عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، تابع العالم عن كثب تزايد حدة الخلاف بين حلفاء الأمس الذين وقفوا في صف واحد لمواجهة دول المحور. فخلال تلك الفترة، شهد العالم بداية نزاع غير معلن، لقّب بالحرب الباردة، وضع الاتحاد السوفيتي، والمعسكر الشرقي، في مواجهة الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الغربيين.
وفي خضم الحرب الباردة، اعتمد الأميركيون والسوفيت على العديد من الطرق الغريبة للتجسس على الطرف الآخر. وإضافة لجهاز التنصت الذي اعتمد للتجسس على السفير الأميركي بموسكو ما بين أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، يذكر التاريخ حادثة غريبة أخرى اعتمد أثناءها الجانب الأميركي على البالونات لمراقبة مواقع حساسة بالاتحاد السوفيتي.
صورة لعملية إطلاق أحد البالونات
صورة لإحدى التجارب النووية السوفيتية
صورة لعملية إطلاق أحد البالونات
صورة لإحدى التجارب النووية السوفيتية
بالونات تجسس
وتعود وقائع عملية البالونات الأميركية لأواخر الأربعينيات. فخلال تلك الفترة، وضع المسؤولون بسلاح الجو الأميركي خطة سرية لقبت بمشروع موغول (Mogul) للتجسس على الاتحاد السوفيتي. وقد اقتصرت هذه الخطة حينها على نقل ميكروفونات عبر مناطيد عالية الارتفاع للتجسس على المواقع السوفيتية ومراقبة الموجات الصوتية التي تحدثها الانفجارات النووية.
صورة لأحد البالونات الهوائية المعتمدة من قبل الأميركيين
إلى ذلك، عرف مشروع موغول النور بفضل عالم الزلازل موريس إيوينغ (Maurice Ewing) الذي عمل سابقا على قناة الصوت العميق بالمحيطات. وبناء على نظريات الأخير، احتوى الغلاف الجوي العلوي على قناة صوتية مماثلة. وبادئ الأمر، تم الاعتماد على الميكروفونات. لكن بسبب التكلفة الباهظة، قرر الخبراء الاعتماد على مستشعرات الزلازل التي كانت أفضل من حيث التكلفة وجودة المعلومات.
وفي الأثناء، تكون مشروع موغول من مجموعة بالونات مجهزة بميكروفونات كبيرة وأجهزة راديو وإرسال لنقل الأصوات للباحثين الأميركيين. وقد اتجه الجانب الأميركي للاعتماد على هذه الخطة طيلة الفترة ما بين عامي 1947 و1949. وفي البداية، استخدمت بالونات شبيهة بتلك المعتمدة للأرصاد الجوية. لاحقا، فضّل الأميركيون التخلي عن البالونات التي احتوت على كميات كبيرة من المطاط لصالح أخرى صنعت أساسا من البولي إيثيلين بسبب سهولة تثبيت الأخيرة بالجو وعدم تسرب كميات هامة من الهيليوم منها.
موبي ديك
على الرغم من تحقيقه لنجاحات محدودة، مهّد مشروع موغول الطريق لظهور بالونات سكايهوك (Skyhook) أواخر الأربعينيات كما ساهم أيضا في تحديث برامج التجسس الأميركية التي اتجهت خلال الفترة التالية للاعتماد على الجو للتجسس والتقاط صور فوتوغرافية للمواقع السوفيتية. وبفضل ذلك، ظهر بالخمسينيات مشروع موبي ديك (Moby Dick) الذي أرسل من خلاله الأميركيون بالونات مجهزة بكاميرات تصوير نحو مواقع سوفيتية. ومع نهاية مهمتها، تسقط هذه البالونات ببحر اليابان لتتكفل السفن الأميركية بالتقاطها وجمع الصور الموجود بها.