الإمارات العربية المتحدة الأولى إقليمياً وتتصدر دول مجلس التعاون الخليجي في تبني تكنلوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد وتقود التحول نحو الحياد المناخي في الشرق الأوسط

شبكة أخبار الإمارات ENN

يشهد قطاع البناء في دول مجلس التعاون الخليجي تحولاً كبيراً مع التطور السريع للمدن والمراكز الحضرية. تستمر ناطحات السحاب العملاقة ومشاريع البنية التحتية الكبرى في إعادة تشكيل مشهد المنطقة. ومع هذا التوسع المتسارع، تبرز الحاجة إلى تبني ممارسات بناء أكثر استدامة ومرونة. لذا تعمل الحكومات في المنطقة على وضع أهداف بيئية طموحة، ويستجيب القطاع من خلال ابتكارات متقدمة في المواد والتكنولوجيا والأطر التنظيمية.  يأتي هنا دور مجلس الكود الدولي المحوري في قيادة هذا التحول نحو ممارسات بناء أكثر أماناً واستدامة في المنطقة. حيث يقدم المجلس رؤى استراتيجية وإرشادات فنية ودعم تنظيمي لمساعدة دول الخليج على مواكبة التطورات الحيوية في قطاع البناء والتشييد.

كما يهدف مجلس الكود الدولي إلى استشراف مستقبل صناعة البناء وتحديد الاتجاهات الرئيسية التي ستشكل تقدمها من خلال تطوير مجموعة شاملة من قوانين البناء القابلة للتكيف مع متطلبات دول الخليج، يسعى المجلس لتعزيز ثقافة السلامة على مدار دورة حياة المبنى بأكملها.

مشاريع ضخمة، مبادرات خضراء: رؤية دول مجلس التعاون الخليجي الطموحة لنمو بقيمة 277 مليار دولار 

يتوقع أن يشهد سوق البناء في دول مجلس التعاون الخليجي نمواً كبيراً، حيث من المرتقب أن يرتفع من 177.77 مليار دولار في عام 2025 إلى 226.88 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي متصاعد يبلغ 5% هذا التوسع لا يقتصر على زيادة الحجم فحسب، بل يعكس تحولاً نحو أساليب بناء تجمع بين التطور الاقتصادي والاستدامة البيئية، حيث يتم إعادة تصور أساليب البناء لتلبية متطلبات الاستدامة والكفاءتشكلَ قطاع البناء في دول مجلس التعاون الخليجي بفعل توفر الطاقة منخفضة التكلفة والدعم الحكومي، مما أدى إلى ممارسات بناء تستهلك الطاقة بكثافة. ومع ذلك، فإن الإمكانات الشمسية الهائلة في المنطقة والتركيز المتزايد على الاستدامة دفعا دول الخليج نحو تبني حلول أكثر كفاءة في استخدام الطاقة. تتخذ دول مجلس التعاون الخليجي خطوات جريئة لمواجهة التغير المناخي من خلال مبادرات طموحة لخفض الانبعاثات وتحسين كفاءة الطاقة. وتشهد المنطقة تحولاً تدريجياً نحو مصادر الطاقة النظيفة، مع التزام العديد من شركات النفط والغاز بتحقيق أهداف ملموسة لخفض انبعاثات النطاق 1 والنطاق 2، بالإضافة إلى القضاء على معدلات الحرق والانبعاثات بحلول 2023. تشمل الاستراتيجيات الرئيسية لدول مجلس التعاون زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة الطاقة في المباني والأنظمة، والاستثمار في تقنيات منخفضة الكربون.

طباعة المستقبل: التحول التكنلوجي في صناعة البناء

تتبوأ دول مجلس التعاون الخليجي مكانة ريادية في مجال تكنلوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد، مع تصدر الإمارات العربية المتحدة للمشهد من خلال إنشاء العديد من المباني باستخدام هذه التقنية المبتكرة. حيث يبرز “مكتب المستقبل” في دبي، أول مبنى مطبوع ومعد للاستخدام بتكنلوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد في العالم، كمثال رائد على إمكانات هذه التكنولوجيا في تقليل النفايات وتمكين التصاميم المعقدة التي تميز المنطقة، كما جاء تماشياً مع استراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد 2030، حيث تستهدف الإمارات تنفيذ 25% من المباني باستخدام هذه التكنلوجيا بحلول عام 2030. تقدم هذه الابتكارات فوائد مزدوجة تتمثل في خفض هدر المواد وإتاحة تصاميم معمارية متطورة تعكس الهوية المعمارية للمنطقة. إن القدرة على الجمع بين الاستدامة والهياكل المخصصة عالية الأداء تجعل من الطباعة ثلاثية الأبعاد عاملاً استراتيجياً في تطوير الجيل القادم من المباني. يشكل كذلك المناخ الصحراوي الحار في دول مجلس التعاون الخليجي عائقاً كبيراً أمام أساليب البناء التقليدية. لذا، يبرز التصنيع خارج الموقع كحل مبتكر وفعال لمواجهة هذه التحديات. حيث تتيح الوحدات مسبقة الصنع والحلول النمطية المصنعة في بيئات مكيفة تحسناً في ظروف العمل وتعزز سلامة العمال، كما تقلل من هدر المواد بشكل ملحوظ مقارنة بالبناء التقليدي مع جودة المنتج النهائي نظراً للتحكم الدقيق في عملية التصنيع.

من الحلم إلى الإنجاز: تحول جذري في دول مجلس  التعاون الخليجي نحو الاستدامة 

تقود دول مجلس التعاون الخليجي تحولاً حاسماً نحو مستقبل مستدام، مدفوعة بمبادرات طموحة مثل “رؤية السعودية 2030″ و”استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050“. هذه الخطط ليست مجرد طموحات، بل التزامات قابلة للتنفيذ تهدف إلى تحقيق صافي انبعاثات صفرية وتحويل الاقتصادات نحو نماذج أكثر استدامة، وتضع معايير عالمية في مجال البناء الأخضر. تعمل هذه المبادرات على مواءمة قدرات الصناعة مع الطموحات الحكومية، مما يضع دول الخليج في طليعة الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي وضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.

الإمارات والسعودية تقودان التحول نحو الحياد المناخي في الشرق الأوسط

أطلقت الإمارات في 2021 استراتيجية للوصول إلى صفر انبعاثات بحلول 2050، لتكون أول دولة في المنطقة تحدد هذا الهدف. وفي العام نفسه، اعلنت السعودية خلال أول منتدى للمبادرة السعودية الخضراء في عام 2021 عن الالتزام بتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2060. هذه المبادرات تهدف إلى تحويل الاقتصادات وضمان مستقبل مستدام، متجاوزة مجرد خفض الانبعاثات.

من الخرسانة التقليدية إلى الحياد الكربوني: الابتكار لتحقيق صفر انبعاث 

بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، أصبح تحقيق المباني ذات الانبعاثات الصفرية ضرورة ملحة وليس مجرد هدف طموح. نظراً لأن تكييف الهواء يستهلك نسبة كبيرة من الطاقة في المنطقة، فإن دول الخليج تتمتع بفرصة فريدة لريادة تطبيقات التبريد السلبي ودمج الطاقة المتجددة في المباني. يمكن تحقيق خفض كبير في الانبعاثات التشغيلية من خلال تطبيق أنظمة العزل عالية الأداء، وتوليد الطاقة المتجددة في الموقع، واستخدام تقنيات المباني الذكية لتحسين كفاءة الطاقة. يعتبر التحدي الرئيسي الذي يواجه المنطقة هو إثبات إمكانية التوفيق بين الاستدامة والتنمية الفاخرة، وهو نهج يكتسب زخم متزايد مع تنامي الوعي البيئي وتطور التقنيات المستدامة. كانت الخرسانة، المسؤولة عن نسبة كبيرة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالمياً، وظلت لعقود طويلة الركيزة الأساسية لقطاع البناء في دول مجلس التعاون الخليجي. غير أن المشهد بدأ يتغير مع ظهور بدائل مبتكرة كالأسمنت الجيو بوليمر والفولاذ المعاد تدويره، والتي تحظى باهتمام متزايد لما تقدمه من منافع بيئية واقتصادية. 

التبريد بطرق مستدامة: إعادة التفكير في أنظمة التكييف لحماية كوكب الأرض

في ظل استهلاك أنظمة التبريد لنحو 70% من الطاقة في بعض مباني دول مجلس التعاون الخليجي، أصبح التحول نحو تقنيات التكييف الذكية ضرورة بيئية واقتصادية ملحة. يشكل الانتقال إلى أنظمة تكييف موفرة للطاقة ومتكاملة مع مصادر الطاقة المتجددة فرصة ثمينة لترشيد استهلاك الطاقة دون المساس بمستويات الراحة الداخلية. وتبرز أهمية التقدم في تقنيات التبريد المستجيبة للطلب كعامل أساسي في تحقيق الأهداف الطموحة لخفض الانبعاثات على نطاق أوسع.

تحول حاسم في البناء المستدام بدول مجلس التعاون الخليجي

تمر دول مجلس التعاون الخليجي بمرحلة فاصلة في قطاع البناء خاصةً مع المشاريع الضخمة والفعاليات العالمية المرتقبة، التي ستشكل ملامح البيئة العمرانية للمستقبل. الانتقال من المشاريع المستدامة الفردية إلى تبني معايير أعلى على مستوى الصناعة ككل يمثل المرحلة القادمة من التطور.

الجدير بالذكر أن قطاع البناء الخليجي يتميز بطموحاته الكبيرة ورؤيتهِ المتغيرة لمشهد مستقبل البناء في المنطقة، والتحدي الآن هو ضمان نمو مستدام بيئياً واقتصادياً من اجل خلق مبانٍ أيقونية وصديقة للبيئة في آن واحد، مصممة لتدوم في عالم منخفض الكربون. لهذا يسعى مجلس الكود الدولي باستمرار للعب دوراً محورياً في توفير المعايير والدعم التنظيمي اللازم لتحقيق التوازن بين التحديات والطموحات والتطبيق العملي للاستدامة في المنطق

شاهد أيضاً