أنجلينا جولي: الإخراج يجذبني لكن التمثيل في عروقي

شبكة أخبار الإمارات ENN

محمد رُضا
أنجلينا جولي هي ابنة الممثل جون فويت، والممثلة غير المشهورة مارشيلين برتراند. وُلدت في لوس أنجلوس في 1975؛ حيث كان والدها قد وصل إلى سدّة النجومية في أواخر الستينات؛ عندما لعب بطولة «مدنايت كاوبوي». وفي عام ولادتها شارك في بطولة «خلاص» أمام بيرت رينولدز، وارتقت شهرته بعد ذلك حتى أصبح نجماً هوليودياً كبيراً في منتصف السبعينات وما بعد قبل أن تنحسر عنه الأضواء الأولى؛ بسبب تقدّمه في العمر ولجوئه الطبيعي إلى الأدوار المساندة.

حين أصبحت أنجلينا جولي شابة في العشرين من عمرها، لم يعد هناك أي شك في أن مستقبلها الفني بات مضموناً. كانت تملك المقومات الجمالية كلّها. وكانت متفوقة على مقومات ممثلات أخريات بكونها طبيعية من ناحية، ولديها ملامح غير متوافرة بين الممثلات الأخريات من ناحية أخرى. شاركت في مسرحيات وأفلام حققها طلاب من بينهم شقيقها ثم وقفت على المسرح الفعلي مع أمي ماديجان وإد هاريس وهولي هنتر ثم دخلت التمثيل المحترف بدءاً من «سيبورج 2» سنة 1993، وبعد عامين ظهرت في فيلم آخر من النوع المستقبلي عنوانه Hackers .
في العام التالي لعبت دوراً ملحوظاً في فيلم عنوانه Foxfire تحرّض فيه المراهقات على المطالبة بحقوقهن الاجتماعية، ورفض المعاملة المهينة لهن. وبعد 5 سنوات من العمل متنقلة بين أدوار مساندة معظمها منسي، تحقق لها ما صبت إليه من طموح عندما لعبت دوراً مسانداً في فيلم «فتاة، مُقاطعة» Girl, Interrupted الفيلم الذي منحها جائزة أوسكار كأفضل ممثلة مساندة عن عام 1999. لم تكتف بذلك؛ بل سحبت بساط الاهتمام من الممثلة الأولى وينونا رايدر.
عامان بعد ذلك وإذا بها تتصدر بطولة «لارا كروفت: غازية التابوت» لاعبة دور امرأة بالغة القوّة في عالم لا يعرف سواها سبيلاً، لكنها لم تمض في منوال هذه الأفلام وحدها، فهي الأم الشريرة للإسكندر المقدوني في «ألكسندر» 2004، والزوجة التي تخوض مغامراتها الجاسوسية مع زوجها في «مستر ومسز سميث» 2005 ثم عرفت طعم الأفلام القائمة على أحداث سياسية في «قلب كبير» 2006، وكانت الممثلة المناسبة لفيلم كلينت ايستوود الجيد «استبدال» 2008 قبل أن تعود إلى المغامرة في «سولت» 2010.
في عام 2011 قررت الإخراج فأقدمت على تحقيق فيلم حول البوسنيات اللواتي اغتصبن حال اندلع القتال بين دول يوغسلافيا المنهارة عنوانه «في أرض الدم والعسل». ومع أنه لم يكن الفيلم الأول الذي تحققه كمخرجة؛ إذ تمرّنت على فيلم تسجيلي عنوانه «مكان في الزمن»، إلا أنه كان العمل الرئيسي الذي أنجزته في هذا المضمار.
هذه نقطة تحول أساسية في حياة الممثلة؛ إذ باتت تخصص المزيد من وقتها إما للبحث عن مشاريع تخرجها، وإما للإقدام عليها وفي الحالتين باتت تسجل ظهوراً أقل من السابق كممثلة، ولو أنها، كما تؤكد في الحوار معها، أبعد من أن تترك التمثيل تماماً.
كيف تصفين فيلمك الجديد «قتلوا والدي أولاً: فتاة من كومبوديا تتذكر»؟
إنه فيلم عن حادثة حقيقية. بالأحرى الحادثة التي ترويها فتاة كمبودية اسمها ساروم هي العمود الفقري للفيلم، لكنه ليس الخط الأساسي الوحيد فيه. هو عن تلك الفترة المظلمة من حياة الناس العاديين الذين عانوا على أيدي «الخمير الحمر» من ناحية، واستعادة لتاريخ محزن من العلاقة بين الضحايا والأبرياء والإرهاب من ناحية أخرى.
كانت هناك بضعة أفلام تسجيلية عن مذابح «الخمير الحمر». ما الذي تعتقدين أن هذا الفيلم مميز به؟
لا أدري عن التميز فعلياً. كنت أعرف أن هناك من قدم بالفعل أفلاماً عن تلك الفترة وفي ذلك البلد وبالتحديد عن تلك المذابح، لكن لم يكن عندي أي سبب يدفعني للامتناع عن تحقيق الفيلم لمجرد أن آخرين صنعوا أفلامهم قبلي. أعتقد أن الاختلاف، حسب معرفتي لأني لم أشاهد كل شيء طبعاً، هو أنني أتابع حكاية هذه المرأة وبعض النساء الأخريات وجميعهن عانين ذلك الوضع. ومن ناحية أخرى، فإن المرأة التي أمنحها الوقت الأكبر بين المقابلات وأصحبها في رحلتها لذلك التاريخ، وهي لونج أونج، كانت ضحية اعتداء فظيع عليها قبل أن تصبح عضواً ناشطاً لحقوق الإنسان.
كيف سنحت لك فرصة البحث عن التمويل؟ يفترض المرء أن موضوعاً كهذا لم يكن ليتم لولا وجود اسمك عليه كمنتجة ومخرجة.
هذا يساعد بالطبع، لكن إن هناك، اليوم، اهتماماً كبيراً بالسينما التسجيلية التي تبحث في التاريخ القريب. عندما أدركت أن «قتلوا والدي أولاً…» هو الفيلم الذي أريد إنجازه لجأت إلى عدد من الشركات، والشركة التي كانت أكثر ترحيباً به هي «نتفلكس».
هل كانت لدى هذه الشركة أي شروط كونها توزع الأفلام مباشرة إلى البيوت عبر العروض المباعة على الإنترنت؟
لا علاقة لتخصص هذه الشركة وبكيفية توزيعها لأفلامها. ولم تكن هناك أي طلبات خاصة أو شروط أو تدخل في العمل. كانت لدي حرية مطلقة.
‬هل تمتعت بهذه الحرية منذ أن أخرجت أول فيلم لك «في بلد الدم والعسل»؟
طبعاً. لم أكن سأدخل التجربة مقيدة.
ما الدور الذي تفضلين أن تلعبيه أكثر من سواه: التمثيل أم الإخراج؟
حالياً أرى نفسي مخرجة أكثر، لكني لا أزال أحب التمثيل؛ لأنه في عروقي وفي داخل قناعاتي كإنسانة. أنا في مرحلة أستطيع فيها اختيار ما أريد القيام به سواء أكان مشروعاً أريد إخراجه أو عرضاً لتمثيل فيلم. الفارق أنني كمخرجة أختار المشاريع التي تهمني وتمكنني من تسليط الضوء على التاريخ ونشر المعرفة به وبما يمكن استخلاصه من دروس حوله.
هل تجدين نفسك متجهة صوب الإخراج إلى درجة أن يصبح التمثيل عندك هواية ثانية؟‬
لا أعتقد أن هذا سيحدث، ليس الآن على الأقل. وُلدت على الشاشة ممثلة وتعبت كثيراً لأجد الصورة الصحيحة التي أريدها لنفسي أمام الجمهور. أردت أن أثبت أنني لست فقط اسماً مشهوراً وربما جميلاً، لكن أيضاً ذات موهبة ومعرفة حتى عندما ظهرت في أفلام لم تحقق النجاح الذي أردته أو نجحت؛ لأنها أفلام من نوع المغامرات والحركة.
مثل «لارا كروفت» و«السائحة»؟
تماماً.
من الواضح أن أفلامك كمخرجة تنوعت. لديك «أرض الدم والعسل» حول الحرب البوسنية وتبعاتها من ناحية، و«على البحر» الذي كان دراما لا علاقة لها بأحداث الحرب. هل يجذبك الموضوع الجاد أكثر من سواه حالياً؟‬
«أولاً قتلوا والدي» ربما يعكس اهتمامي أكثر بالموضوع الجاد. الأفلام عموماً تنجح أو لا تنجح حسب عناصر تجارية وتوزيعية ولا قدرة لأحد على ضمان أي شيء. حالياً الفيلم الجاد يبدو لي أكثر قدرة على جذب الاهتمام لفريق كبير من السينمائيين في أمريكا وفي خارجها أيضاً.
ما العنصر الجامع بين أفلامك التسجيلية والروائية إذاً؟
أحاول أن أكون صادقة حتى ولو بدا الصدق انحيازاً. هذا لا علاقة له إذا ما كان الفيلم جاداً أو مجرد قصّة عائلية كما «على البحر».
فيلمك الوحيد كمخرجة الذي لم أشاهده هو «غير المهزوم»، ماذا عنه؟
إنه فيلم عن رياضي أسترالي اسمه لويس زامبريني اعتقلته القوّات اليابانية عندما غزت أستراليا. تابعت حياته درامياً لكني هنا، حسب رأيي، بدأت أفكر في أن عليّ أن أحقق فيلماً تسجيلياً صرفاً.
أحد أفلامك الأخيرة كممثلة فقط كان «ماليفيسنت» ولعبت فيه دور شريرة. هل استهواك الدور كثيراً؟‬
لم أكن لعبت دور الشريرة في فيلم خيالي من قبل لكن الموضوع أعجبني منذ أن كنت صغيرة. أعتبر نفسي من بنات «عالم ديزني». ترعرعت على أفلامها وأحببت شخصية الجميلة النائمة التي ترد فيها شخصية ماليفيسنت التي أقوم بها.
هل استهواك الدور فقط لأنه مختلف عما قدمت من قبل؟
هناك سبب آخر هو أن معظم ما مثلته لا يصلح لكي يشاهده الصغار. أردت أن أصلح هذا الوضع والتمثيل في فيلم يستطيع أولادي الصغار مشاهدته والاستمتاع به.
إذا عدنا للبدايات، ألا يزال فيلم «فتاة مقاطعة» يعني لك اليوم ما عناه بالأمس؟
أتذكر بحب ذلك الفيلم؛ لأنه كان دراما جميلة في نظري ومنحني «الأوسكار» أيضاً، لكني في الواقع أحب أفلام تلك الفترة: التسعينات ومطلع القرن الحالي، مثل «جامع العظام» و«لارا كروفت» و«ألكسندر»؛ لأن اهتمامي كان منصباً على إتقان دوري كممثلة. هذا تطلب انصرافي الكامل وجهدي أيضاً.
هل ترددت في الانتقال من أدوار الخير إلى أدوار الشر؟
كنت أعلم يقيناً أن هذا المشروع وهذه الشخصية الموكلة إليّ هما ما أريد القيام به. وأكثر من ذلك، ومن وجهة نظري كسينمائية وليس كممثلة، الفيلم يحتاج لممثلة أولى لكي ينجح. لو كنت منتجة الفيلم ولا نيّة في تمثيله، لبحثت بين الممثلات المعروفات بجمالهن وأدوارهن البطولية عمن تقوم بهذا الدور الداكن.
فيلمك مع براد بت «مستر ومسز سميث» كان مثيراً لكن دورك في «استبدال» كان رائعاً. هل توافقين؟
كل فيلم له حسنات؛ وذلك حسب المخرج الذي يتعامل مع المادة التي نصوّرها. معك أن «مستر ومسز سميث» كان ترفيهاً جيداً، بينما كان «استبدال» موضوعاً جاداً لمخرج أحب أعماله.
كلينت ايستوود؟
نعم. بذرة اهتمامي في أن أصبح مخرجة أعتقد أنها زرعت هناك.

شاهد أيضاً