها فوز 7 سفراء أمان بالمركز الأول بجائزة عون للخدمة المجتمعية على مستوى إمارة دبي وعلى مستوى دولة الإمارات. كما بلغ عدد سفراء الأمان المشاركين في المشاريع الابتكارية، 21 سفير أمان.”
مبادرات نوعية
وبينت أن المجلس حقق إنجازات عديدة منذ إنشائه، فأطلق عدداً من المبادرات، أبرزها مبادرة صوت الطفولة، وهو برنامج تلفزيوني توعوي سلط الضوء على 403 قضايا متعلقة بالطفل، وناقش ملفات حيوية استلزمت معالجة إعلامية مسؤولة.
كما أطلق المجلس مبادرة “سواعد الأمان”، والتي تُعنى بتدريب الأطفال على مواجهة المخاطر السلوكية بشكل مباشر وفعّال، بهدف رفع منسوب الوعي الوقائي لديهم.
وأخيراً مبادرة “مسبار المعرفة”، وهي جلسات يقودها الأطفال أنفسهم، وبلغ عدد المستفيدين منها 7574 طفلاً، في تجربة تعليمية تُكرّس مفهوم القيادة المبكرة والمسؤولية المجتمعية.
ولفتت إلى أن عدد المستفيدين من المبادرات الثلاثة السابقة، تجاوز المليون و 200 ألف مستفيد. كما بلغ عدد تحميل لعبة حقوقي ومسؤولياتي، 184 ألفاً و 885 تحميل منذ إطلاقها عام 2019، والموجهة للأطفال على متجرَي “أبل ستور” و”غوغل بلاي”، والهادفة إلى توعية الأطفال بحقوقهم وواجباتهم وفق أساليب ترفيهية وتربوية حديثة، ترفع من مستوى إدراكهم بطريقة ابتكارية ونوعية.
حضور محلي وإقليمي ودولي
ونوهت إلى أن مجلس سفراء الأمان، برز على الساحات المحلية والإقليمية والدولية، حيث زار سفراء الأمان المخيم الأردني الإماراتي للاجئين برفقة وفد من الإدارة العامة لحقوق الإنسان، ووفد من الهلال الأحمر الإماراتي. وشارك سفراء الأمان بورقة عمل في مؤتمر تشريعات حقوق الطفل والساسة الوطنية لدولة الإمارات بأبوظبي مع 22 جهة مشاركة.
كما تجاوز البرنامج صداه المحلي إلى المستوى العالمي، حين شارك أطفال من سفراء الأمان لا تتجاوز أعمارهم الـ16 عاماً، في حلقة نقاشية حملت عنوان “تعزيز وصول الأطفال إلى العدالة”، والتي نظمها مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي والبعثة الدائمة لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة، فمثل 4 من سفراء الأمان الدولة أمام الدول الأعضاء في مقر منظمة الأمم المتحدة في جنيف. وهي مشاركة استثنائية عملت على تمكين الطلاب في المحافل الدولية كمتحدثين رسميين رغم صغر سنهم، كما أنها أثرت معلوماتهم القانونية والمعرفية حول قانون “وديمة”، والقوانين والتشريعات الدولية التي تكفل حقوق الطفل وتوفر له الحماية من كافة أشكال العنف والإساءة.