خلال حرب فيتنام، زجت الولايات المتحدة الأميركية، طيلة فترة الحرب، بما يزيد عن مليوني جندي في هذا النزاع. وفي خضمها، خسر الأميركيون نحو 60 ألفا من قواتهم. إلى ذلك، خلفت حرب فيتنام آثارا جانبية على نسبة كبيرة من الجنود الأميركيين حيث أدمنت فئة منهم على أنواع عدة من المخدرات كالهيروين والأمفيتامين مرورا بالماريغوانا.
وأمام هذا الوضع، وجدت إدارة الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون نفسها أمام تحد جديد اقتضى اتخاذ مجموعة من الإجراءات لمعالجة أزمة المخدرات بالجيش الأميركي.
جندي أميركي من أصول أفريقية بحرب فيتنام
جنود أميركيون بحرب فيتنام
225 مليون حبة مخدرة
حسب تقارير صادرة عن وزارة الدفاع الأميركية عام 1970، استهلك نحو 51% من الجيش الأميركي مخدر الماريغوانا بينما أقبل حوالي 31 بالمائة على تجربة ثنائي إيثيل أميد حمض الليسرجيك المعروف أكثر بـ LSD. وينضاف لهؤلاء جزء آخر قدر بنحو 28 بالمائة، ممن اتجهوا لاستخدام مخدرات ثقيلة مثل الهيروين والكوكايين. وعلى الرغم من عدم شرعية استخدام ذلك، حصل الجنود الأميركيون على هذه الأنواع من المخدرات عبر السوق السوداء.
إلى ذلك، شجّع المسؤولون بالجيش الأميركي بفيتنام الجنود على استهلاك هذه المخدرات لما لذلك من تأثيرات على نفسيتهم ولزيادة فاعليتهم وانتباههم على ساحات القتال.
وبناء على تحقيقات أجريت في الجيش حينها، استهلك الجنود الأميركيون ما بين عامي 1966 و1969 نحو 225 مليون حبّة مخدرة ومنشطة دون احتساب الكميات الكبيرة من المهدئات والمسكنات الطبية التي قدمت لهم بناء على وصفات طبية.
صورة لإحدى عمليات الإنزال الأميركية بحرب فيتنام
صورة للرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون
غولدن فلو
وبادئ الأمر، تغافلت القيادة العسكرية الأميركية بفيتنام عن استهلاك الماريغوانا التي حصل عليها الجنود الأميركيون بطريقة سهلة من القرى الفيتنامية مقابل علب سجائر أو مبالغ مالية لم تتجاوز الخمسة دولارات. ومع ظهور تقارير صحافية سنة 1968 حول استخدام الماريغوانا في صفوف الجنود الأميركيين بفيتنام، اتجهت القيادة العسكرية الأميركية لاتخاذ إجراءات صارمة ضد جنودها وعمدت لسجنهم لأيام بتهمة حيازة هذا المخدر. وحسب المسؤولين وقتذاك، بلغ عدد الجنود المسجونين أسبوعيا، بسبب هذه الإجراءات، حوالي ألف جندي.
وبمساعدة قوات من جنوب فيتنام، باشرت السلطات الأميركية بعملية ممنهجة أقدمت خلالها على إحراق العديد من الحقول التي استغلت لزراعة الماريغوانا في فيتنام.
وبدلا من معالجة الأزمة، عكرت الإجراءات التي اتخذتها القيادة العسكرية الأميركية حالة الجنود المدمنين. فمع فقدانهم للماريغوانا، اتجه الجنود الأميركيون نحو الكوكايين والهيروين التي حصلوا عليها انطلاقا من كمبوديا.
ومع وصول ريتشارد نيكسون للبيت الأبيض سنة 1969، اتجه الرئيس الأميركي لاتخاذ قرارات حازمة لمواجهة إدمان الجنود على المخدرات.
وبينما واجهت حرب فيتنام معارضة شرسة بالشارع الأميركي، قوبلت الحرب على المخدرات في صفوف الجيش بترحيب من الأميركيين الذين تخوفوا من عودة الجنود المدمنين.
إلى ذلك، وضعت الإدارة الأميركية عام 1971 خطة غولدن فلو (Golden Flow). وبموجبها، خضع جميع الجنود الأميركيين بفيتنام لتحاليل لضمان خلو أجسامهم من المواد المخدرة قبل العودة لأرض الوطن. وفي حال صدور تحاليل إيجابية، يجبر الجندي على البقاء بفيتنام لحين خضوعه لتحاليل ثانية، تكون نتائجها سلبية، بعد أيام.