بدور القاسمي تقود مسيرة المرأة الإماراتية إلى العالمية بثقافة وإرادة تنموية

شبكة أخبار الإمارات ENN

الشارقة في 14 أغسطس/ وام/ في يوم تحتفي فيه الإمارات بعطاء المرأة ودورها، تتجلى سيرة الشيخة بدور القاسمي كواحدة من أبرز القيادات النسائية التي صنعت أثرًا عابرًا للحدود، ومثّلت وطنها في أعلى المحافل، ورسّخت مكانة الثقافة والمعرفة كقوة ناعمة للدولة.

تمكنت الشيخة بدور من نقل رؤية الإمارات إلى المحافل الدولية، وأعادت صياغة مكانة المرأة العربية في ميادين الثقافة والتعليم وريادة الأعمال، فمنذ تأسيسها “مجموعة كلمات” الرائدة في نشر كتب الأطفال، رسّخت حضورًا ثقافيًا عربيًا لافتًا، قبل أن تصبح أول امرأة عربية وثاني امرأة في تاريخ الاتحاد الدولي للناشرين تتولى رئاسته.

اتسع أثر الشيخة بدور القاسمي الريادي من خلال قيادتها لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، حيث أشرفت على مشاريع تنموية كبرى، إلى جانب رئاستها لمركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع) الذي حوّل الإمارة إلى بيئة حاضنة للمواهب المبتكرة، كما تقود مسار التطوير الأكاديمي في الجامعة الأميركية في الشارقة بصفتها رئيستها، عبر تحويلها إلى مركز بحثي وابتكاري يواكب تطلعات المستقبل.

وحملت الشيخة بدور الملف الثقافي والتاريخي للإمارات حين مثّلت الدولة في جهود إدراج موقع الفاية الأثري على قائمة التراث العالمي لليونسكو. بهذه المسيرة الملهمة، تجسد بدور القاسمي طموح المرأة الإماراتية في صناعة التحولات الكبرى محليًا وعالميًا، وتقدم نموذجًا رائدًا للقيادة التي تمزج بين قوة المعرفة والثقافة والرؤية التنموية المستقبلية.

شكّل قطاع النشر المحطة الأولى التي انطلقت منها مسيرة الشيخة بدور القاسمي نحو الريادة الثقافية، فمن خلال تأسيسها “دار كلمات” عام 2007، وضعت حجر الأساس لأول دار إماراتية متخصصة في كتب الأطفال واليافعين، ساعية إلى تعزيز القراءة باللغة العربية وتقديم محتوى عالي الجودة يعكس الثقافة المحلية بمعايير عالمية، وحصدت “كلمات” جوائز دولية وأسهمت في ترسيخ مكانة الشارقة كمركز حيوي لصناعة الكتاب.

ولم يتوقف تأثير الشيخة بدور عند حدود الإمارات، إذ قادت تأسيس جمعية الناشرين الإماراتيين عام 2009، وأسست مبادرات لتمكين الفئات الأقل حظًا، مثل “مؤسسة كلمات” التي عملت على إيصال الكتب إلى مخيمات اللاجئين والأطفال من ذوي الإعاقة البصرية.

مهّد هذا الحضور لخطوتها الأبرز على المستوى العالمي حين انتُخبت رئيسة للاتحاد الدولي للناشرين (IPA) عام 2021، لتصبح أول امرأة عربية تتولى هذا المنصب، وخلال رئاستها، أطلقت مبادرات نوعية مثل PublisHer التي تهدف إلى تمكين المرأة في صناعة النشر، وعملت على إعداد الميثاق الدولي لاستدامة النشر، وهي وثيقة تدعو إلى تبني ممارسات مستدامة بعد تحديات جائحة كوفيد-19، وعلى مستوى الأسواق الناشئة، قادت جهودًا لتعزيز حضور الناشرين في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.

و شكّل اختيار اليونسكو للشارقة عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019 تتويجًا لمسار العمل الثقافي والإنساني الذي قادته الشيخة بدور القاسمي، فقد كانت من أبرز الشخصيات التي صاغت ملف الترشيح، وأطلقت مشاريع نوعية مثل “بيت الحكمة”، الذي تحول إلى أيقونة معمارية وثقافية، لم يقتصر الأثر على عام الاحتفاء، بل أسس لمرحلة جديدة عززت مكانة الشارقة على الخريطة الثقافية العالمية.

و جسّدت الشيخة بدور القاسمي نموذج القيادة الثقافية التي نجحت في ترسيخ مكانة الشارقة مركزًا عالميًا لصناعة الكتاب، فمن موقعها كرئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، وضعت سياسات رائدة عززت من مكانة معرض الشارقة الدولي للكتاب بوصفه أحد أكبر ثلاثة معارض كتب في العالم. وطورت استراتيجية لنهوض الهيئة عبر مدينة الشارقة للنشر، أول منطقة حرة للنشر في العالم، ومهرجان الشارقة القرائي للطفل، إلى جانب مبادرات لدعم الناشرين العرب للوصول إلى الأسواق العالمية.

وامتد تأثير الشيخة بدور القاسمي إلى مجالات الاقتصاد والاستثمار، حيث أشرفت من خلال “شروق” على مشاريع استراتيجية مثل تطوير واجهة خورفكان السياحية، كما قادت مركز “شراع” منذ تأسيسه عام 2016، حيث دعم مئات الشركات الناشئة، مع تركيز خاص على تمكين القيادات النسائية الشابة، وتترأس أيضًا مجلس إدارة مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار (SRTIP)، الذي أصبح مركزًا متقدماً لتطوير التكنولوجيا الحديثة.

ويمثل التعليم محورًا رئيسيًا في مسيرة الشيخة بدور القاسمي، إذ تتولى رئاسة الجامعة الأميركية في الشارقة ومجلس أمنائها منذ 2023، وقد أعادت من خلال هذا الدور صياغة توجهات الجامعة لتكون منصة للبحث والابتكار.

وفي إنجاز أكاديمي بارز، منحت جامعة ليستر البريطانية الشيخة بدور القاسمي لقب “أستاذ فخري”، تقديراً لإسهاماتها المؤثرة في تمكين المرأة ونشر القراءة، وقد أطلقت تحت قيادتها مراكز بحثية في مجالات الذكاء الاصطناعي والاستدامة، وعززت الشراكات مع القطاعين الصناعي والحكومي، وتوفير بيئة تعليمية شاملة لأكثر من 90 جنسية.

و جاء إدراج موقع الفاية الأثري على قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 2025 تتويجًا لجهود الشيخة بدور القاسمي، فقد حملت هذا الملف إلى المحافل الدولية، مؤكدة أن الفاية ليست مجرد موقع أثري، بل شاهد حي على بدايات الهجرة البشرية، وهذا الإنجاز مثّل اعترافًا عالميًا بقيمة الفاية، كما شكّل نجاحًا دبلوماسيًا يعكس قدرة الإمارات على تقديم تراثها بلغة علمية معاصرة.

الشيخة بدور القاسمي، بما تحمله من رؤية عالمية وجذور إماراتية راسخة، تبرهن أن المرأة الإماراتية اليوم قادرة على أن تكون صوتًا للعالم، وصانعة لأثر يمتد إلى أبعد من حدود الوطن.

المصدر

شاهد أيضاً