خرائط إدلب الجديدة

شبكة أخبار الإمارات ENN

يونس السيد

فتحت سيطرة الجيش السوري على بلدة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، ثم سيطرته على ريف حماة الشمالي، ومحاصرة نقطة مراقبة تركية، ووضع أخرى تحت مرمى النيران، الطريق أمام إعادة رسم خريطة ما يسمى «منطقة التصعيد» في شمال غربي سوريا، على الرغم من كل المحاولات التي تبذلها أنقرة للتغطية على فشلها في الحفاظ على موطئ قدم لها ولحلفائها في تلك المناطق.
الميدان كان صاحب الكلمة الفصل في إعادة رسم خريطة المنطقة، بعد أن عجزت عمليات التهدئة ووقف إطلاق النار بين حين وآخر، عن تنفيذ اتفاق «سوتشي»، وإخراج المسلحين والسلاح من «المنطقة العازلة» بسبب المماطلة التركية، بينما المفارقة الآن، أن أنقرة هي من يطالب بتنفيذ اتفاق «سوتشي»، لكن الوقت قد لا يُسعفها في تحقيق ذلك. فالتقدم السريع للجيش السوري، سبق الرهان على المعالجات السياسية التي تُنتهجها أنقرة لإنقاذ هيبتها .
فما حدث يوم 19 أغسطس حين دفعت أنقرة بأكثر من 50 آلية عسكرية وزجت تحت جنح الظلام بمجموعات ضخمة من فصائل ما يسمى «درع الفرات» التي تدعمها، إلى منطقة خان شيخون، ومسارعة الجيش السوري إلى وقف الرتل التركي، وانسحاب الفصائل المسلحة، شكل نقطة التحول في هذه المعركة؛ إذ إن سقوط خان شيخون ذات الأهمية الاستراتيجية والمعنوية بيد القوات الحكومية، وهي التي استدرجت تدخلاً أمريكياً في أبريل 2017 بذريعة استخدام أسلحة كيماوية، وجه ضربة قاصمة لكل الخطط التركية شمال غربي البلاد، وكشف في نفس الوقت عن حجم تورط أنقرة في دعم الفصائل المسلحة بقيادة «جبهة النصرة» المصنفة «إرهابية».
تراهن أنقرة على موسكو والقمة الثلاثية المنتظرة التي تضم إيران بحلول منتصف الشهر المقبل، لإعادة صياغة اتفاق «سوتشي» من جديد، ضمن مقاربات أخرى تتعلق بتسوية الأزمة السورية، وإطلاق اللجنة الدستورية، لكن بات من الواضح علوّ كعب روسيا التي رحبت باستعادة الجيش السوري لخان شيخون، على الرغم من أنها جزء من «منطقة التصعيد».
بعض التقارير تشير إلى مفاوضات تُجريها أنقرة مع موسكو، تستهدف إمكانية تراجع الجيش السوري باتجاه بلدة الهبيط الواقعة على بعد 10 كيلومترات غربي خان شيخون، مقابل ضمان تركيا لحرية الحركة على الطريق الدولي بين حماة وحلب والذي يمر عبر إدلب، على الرغم من أن اتفاق «سوتشي» يقضي بفتحه منذ وقت طويل، إلا أن الجيش السوري أعلن في بيان رسمي عن استمرار عملياته في ريف إدلب بموافقة روسية ضمنية على الأقل في المناطق المشمولة باتفاق «سوتشي».
وتشير المعطيات إلى أنه لن يتوقف قبل استعادة كامل أراضي «إدلب الكبرى»، غير أن نجاحه في ذلك سيظل مرهوناً حسب المحللين باستعداد موسكو للتخلي عن مصالحها الاقتصادية والتجارية في التعاون مع أنقرة.

younis898@yahoo.com

Original Article

شاهد أيضاً