مع وفاة فلاديمير لينين يوم 21 يناير 1924، نجح جوزيف ستالين في إقصاء جميع خصومه السياسيين ليستفرد بالسلطة طيلة ربع قرن بالاتحاد السوفيتي. ومع تربعه على هرم السلطة ونجاحه في إحكام قبضته على البلاد، قاد ستالين حملة شرسة أثناء الثلاثينيات، ضمن فترة التطهير الكبير، ضد معارضيه تسبب خلالها في مقتل نحو 700 ألف شخص ممن شكك في ولائهم لسياسته.
إلى ذلك، جاء تولي جوزيف ستالين لمقاليد السلطة بالاتحاد السوفيتي ليتخالف تماما مع وصية مؤسس الاتحاد السوفيتي فلاديمير لينين التي حررها خلال السنوات الأخيرة من حياته. فأثناء فترة مرضه، اتجه لينين للاحتياط من ستالين بسبب طريقة تعامله مع المسائل الداخلية للبلاد.
لينين أثناء إلقاء أحد الخطابات الحماسية
لينين وهو يقرأ صحيفة البرافدا خلف مكتبه
وصية خلال سنواته الأخيرة
أثناء صراعه مع المرض، كتب فلاديمير لينين من داخل أروقة قصر غوركي (Gorki) بموسكو ما بين شهري ديسمبر 1922 ويناير 1923 وصيته. فمع تعكر حالته وتفكيره في الانتحار، قرر الرجل البالغ من العمر حينها 53 عاما تدوين آخر كلماته وأفكاره ورؤيته المستقبلية للاتحاد السوفيتي. وعلى حسب تصوراته، توقع لينين أن تقرأ وصيته على الحاضرين بالمؤتمر الثاني عشر للحزب الشيوعي الروسي خلال شهر أبريل 1923.
ومع تدهور حالة لينين وإصابته بجلطة دماغية أخرى خلال شهر مارس 1923، احتفظت زوجته ناديجدا كروبسكايا (Nadezhda Krupskaya) بالوصية وأخفتها إيمانا منها بإمكانية تعافي زوجها من المرض الذي ألم به. لكن مع وفاة فلاديمير لينين يوم 21 يناير 1924، اتجهت الأخيرة لتقديم هذه الوثيقة للجنة المركزية للحزب الشيوعي إيمانا منها بإمكانية قراءة وصية زوجها أمام الحاضرين بالمؤتمر الثالث عشر للحزب الشيوعي الروسي خلال شهر مايو 1924. ومن خلال هذه الخطوة، حاولت ناديجدا كروبسكايا إهانة ستالين أمام بقية أعضاء الحزب أملا في إزاحته من السباق على السلطة.
صورة تجمع بين لينين وستالين
تحذير من ستالين
من خلال وصيته، تحدث لينين عن إمكانية ظهور انقسام بالحزب الشيوعي واللجنة المركزية بسبب الصراع بين ستالين وتروتسكي، كما أدان ونقد عددا من أعضاء الحزب من أمثال زينوفييف وكامينيف وبوخارين وتروتسكي وستالين.
بالصراع بين ستالين وتروتسكي، أثنى لينين على جانب من خصال تروتسكي وتحدث عن حنكته ودهائه في إدارة الأزمات. وفي المقابل، نقد مؤسس الاتحاد السوفيتي ستالين وعبّر عن قلقه من إمكانية تجمع السلطات بين يديه، داعيا أعضاء الحزب لاتخاذ الموقف الملائم إزاء هذا الأمر.
صورة لتروتسكي
وبقسم آخر من الوصية دون يوم 4 يناير 1923، دعا لينين الحزب الشيوعي لإقالة جوزيف ستالين من منصبه وسحب جميع امتيازاته محذرا من تصرفاته وتحركاته. وقد وصف لينين رفيقه ستالين بالشخص العنيف والدامي، مؤكدا على ضرورة عزله بسبب تواصل اعتماده على العنف بهذه الفترة من تاريخ الاتحاد السوفيتي.
مع اعتلائه لهرم السلطة ونجاحه في إحكام قبضته على البلاد أواخر العشرينيات، اتهم كل من أشار لوصية لينين بخيانة الوطن وعوقب بالإعدام. من ناحية أخرى، اتجه ستالين ومؤيدوه لإنكار وجود وصية لينين على مدار أكثر من ربع قرن. وقد انتظر الجميع وفاة ستالين وبداية اجتثاث الستالينية على يد نيكيتا خروتشوف عام 1956 ليتأكدوا من حقيقة هذه الوصية التي نشرت بشكل رسمي.