استضافت قمة الإعلام العربي 2025 جلسة رئيسية تحت عنوان “تداعيات الفوضى وتحديات صناعة الاستقرار” بحضور سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية، وسمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي.
وأكد معالي الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، خلال الجلسة أن العالم يمر حالياً بمرحلة من “عدم اليقين” سواء في القطاع التكنولوجي، وما يشهده من متغيرات متسارعة في الذكاء الاصطناعي، أو في الاقتصاد العالمي الذي يعلي مفهوم “الاقتصادات الوطنية والحمائية”، أو في النظام الدولي بشكل عام.
وقال إن هناك نهجاً جديداً في السياسة الخارجية الأمريكية يضع المصلحة الأمريكية فوق كل اعتبار، كما أن العالم العربي يشهد تغيراً كبيراً وسقوطاً لأيديولوجيات استمرت لسنوات وأحدثت تأثيرات سلبية، مشيراً إلى أن لبنان وسوريا مثال على هذا التغيير وتسيران في الاتجاه الصحيح بتعاون مع المجتمع الدولي.
وقال معاليه إن دولة الإمارات العربية المتحدة تقدم رسائل إيجابية من خلال تجربتها الناجحة وسياستها الواقعية التي تولي أهمية كبيرة للأمن والاستقرار والازدهار وتحسين المستوى المعيشي للسكان والاهتمام بالتعليم والتكنولوجيا الحديثة، وفي الوقت نفسه فإن لديها مسؤولية كبيرة تجاه مرحلة “عدم اليقين” وعدم الوضوح في المجالات التكنولوجية والاقتصادية والسياسية على المستويين الإقليمي والعالمي.
وقال معاليه في الجلسة – التي حضرها سعادة منى غانم المرّي، نائب الرئيس والعضو المنتدب لمجلس دبي للإعلام، رئيسة نادي دبي للصحافة، رئيسة اللجنة التنظيمية لقمة الإعلام العربي، وأدار الحوار فيها مع معاليه طاهر بركة، الإعلامي بقناة العربية:” من الدروس المؤكدة جداً خلال السنوات الثلاث الماضية منذ بدأت أحداث غزة هو سقوط ذريع للأيديولوجيات في العالم العربي، ومع هذا فإن كثيرين في عالمنا العربي لا يزالون غير واقعيين ومتشبثين بهذه الأيديولوجيات التي ثبت فشلها وتأثيرها السلبي”.
وأكد أن هناك حاجة ملحّة لانتهاء “زمن الأيديولوجيا” في السياسة العربية لأنها كرست الطائفية والاحتقان وتقزيم دور الدولة، مشددا على أن هذا التصلب الأيديولوجي لا يتواءم مع الفكر والثقافة العربية الأصيلة والمعتدلة.
وأضاف أن هناك حاجة للواقعية والالتفات لأمور مهمة كتحسين المستوى المعيشي وخلق فرص العمل وتطوير التعليم وتحقيق مقومات الازدهار والاستقرار الاقتصادي والبحث في سبل معالجة أسباب هجرة الشباب إلى الخارج، والنظر للمستقبل، مؤكداً أن دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج تقدم رسائل إيجابية في هذا الشأن.
ودعا معاليه إلى أهمية إعلاء مفهوم الدولة الوطنية في عدد من الدول، حيث انه من غير الواقعية أن تقودها ميليشيات أو أن يوجد في الدولة الواحدة جيشان، وما يتسبب فيه ذلك من تداعيات سلبية على جميع المستويات، موضحا أن التشبث بالشعارات أدى إلى تردي الأوضاع في العديد من الدول العربية واستمرار احتجازها في “عنق الزجاجة”.
ونوه إلى أن لبنان وسوريا في طريقهما للخروج من هذا الوضع المتأزم وإن كانت هناك قوى تريد جذبهما إليه مرة أخرى وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، وهو ما يجب التصدي له بدعم هاتين الدولتين العربيتين الشقيقتين لأن استقرارهما وانتعاشهما من جديد يمثل إضافة إيجابية للوطن العربي، متمنياً لهما ولحكومتهما الجديدتين كل النجاح.
وأضاف أن دولة الإمارات تحتضن الكثير من الجنسيات العربية التي تبدع وتشارك بإيجابية في التنمية والتطور، وبالتأكيد فإن هذا الإنسان العربي الذي يبدع وينتج هنا يمكنه أن يبدع وينتج ويتفوق على نفسه ويساهم في تنمية ونهضة بلاده إذا توفرت له البيئة المشجعة على ذلك.
وقال معالي الدكتور أنور قرقاش إن دولة الإمارات تصوغ سياستها الخارجية وفق قرار وطني وأن هذا الأمر يرتبط بالسيادة الوطنية، مؤكداً أن البعض يستخدم موضوع التطبيع “شعاراً سياسياً وفزاعة” للتغطية على الفشل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والاحتقان الداخلي بدلاً من التعامل بواقعية مع التحديات الاقتصادية والمعيشية لتحسين أحوال الناس وخلق فرص عمل والاهتمام بالتعليم وتحقيق الرخاء والازدهار.
وشدد على أن إقامة علاقات دبلوماسية مع اسرائيل لم يأت على حساب النهج الثابت لدولة الإمارات في دعم القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، مشيراً إلى أن لغة الأرقام أصدق من أي ادعاءات فارغة، وقال إن دولة الإمارات ساهمت بأكثر من 42% من إجمالي حجم المساعدات الإنسانية التي دخلت غزة منذ أحداث السابع من أكتوبر.
كما أكد أن الحملة الإعلامية ضد الإمارات مصطنعة ومغرضة، وقال : ” إننا نترك الحكم على التجربة الإماراتية للآخرين، فإنجازاتنا ونجاحاتنا تتحدث عن نفسها وتحظى بتقدير عالمي كبير .. ومن ينظر إلى الإمارات بموضوعية مثلما هو الحال في الإعلام “الرصين”، يجد نفسه أمام تجربة رائدة في الازدهار الاقتصادي والمجتمعي والسياسي والتكنولوجي والسياحي”.
وأضاف معاليه أنه لا يمكن التوقف عند هذه الحملات المغرضة التي تبثها (ميليشيات وسائل التواصل الاجتماعي وإعلام القاع)، بل نترفع عنها ونواجهها بالسردية الإيجابية لتجربتنا الناجحة”.
وأعرب معاليه عن قناعته بأن القطاع الإعلامي هو أيضا في مفترق طرق ويمر بحالة من عدم اليقين لارتباطه بالذكاء الاصطناعي الذي يشهد تغيراً متلاحقاً، مؤكداً أن مواكبة أو عدم مواكبة هذه المتغيرات هو من يحدد المؤسسات الإعلامية التي ستختفي وتلك التي ستبقى أو ستصعد.
ونوه معاليه إلى أن دولة الإمارات تولي قطاع التكنولوجيا والاستثمار فيه أهمية كبيرة باعتباره استثمارا في المستقبل، ولهذا فإن لدينا اتفاقيات كبيرة في هذا المجال مع الولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما من الدول.