بين الحقيقة والخيال

شبكة أخبار الإمارات ENN

في كتابها المعنون ب«الكتابة وأشكال التعبير في إسلام القرون الوسطى» أدرجت العالمة البريطانية «جوليا مارجريت براي» المتخصصة في الدراسات الشرقية والأدب العربي في العصور الوسطى، ست دراسات بأقلام علماء من الغرب من المتخصصين بدراسة الفكر الإسلامي الكلاسيكي والتي تستكشف الكيفية التي وصف بها علماء المسلمين في القرون الوسطى عالمهم وتاريخهم وثقافتهم.
وتعكس هذه الدراسات اهتمام علماء الغرب بقراءة التاريخ العربي والإسلامي والبحث في تفاصيله وتحفل مناقشاتهم بالكثير مما لم يتطرق إليه ربما الباحثون في الشرق الأوسط، أو ربما مروا عليه مرور الكرام وتركوه في أعماق المراجع وأمهات الكتب. كتاب براي في مجمله قراءات تنظر إلى التراث الإسلامي نظرة مختلفة وتركز على طريقة التعبير عبر نقل الحكاية داخل التراث، وكيف نقلت ومن نقلها ومدى مصداقية الناقل ومدى الحقيقة فيها من الخيال.
وعدا عن أن مثل هذه الدراسات تضع أسساً جديدة لقراءة التراث من منظور مختلف يفتح المجال لدراسات متنوعة ومختلفة، لكنه كذلك يشير إلى حقائق قد غابت عن البعض مثل دراسة معنونة ب«التاريخ والقصة والتأليف في القرون الأولى من الإسلام» من إعداد الدكتور «روبرت هولاند» الذي يعمل أستاذاً للأدب والتاريخ الإسلامي في جامعة سانت أندروز ويشير في هذه الدراسة إلى مكانة أبطال التاريخ الإسلامي في الماضي، ومدى انعكاس هذه المكانة على سلوكيات المسلمين ذات يوم، لكنها لم تعد الآن سوى مادة يطويها التاريخ ولا يقرأها إلا من يبحث عنها بهدف الدراسة فقط.
وخصص العالم هولاند كذلك في دراسته مساحة لتعريف القراء بمعنى نقل الأخبار في تلك الفترة عبر تحديد كل ناقل بحسب تخصصه في النقل وطريقته ومصداقيته، ومن هؤلاء الناقلين المحدث والإخباري والأديب والقاص. وشرح معنى القاص بأنه ذلك الشخص الذي يروي قصصاً قديمة ويعيد حكايتها بطريقة شبه روائية، بل تطرق في هذه الدراسة إلى أول رواية عربية تاريخية كانت رواية عنوانها «انفصال» للشيخ المصري أحمد بن علي بن زنبل والتي ترجمت إلى التركية مرتين، وكانت من أوائل الكتب التي طبعت في زمن العثمانيين رغم أنها تنبأت بانهيار امبراطوريتهم وفيها وصف لمصر في القرن السادس عشر وتصوير لشوارع القاهرة ومساكن أمراء المماليك والمجتمع في تلك الفترة.
إن أهمية هذه الدراسات تدفعنا للبحث في المراجع لإنتاج دراسات متفحصة ومدققة في أدب وتاريخ العرب المجيد لإلقاء الضوء على تفاصيل كثيرة لا نعرفها لكنها في الحقيقة موضع دراسات متعمقة في الغرب.
باسمة يونس
basema.younes@gmail.comRead more

شاهد أيضاً