أكد خبراء وصناع محتوى مشاركون في فعاليات قمة المليار متابع أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث يقضي جيل الشباب في الوقت الحالي ما يقرب من 109 أيام سنوياً أمام شاشات الهواتف المحمولة والحواسيب الإلكترونية، وهو ما يؤدي إلى تأثيرات سلبية على صحتهم النفسية والاجتماعية، في الوقت الذي يجب استثمارها في إحداث تأثيرات إيجابية.
جاء ذلك خلال 3 جلسات ضمن فعاليات قمة المليار متابع 2025، أكبر قمة عالمية في اقتصاد صناعة المحتوى، والتي ينظمها المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات، وتستضيفها دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الفترة من 11 – 13 يناير الجاري، في (أبراج الإمارات، ومركز دبي المالي العالمي، ومتحف المستقبل) بدبي، تحت شعار “المحتوى الهادف”، حيث تشهد القمة في نسختها الثالثة زخماً كبيراً بمشاركة أكثر من 15 ألف صانع محتوى ومؤثر وأكثر من 420 متحدثاً و125 رئيساً تنفيذياً وخبيراً عالمياً.
تأثيرات إيجابية
وأكد حسين فريجة نائب الرئيس لشركة سناب شات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال جلسة بعنوان “التأثيرات الإيجابية للتكنولوجيا الحديثة”، الدور الكبير الذي تلعبه التكنولوجيا في تحسين حياتنا اليومية، من التعليم والرعاية الصحية إلى العمل والتواصل الاجتماعي، حيث أحدثت التقنيات الحديثة تحولات غير مسبوقة في شتى المجالات.
وأضاف: إنه لا يمكن إغفال الدور الإيجابي لوسائل التواصل الإجتماعي، حيث أصبحت أداة قوية لا تقتصر على التواصل الاجتماعي فحسب، بل استثمارها اقتصادياً لتحقيق الأرباح المادية.
وأوضح أن تطبيق سناب شات لعب دورا هاما في دعم صناع المحتوى خصوصاً الجدد منهم وذلك بإصدار برنامج جديد العام الماضي يسمى “سناب ستار” يقدم لهم المساعدة على صناعة محتوى في بيئة آمنة وخاصة بدون أي مجال للتنمر .
وأكد أن منصات التواصل الإجتماعي لها تأثير إيجابي على سوق العمل خاصة في منطقة الخليج وذلك من خلال استحداث فرص عمل جديدة، والمساهمة في زيادة دخل الفرد بالمنطقة.
الاستخدام المفرط للتكنولوجيا
بدوره قال أحمد الغندور، صانع المحتوى المصري المعروف بلقب “الدحيح”، خلال جلسته بعنوان ” المعرفة التي لا ينبغي لنا أن نعرفها” إنه على الرغم من أن الهدف الأساسي من وسائل التواصل الإجتماعي هو خلق أجيال قادرة على الانخراط والتعرف على الآخر، إلا أن الدراسات الحديثة أجمعت أنها أثرت على فكرة وجود أصدقاء مقربين.
ولفت إلى أن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا قد يزيد من معدلات القلق والاكتئاب، ويؤثر على العلاقات الاجتماعية والقدرة على التفاعل المباشر مع الآخرين.
وأضاف أن نجاح برنامج “الدحيح”، الذي يتميز بتبسيط العلوم وتقديمها بأسلوب شيق عبر منصات التواصل الاجتماعي، لم يتوقف فقط على المحتوى الذي يقدمه، ولكن على العلاقة التي نجح في تكوينها مع المتابعين.
وعن تعامله مع الانتقادات التي توجه له عن بعض الحلقات، أوضح الغندور أنه في بداية الأمر كان منزعجاً، ولكن بعد سنوات الخبرة زال هذا الشعور ليعلم أن إرضاء الجميع غاية لاتدرك، مؤكداً أنه يحترم النقد البناء ويستمع جيداً إليه ويستفيد منه .
وأكد الغندور أنه من الخطأ أن ينسب نجاح برنامج الدحيح له فقط، ولكن هو ثمرة تعاون فريق متكامل في كافة التخصصات العلمية، فهناك أكثر من 15 كاتباً يشاركون في كتابة الحلقات.
مساعدة الآخرين
وقال زاكري ديرينيوسكي، صانع المحتوى المعروف بمحتواه الإنساني، خلال جلسة بعنوان “كيف يمكن للأفعال الطيبة البسيطة أن تخلق أثرًا ملموسًا؟” إن وسائل التواصل الاجتماعي نجحت في أن تكون منصة للجمع بين الأشخاص الذين يمتلكون استعداداً لمساعدة الآخرين وتغيير ظروف حياتهم للأفضل.
وأوضح أنه نجح خلال خمس سنوات أن يحجز موقعا مميزا بين صناع المحتوى واستطاع جذب أكثر من 11 مليون متابع ومشترك عبر منصات TikTok وYouTube وInstagram ومع ذلك، لم يكن سعيه نحو الشهرة هدفًا بحد ذاته، بل جاءت شهرته كأثر جانبي لمساعيه المستمرة للتواصل مع الناس والمساهمة في جعل العالم مكانًا أفضل.
وأضاف أنه عزم منذ دخوله هذا العالم أن يظهر الوجه الإنساني لوسائل التواصل الإجتماعي وقدرتها على جمع الأشخاص من كافة أنحاء العالم الذين يمتلكون استعداداً لمساعدة الآخرين.
وتابع: “إن بدايته كانت في عام 2020 وقت انتشار جائحة كوفيد -19 وما ترتب عليها من لحظات فارقة في حياته وحياة الكثيرين، وكان في تلك الفترة يدرس بعيداً عن والديه وأصابته حالة من العمى النفسي حيث شعر بالعزلة التامة وتملكه الشعور بعدم القدرة على الرؤية، لكن ما غير مجرى حياته كان لقاؤه مع سيدتين كبيرتين في العمر، وبمجرد أن تحدث إليهما شعر بارتياح وأدرك أن تأثير الآخر يمكن أن يكون لمسة سحرية لإزالة الألم والحزن .
وتابع: جاءتني فكرة نشر مقاطع مصورة على حسابي بمنصة تيك توك عن يومياتي وتأثير وجود الآخرين في حياتي، وتفاجأت بردود الأفعال وآلاف التعليقات والتفاعل من أشخاص مختلفين حول العالم.
وأوضح أنه يعتبر الفيديو الخاص بمساعدة رجل فقير لم يستطع دفع إيجار بيته، من أهم المقاطع التي صورها والتي كانت نقطة تحول حقيقية في حياته، ففي أقل من أربعين دقيقة جاءته تبرعات بأكثر من 9 آلاف دولار، وأكثر من 7 أشخاص من شارع واحد بادروا بطلب عنوان الرجل وهذا ما يؤكد قوة العطاء والتضامن بين الناس.