جون ترافولتا: أدوار الشر تسليني

شبكة أخبار الإمارات ENN

هوليوود : محمد رُضا
هذا الممثل لا يحتاج إلى تقديم. حاله في ذلك حال عدة ممثلين انطلقوا في السبعينات ولم تغيبهم عن العمل لا الظروف، ولا حتى الإخفاقات التي تصادفهم من حين لآخر. عمره الآن 64 سنة، وله في مهنة التمثيل قرابة 34 سنة، وساعدته الظروف في البداية فأصبح نجماً سريعاً. ثم ناوأته الظروف فأصبح أقل نجاحاً مما كان عليه، لكنه عادت إليه نجوميته عندما مثل في «بالب فيكشن». ثم انحسرت من جديد بعض الوقت، وعادت إليه مجدداً. لكن في كل الأحوال، وكما يذكر هنا، لم يتوقف عن العمل، ولا عن البذل في سبيل البقاء في سلم مشاهير السينما.
على نحو إيجابي أقول إنك خضت سيرة حياة فنية لا تخلو من الغرابة. بدأت من على القمة، وولدت نجماً. ثم غبت قليلاً. ثم عدت نجماً من جديد بفضل فيلم «بالب فيكشن». ثم غبت مرّة ثانية وظهرت من جديد وهكذا.. في أي مرحلة أنت الآن؟
– أعرف ما تقصده. وأنت على صواب في ما تقول. لكن هذا يؤكد لك، ولي، أن لا أحد يستطيع أن يثق تماماً بالمستقبل، ولا أن يدرك كيف يمكن له أن يخطط، ثم ينفذ ما يريده في خطته تنفيذاً كاملاً، حتى ولو آمن بنفسه، وكان شديد الثقة.
حتى الثقة الشديد بالنفس لا تكفي..
– هي ضرورية جداً، لكنها ليست كافية. المسألة هي أنك لست وحيداً في قرارك. ربما تريد دوراً تعتبره مهماً جداً في حياتك لكن هذا الدور قد لا يعرض عليك، بل يذهب لممثل آخر. ربما تمثل في فيلم تعتقد أنه سيحطم الأرقام القياسية لكنه يسقط في السوق، والعكس صحيح. هل تذكر حكاية الممثل جورج رافت مع «كازابلانكا»؟
نعم..
– لقد عُرض الدور أولاً عليه فرفضه، فذهب إلى همفري بوجارت. تصوّر لو أن رافت وافق على بطولة ذلك الفيلم لأصبح نجماً مهماً.
هذا الحضور والغياب هل يعني لك شيئاً؟
– أولاً هو ليس غياباً. أنا لم أتوقف عن العمل سنة واحدة منذ أن بدأت التمثيل في السينما سنة 1976. وبالفعل، بدأت من نقطة عالية جداً في «كاري»، و«سترداي نايت فيفر»، و«جريز»، وحتى «البقاء حياً» سنة 1983. لكن أنت ممثل وتقبل ما يرد لك لأنه في الكثير من الأحيان يبدو المشروع رائعاً. تقرأ السيناريو فتشعر بأنه لا يمكن أن يخطئ. ويأتيك محاطاً بعناية مخرجين ومنتجين معروفين. حين تمثله لا ينجز ما وعد به. وهذا لا يحدث مع ترافولتا فقط، بل مع الجميع.
لكن في 1994 عندما اختارك كوينتين تارنتينو لبطولة «بالب فيكشن» كان ذلك بمثابة إعادة اكتشاف. أليس كذلك؟
– نعم، بالتأكيد كان شيئاً رائعاً، خصوصاً أن أفلامي قبله بسنوات قليلة لم تحظ بالكثير من النجاح.
هل اعتقدت أن مستقبلك في خطر آنذاك؟
– لا. ليس إلى هذا الحد. اعتقدت أنها مرحلة وستمضي، وقد كانت بالفعل مرحلة ومضت.
هل لا تزال تعتقد أنه الفيلم الذي أعاد تقديمك إلى الجمهور؟
– بكل تأكيد. نقل جون ترافولتا من نجم للجمهور الشاب (إشارة إلى بعض أفلامه الأولى ومنها «سترداي نايت فيفر»)، إلى ممثل ناضج.
لا شك في أن فوز «بالب فيكشن» بالسعفة الذهبية آنذاك كان مفاجئاً. أليس كذلك؟
– بلا ريب. حتى تارنتينو لم يكن واثقاً من أن فيلمه سيخرج بالسعفة. وبالنسبة إلي لم أفكر في هذا الموضوع لكني بالطبع كنت آمل أن يتحقق.
أعود إذاً إلى سؤالي الأول: في أي مرحلة أنت اليوم؟
– مرحلة جيدة رغم أنه من الصعب عليّ تحديد ذلك على مستوى فني. أنا ما زلت الممثل المنفتح على التجارب، والباحث عن أفلام لها قيمة فنية، ومعنوية، وتجارية، إذا أمكن الجمع بين هذه الجوانب فعلياً. هي مرحلة جيدة بالنسبة إلي، والسبب في ذلك هو كل ما سبق لي أن مثلته من أفلام خلال تلك السنوات. لم تكن كلها جيدة، ولا كلها ناجحة، لكنها ساعدتني على تكوين اسم جيد، ومحط ثقة.
هل هناك من ممثل أحببت طريقته في الأداء، أو أثر فيك؟
– لا أريد أن أجامل، لكن الحقيقة هي أن هناك أفلاماً أثرت فيّ، وممثلين أثروا فيّ، داخل هذه الأفلام. لكن لو حاولت التقليد لفشلت تماماً. لذلك ليس هناك من ممثل حاولت تقليد خطواته، أو أثر فيّ لدرجة أنني أردت أن أكون هو.
كنت أقصد من الجيل القديم؟
– حقيقة أعجبت بمجهود عدد كبير من الممثلين، وشخصياً لا أستطيع أن أقارن بين جيمس ستيوارت مثلاً، ومارلون براندو، ولا بين براندو وجيمس كاجني. لكن أعتقد أنني أعجبت بكل هؤلاء.
هل هناك دور شرير مثالي بالنسبة إليك، وتحب أن تؤديه؟
– في العموم، لعب دور الشرير ليس عملاً سهلاً. هو مملوء بالتحدي. بالنسبة إلى دور أتمناه أقول إنني لا أمانع أن أمثل دور الشرير الأول في فيلم من سلسلة جيمس بوند. أتمنى ذلك.
بمناسبة الحديث عن أفلام الجريمة، أفلامك الأربعة المقبلة كلها من هذا النوع..
– منذ مدة بالفعل وأنا أجد نفسي محاطاً بهذه الأفلام. الحقيقة أنني لا أرفضها لأني أجد نفسي حراً في تأدية الأدوار المسندة إليّ فيها. الأدوار الشريرة مسلية لي. إنها كما لو أنني ما زلت ولداً صغيراً ألعب مع أولاد الجيران (يضحك). شيء من هذا القبيل.
أحد أفلامك الأخيرة كان عن حياة رجل المافيا جون جوتي. هو فيلم محاكمات في الأساس. ماذا كنت تعرف عن هذا الدور قبل أن يبدأ التصوير؟
– لم أكن أعرف عنه الكثير. كنت أعرف فقط ما يعرفه الجميع من الصحف التي تحدثت عنه. لم أكن أعرف شيئاً أكثر من أي شخص آخر. لكني عندما استلمت سيناريو الفيلم بدأت أطرح الأسئلة، ورغم ذلك بقيت هناك مساحات مظللة فلا أحد يعرف كيف تتصرف المافيا في هذه الأيام. ولا كيف تعمل وتواصل العمل رغم المتغيرات الكثيرة التي أصابت عالمنا. أقصد هل لا تزال تعمل بنفس الشيفرات؟ هل ما زالت منظمة حسب الطريقة القديمة؟ هل تتأقلم مع العصر، وكيف؟
ماذا عن شخصية جوتي نفسه؟
– كانت لدي الكثير من الأسئلة حوله. لا أعرف حتى الآن ما هي ملامح شخصيته. لم أفهم لماذا كان ناجحاً ومحبوباً من قِـبل من عرفوه.. بعض الأجوبة توضحت عندما أخذت أبحث عن الشخصية. وجدت أنه كان لا يتسبب مثلاً بإيقاف أي أحد عن عمله. كانت له شركات كثيرة، وعندما كان بعضها يفلس لم يكن يطرد أحداً ممن كان يعمل فيها، بل يواصل دفع رواتبهم إلى أن يجد لهم أعمالاً أخرى. كان يحب أن يساعد الآخرين. أكثر من شخص حاورته عن هذه الشخصية أعطاني أمثلة من نوع أنه إذا ما عرف أن هناك عائلة لم تستطع دفع إيجار المنزل الذي تعيش فيه تبرع بالدفع، وتغطية التكاليف من دون تردد.
أريد أن أذكر لك بعض الأفلام التي مثلتها وتقول لي رأيك بإيجاز فيها.
– تفضل.
«سترداي نايت فيفر».
– كان سبب شهرتي.
«بلو آوت».
– أحببت جداً هذا الفيلم، وفيلمي السابق مع المخرج برايان دي بالما.
«انظر من يتكلم»؟
– أفضل ألا أقول عنه الكثير. كان ناجحاً جداً.
«بالب فيكشن»؟
– كل العالم قالت عنه إنه فيلم عبقري، وأنا موافق.
«فايس أوف»؟
– من أفضل الأفلام التي مثلتها.
أخيراً، «جوتي».
– أعرف أنه بدا للجميع عملاً سهلاً لكنه كان صعباً. بالنسبة إلي كان تحدياً.
مخرجون
يتعامل جون ترافولتا مع كل المخرجين على حد السواء، ويقول عن ذلك: باعتقادي أن المخرج الجيد هو الذي يتركك تنفذ ما تراه صواباً. دعني أفسر هذه النقطة لأنها قد تكون منطقة شائكة. أحب العمل مع من لديه خطّـة واضحة ورؤية محددة لما يريد. وأحب أكثر العمل مع مخرج يتمتع بهذه الصفات وفوقها أنه يترك للممثل حرية أداء الدور كما يعتقد الممثل وليس تنفيذاً محدداً وضيقاً لرغبة المخرج.
تنوع
يفسر ترافولتا تعلّقه بالأدوار الشريرة قائلاً: «غالباً هي ظروف العمل. أنت في المهنة التي تفرض عليك تغيير منهجك عدة مرّات.
أحياناً تجد نفسك تمثل أدوار الرجل الذي يتميز بالطيبة أو لا يقصد إيذاء أحد. أحياناً تجد نفسك أمام وابل من الأدوار التي تضعك في الصف المعاكس للقانون. أحياناً تنجح في فيلم جريمة وتجد أن أفلامك كلها باتت من هذا النوع».

شاهد أيضاً