دبي في 15 يناير/ وام / رغم التمدن والتطور الحضاري ، لم تفقد الخيول
على اختلاف سلالاتها قيمتها، وبقيت رمزا للجمال والجاه والقوة، ومدعاة
للتفاخر بين أصحابها، ومصدر إلهام تغنى بها ولا يزال الشعراء والكتاب،
ومحط جذب للناس يتوافدون لالتقاط الصور معها والتودد إليها.
واليوم، للخيول نصيب في تعزيز الأمان في المجتمع، ومشاركة الدوريات
الشرطية الميكانيكية دورها في بث الطمأنينة بين الناس، حتى غدت جزءا
أساسيا من منظومة عمل الدوريات في شرطة دبي، وتأسس لأجلها مركزا شرطياً
متخصصا…مركز شرطة الخيالة.
وتعد شرطة دبي من أقدم الأجهزة الشرطية التي استخدمت الخيل في عملها،
وذلك منذ سبعينات القرن الماضي، كما حصلت على الاعتراف الدولي من قبل
منظمة الخيول البريطانية، لتطبيقها أحدث أنظمة العمل في مجال تدريب
المدربين بالمركز، وتدريب الخيول، وتطبيق أحدث أنظمة الموارد البشرية
والسلامة المهنية في مختلف الأقسام والشعب.
وأكد اللواء خبير محمد عيسى العظب، مدير مركز شرطة الخيالة، أن دوريات
الخيالة الشرطية شهدت تطورا كبيرا ولاقت اهتماما بالغا من حكومة دبي
والقيادات الشرطية، وذلك منذ نشأتها عام 1976 بأمر من صاحب السمو الشيخ
محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي
“رعاه الله”، وكان مسمى المركز في ذلك الوقت “قسم شرطة الخيالة”، ويتبع
الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية، لينطلق حينها بـ9 خيول و
4 من ساسة الخيل، وفي عام 1979 أصبح القسم تابع للإدارة العامة لأمن
الهيئات والمنشآت والطوارئ، ثم صدرت أوامر في عام 1989 بنقل القسم إلى
الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية، وأصبح إدارة فرعية، ثم تأسس
مركز شرطة الخيالة في عام 2019.
وبين اللواء العظب أن المركز يخدم هدفا استراتيجيا رئيسيا وهو الحد من
الجريمة، نظرا لمهامه وأدواره الفعالة في إلقاء القبض على المتهمين
والمطلوبين، وقدرة دورياته على السير في الأماكن الضيقة، والتي لا
تستطيع المركبات الميكانيكية السير فيها، إلى جانب مساهمتها في تعزيز
شعور الأفراد بالأمان وبث الطمأنينة بجولاتهم في مناطق الاختصاص،
والمناطق الصناعية والتجارية والسياحية، إلى جانب مهامه في تفعيل نقاط
الاشتباه، والتدقيق على المشبوهين والمركبات المشبوهة والمركبات
المهجورة، وتأمين المنشآت الرياضية وتلبية الطلبات الواردة من الإدارة
العامة لأمن الهيئات والمنشآت والطوارئ. وتدريب وتأهيل الفرسان
والمرشحين والمستجدين، والتدريب العلاجي.
وقال اللواء العظب إن عدد دوريات الخيالة التي تم تسييرها في عام 2021
هو 2279 دورية، وأدت الدوريات 49 مهمة أمنية، و81 مهمة مجتمعية، و457
مهمة نفذها الخيالة بالتعاون مع المتطوعين فيما يختص بجانب تطبيق
الإجراءات الاحترازية.
وأضاف إن لكل خيل جواز سفر يحوي كافة بياناته الشخصية والصحية،
وإنجازاته طوال مسيرته، فالخيل العربية الأصيلة يصدر لها جواز ذات لون
أحمر يحمل اسم جمعية الإمارات للخيول العربية، في حين تحمل الخيول
المهجنة جواز سفر ذات لون بنفسجي، وكلا الجوازين يسمح للخيول بالسفر إلى
أي دولة في العالم.
وقال إن الفرصة سانحة لمختلف الفئات العمرية في المجتمع بالاشتراك في
مدرسة الفروسية الخاصة بمركز شرطة الخيالة، للرغبة بالتعلم والتدرب على
ركوب الخيل، منوهاً ببرنامج “إهداء الخيول” الذي أطلقته شرطة دبي لمن
يرغب باقتناء خيل بالمجان شريطة توفر اسطبل وعناية صحية للخيل، على ان
تستمر شرطة دبي بمتابعة أمره والتأكد من استمرارية الاهتمام فيه.
وأوضح أن دوريات الخيالة ساهمت بشكل كبير في مكافحة جائحة كورونا منذ
بداية الأزمة، خصوصا خلال فترة برنامج التعقيم الوطني، وتحديدا في منطقة
نايف، وهو ما ساهم في الوصول إلى حالة صفر حينها، وذلك ضمن الجهود
الوطنية الرامية للحد من انتشار الفيروس، والتأكد من التزام أفراد
المجتمع بالتدابير الاحترازية للوقاية من الإصابة، منوهاً بقدرة دوريات
الخيالة على الدخول في المناطق الضيقة التي لا تستطيع المركبات الوصول
إليها، مشيداً بالجهود الاستثنائية لخيالة شرطة دبي، وإخلاصهم في عملهم
بخط الدفاع الأول.
وأكد حرص شرطة دبي على دعم أصحاب الهمم، عبر تقديم برامج علاجية، إيمانا
بأثرها الإيجابي الكبير في تحسين قدرات الأطفال من أصحاب الهمم
المشاركين في مختلف النواحي النمائية بما في ذلك التطور الحركي والذهني
والاجتماعي ومهارات التواصل والنطق. لافتاً إلى نجاح المركز منذ عام
2007 وبالتعاون مع وزارة تنمية المجتمع وهيئة تنمية المجتمع في تدريب
أكثر من 350 منهم.
وقال اللواء العظب إن المركز حصل على الاعتراف الدولي من جمعية الخيول
البريطانية في عام 2010، إحدى أهم الجمعيات المختصة بالجوانب التنظيمية
في مجال الفروسية، والأكبر في المملكة المتحدة، وذلك نظير أنظمة العمل
الخاصة بتدريب العاملين، وتدريب الخيول، وأنظمة الموارد البشرية،
والسلامة المهنية، وإجراءات العمل. لتغدو شرطة دبي بذلك أول مؤسسة شرطية
تحصل على الاعتراف عالميا.
وأضاف إن المركز نال جوائز عدة، أبرزها المركز الأول في جائزة فاطمة بنت
مبارك للتميز والذكاء المجتمعي، والمركز الأول في جائزة الأميرة هيا
للتربية الخاصة، والذهبية في جائزة الأفكار لأفضل فكرة، وجائزة الإبداع
الرياضي. كما حطم المركز الرقم القياسي العالمي في موسوعة غينيس لأطول
مسيرة علم بالخيول في عام 2018.
وقال ” طالما احتل الخيل مكانة متميزة بين الناس، فاستخدام أفراد الشرطة
للخيول، يزرع مشاعر من الألفة والود بين الشرطة والجمهور، ويضيف تواجدهم
في التجمعات الجماهرية بهجة وسعادة، كما يعزز من شعور الناس بالأمان.
واليوم يضم مركز شرطة الخيالة 117 خيلا، يجوبون شوارع المدينة، يبثون
الأمان والطمأنينة والبهجة بين أهلها، ويؤدون العروض المدهشة، ويرسخون
الشعور بالحماية بدورياتهم الأمنية”.
وأشار اللواء خبير العظب إلى أن المركز حقق إنجازا ملفتاً بتطبيقه
برنامجاً على مدى 15 عاما، لإعادة تأهيل خيول السباقات وتدريبها،
وتمكينها من المشاركة في الفعاليات والعروض والمهرجانات، ” بتوجيهات من
معالي الفريق عبد الله خليفة المري، القائد العام لشرطة دبي، شارك 173
شخصا من مركز شرطة الخيالة والأكاديمية ومركز حماية الدولي في مهرجان
ويندسور البريطاني الملكي عام 2019، بالتعاون مع نادي دبي لسباق الخيل،
ومؤسسة ميدان، وهو أحد أضخم مهرجانات الخيول على مستوى بريطانيا
وأوروبا، ويقام سنويا منذ أكثر من 45 عاما. وخلال مشاركتنا، أثار اهتمام
الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، نجاحنا في تطبيق برنامج خاص
لإعادة تأهيل خيول السباقات وتدريبها، لتتمكن من المشاركة في العروض
والفعاليات المختلفة، ذلك لأن خيول العرض لابد أن تتصف بالهدوء والتمكن
وتحمّل الصخب والضجيج، على عكس خيول السباقات، ومن الصعب إعادة تأهيل
خيول السباقات لتتصف بصفات خيول العرض، وهو ما أثار انتباه الملكة
واستوقفها عند زيارتها لاسطبل خيول شرطة دبي في بريطانيا وقت المهرجان.
من جانبه أكد الرائد ضاحي سالم الجلاف، رئيس قسم الخدمات الإدارية، أن
مركز شرطة الخيالة يُعنى بجانب محوري في غاية الأهمية وهو الجانب
البيطري ورعاية الخيول، ويعمل فيه أطباء بيطريون وطاقم من الممرضين
للاهتمام بالخيول وعلاجها من الإصابات ومتابعة صحتها ووقايتها من
الأمراض، والتأكد من سلامتها قبل النزول الميداني، وإعداد جداول للتحصين
من الأمراض وغيرها، لافتاً إلى ان رعاية الخيول بدقة يعزز من قدرتها
وكفاءة أدائها في مختلف المهام، ويعزز من استمرارية خدمتها لسنوات أطول،
وهو ما يحرص الطاقم الطبي على تأديته على أكمل وجه.
وسجل المركز ابتكارات متميزة، منها دراجة هوائية لتدريب الخيول، وتتميز
بنسبة أعطال صفر %، لعدم وجود محرك بها، وتحوي مصدات أمامية وخلفية
للالتحامات مع الخيول أثناء التدريب، وجهاز رش للمياه، وجهازا لقذف
الكرات المطاطية، وكلاهما يستخدمان لعمل سناريوهات تحاكي أعمال الشغب.
كذلك مدرعة تدريب الخيول، وتحوي بدورها مصدات أمامية وخلفية تلتحم مع
الخيول بهدف التدريب على الدفع والتصدي لأعمال الشغب، إلى جانب جهاز
دخان اصطناعي لتدريب الخيول على سيناريوهات اندلاع الحرائق أثناء أعمال
الشغب، مكبرات صوت وكاميرا أمامية وخلفية لعرض الأحداث على الشاشة
لتسهيل عمل المدرب وتوجيه المدرعة لضمان تدريب الخيول.
– حصان معمّر في شرطة دبي يستمر في العطاء..
اسمه كوزمِل، يبلغ من العمر 25 عاما، وهو أكبر المعمرين بين 117 خيلا
المنضمين إلى شرطة دبي، وعلى رغم كبر سنه لكنه يتمتع بصحة جيدة، وهو أمر
ليس شائعا في عالم الخيول، خاصة وأنه مازل قادرا على العطاء ومرافقة
فارسه المتميز اللواء محمد عيسى العظب في مهامه المختلفة.
ولد في الأول من شهر يناير من عام 1996 في الأرجنتين، وكان محظوظا بسفره
إلى دول عدة والمشاركة في سباقات وطنية وعالمية، إلى حين التحاقه بشرطة
دبي في عام 2007، حيث بدأ مرحلة عطاء جديدة مليئة بالمواقف الحيوية
الجميلة، فقد سنحت له فرصة اللقاء بشخصيات عظيمة، والاحتكاك بقرب بالناس
وخاصة الأطفال الذين تلمس منهم فرحا وسعادة بلقائه ورغبة بالتقاط صور
تذكارية برفقته.
عمله الجديد في شرطة دبي أضفى عليه تأثيرا كبيراً، فلم يكن في السابق
على دراية بكيفية التجاوب مع البشر، كان صارما جدا، ولم يكن يتقبل
التواجد وسط الاحتفالات والمهرجانات والعروض، لكنه اليوم، وبفضل فارسه
ومدربه أصبح أكثر هدوءا وثباتا ورسوخاً، اليوم، باتّ قائد طوابير
الفرسان، يمشي مختالا وسط الخيول والجموع، يرقص فرحا على صوت المزامير
والطبول، ويسعد بفرحة الصغار وتودد الكبار.
بالمناسبة، على الرغم من التغير الذي طرأ عليه ، لكن عشقه للتفاح والجزر
لم يتغير أبداً، ويحب تناول كل طعام يحوي الذرة أو الشعير أو حبوب
الصويا، وهذا يشمل كل معشر الخيول.