«العين السينمائي».. مولود جديد يدعم المواهب الإماراتية

شبكة أخبار الإمارات ENN

مارلين سلوم

لم تكن السينما يوماً مجرد ترفيه وتسلية، تجمع الأصدقاء والعائلات حول فيلم ما، بقدر ما هي مجموعة مرايا للمجتمعات، والناس، والتاريخ؛ وفسحة تتنفس فيها الروح، تصرخ، تضحك، تبكي، تهرب إلى الخيال، أو تلتصق بالواقع بشدة. هي مجموعة حكايات للبشر، محكية بإبداع وفن. ولكي تأتي الرسائل والقصص مشغولة بإتقان عالي المستوى، لا بد من حرفيين، يتعلمون هذه «الصنعة» ويقدمونها للناس، ولا بد من تشجيع ودعم كبيرين كي يستمر الحرفي في تقديم إبداعه، وتطوير أدواته. «مهرجان العين السينمائي»، المولود الإماراتي الجديد، يفتح باباً لاحتضان هؤلاء الحرفيين، ويفتح طاقة أمل واسعة جداً لتشجيع الصناعة المحلية من جديد، وحث الموهوبين على العمل فيها، والجمهور على المشاهدة، وهو ما تحتاج إليه الدولة فعلياً.

لماذا المهرجان؟ ولماذا الاحتفاء بالصناعة السينمائية من ألفها إلى يائها، وتقييم الأفلام، وتقديم عروض متنوعة ما بين عرض أول/ وعروض في صالات محددة للجمهور، وتوزيع الجوائز؟ هو تكريم لا بد من وجوده، إذا أردنا أن ندعم الصناعة السينمائية، وندعم الإنتاج المحلي. وولادة «مهرجان العين السينمائي» أتت بعد غياب مهرجانات سابقة كانت مشرّفة ومميزة، وقد اختار مدينة العين لينطلق منها وباسمها، فنلمس منه دعوة مباشرة للجميع، لزيارة العين، المدينة المشهورة بهدوئها وجمالها، للاستمتاع بطبيعتها، وبالأفلام المعروضة خلال المهرجان الذي افتتح دورته الأولى أمس، ويختتمها يوم الجمعة 3 مايو/ أيار.

المولود الجديد الذي تنظمه شركة «سينما فيجن فيلمز»، يأتي ليدعم الشباب والموهوبين عشاق السينما. محلي بامتياز، يبحث في أروقة المدارس عن البراعم الصغيرة، فالأرض خصبة في الإمارات، تحتاج إلى دعم وريّ كي تزهر أعمالاً تليق بهذه الدولة الشابة الطموحة دائمة التطور. وباسم «سينما المستقبل» ينطلق، ليعكس صورة الدولة المتطلعة دائماً إلى المستقبل، التي تعمل في مختلف مؤسساتها من أجل بناء غد أفضل. والسينما أيضاً تملك رؤى للمستقبل، وعليها أن تؤدي دورها في دعم دولتها، بأعمال مشرّفة، فنية راقية، تربط بين الواقع والمستقبل وتغلفه بشيء من الخيال.

ضروري جداً أن يكون هناك أفلام توثق عملية التطور والانتقال السريع الذي تشهده الدولة من مرحلة إلى أخرى، وصولاً إلى الفضاء وبناء المستقبل. وعين السينما تستطيع تقديم التاريخ والحاضر بنظرة مختلفة، ليس بالضرورة أن تكون توثيقية جادة، بل كل عمل سينمائي درامي، أو تراجيدي، أو أكشن، أو كوميدي، يقدم وجهاً، ويتناول موضوعاً.. ويكفي أن يتم تصويره من داخل الأحياء والمدن والشوارع، كي يقدم للعالم الإمارات بعيون أبنائها، كما رأيناها، بل أفضل مما رأيناها بعيون المخرجين الأجانب في السينما العالمية، الذين باتوا يقصدون أبوظبي ودبي لتصوير أفلامهم.

خطوة إيجاد مهرجان سينمائي اليوم، فيها الكثير من الجرأة يشكر عليها كل من وقف خلف الفكرة، ودعمها، وسهر من أجل تحويلها إلى حقيقة. ليس المطلوب أن يكون في الاحتفال «بهرجة زائدة»، ولا المطلوب أن نقفز إلى الأرقام الخيالية في التكاليف، بقدر ما هو مطلوب، وبإلحاح شديد، أن يكون هناك داعم حقيقي للفن السابع، ومنصة تحتضن أهل المهنة، تقدم فرصاً لتقديم الأعمال، وتتيح المجال للتعارف بين السينمائيين والجمهور.

مدير المهرجان عامر سالمين المري، يؤكد أن المهرجان «يركز على خلق جيل جديد من الشباب المبدعين، ولذلك يفسح مساحة كبيرة للأفلام القصيرة»، إنها نقطة مهمة وأساسية، ولا بد من وجود هذا الدعم خصوصاً أننا في زمن التصوير المتطور بتقنيات عالية الجودة، وأدوات في متناول الجميع. حتى الأطفال يجيدون صناعة أفلامهم الصغيرة بالفيديو، وعبر هواتفهم النقالة، فلماذا نتردد في تطوير الإنتاج المحلي، والتطلع إلى ذهاب السينما الإماراتية إلى المنافسة بقوة داخلياً وخارجياً، وقد أثبت بعض صناعها قدرتهم على النجاح في المهرجانات خارج الدولة؟

«مسابقة الصقر الذهبي الإماراتي للأفلام الطويلة والقصيرة» المخصصة للمخرجين الإماراتيين، و«مسابقة الصقر لأفلام زايد»، المختصة بالأفلام التسجيلية التي يتم تنفيذها عن سيرة أو إنجازات الراحل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تستقطب المشاركين من مختلف الجنسيات، «مسابقة الصقر الخليجي» لصناع الأفلام من دول السعودية والكويت والبحرين وسلطنة عمان، و«مسابقة الصقر لسينما العالم»، المفتوحة لجميع الجنسيات المقيمة داخل الإمارات، وتقتصر على الأفلام القصيرة.. إنها فرحة الفن السابع، وفرصة جديدة، لاحتضان الموهوبين، وبادرة تشجع الحرفيين على تكثيف النشاط والإنتاج.

في هذا الملتقى الذي نتمنى له النجاح والاستمرار سنوياً في فتح أبواب الأمل أمام الصناع والموهوبين والطلاب لتقديم أعمالهم، لا ننتظر يوم الختام لنستشف ردود الأفعال، ومدى تأثير هذا الحدث، فأياً كانت نتائج المسابقات، فإن الفائز الأول في «مهرجان العين السينمائي»، هي الإمارات، ومدينة العين، والسينمائيون الإماراتيون جميعاً.

marlynsalloum@gmail.com

شاهد أيضاً