تحدث ثلاثةٌ من أبرز صناع المحتوى في عالم الطهي، في جلسة بعنوان “مطابخ التواصل الاجتماعي: من المنصات إلى مطاعم على أرض الواقع” خلال فعاليات النسخة الثالثة من قمة المليار متابع، اصطحبوا خلالها الحضور في رحلة حول صناعتهم لهذا المحتوى المتميز، وأسرار نجاحهم.
وعقدت الجلسة خلال فعاليات قمة المليار متابع، أكبر قمة عالمية في اقتصاد صناعة المحتوى، والتي ينظمها المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات، وتستضيفها دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الفترة من 11 إلى 13 يناير الجاري، في (أبراج الإمارات، مركز دبي المالي العالمي، ومتحف المستقبل) بدبي، تحت شعار “المحتوى الهادف”، حيث تشهد القمة في نسختها الثالثة زخماً كبيراً بمشاركة أكثر من 15 ألف صانع محتوى ومؤثر وأكثر من 420 متحدثاً و125 رئيساً تنفيذياً وخبيراً عالمياً.
وشارك في الجلسة كل من الطاهي محمد سبيطة الشهير بـ “أبو جوليا”، الذي جذب ملايين المتابعين من خلال مقاطع الفيديو المميزة التي يشارك فيها متابعيه وصفاته الشهية، والشيف شاهين الذي اشتهر بحضوره القوي على منصات التواصل الاجتماعي، وحاتم مطر أول أخصائي مشاوي في العالم العربي.
نجاح بـ”الصدفة”
واستهل الطاهي الفلسطيني الشهير “أبو جوليا” الجلسة بالحديث عن بداياته مع وسائل التواصل، ويقول: “أثناء جائحة كورونا قمتُ بتصوير مقطع فيديو وأنا أحضر إحدى الوجبات، ثم نشرتها على حسابي الذي لا يوجد فيه سوى 400 صديق، وبعدها ذهبت للنوم، وعندما استيقظتُ وجدت الفيديو وقد شاهده حوالي 100 ألف إنسان، ثم الفيديو الثاني حقق نحو 300,000 مشاهدة، والثالث وصل إلى 6 ملايين مشاهدة. عندها أدركت أنني فعلت شيئاً جيداً، ومعادلة النجاح بالنسبة لي هي طبخٌ جيد ومقطع فيديو جيد، وهذا ما نجحتُ فيه”.
من مهندس معماري لـ”شيف”
أما الشيف شاهين، الأكثر شهرة في تقديم المأكولات العراقية بشكل حديث، فشارك جمهور القمة بداياته قائلاً: “كنت مهندساً معمارياً، وكنتُ أطبخ لنفسي وأحياناً لأصدقائي، وكانت تعليقاتهم إيجابيةً، ولاحقاً قررت أن الوقت قد حان لإنشاء مطعم، وبصفتي مهندساً معمارياً، قمت بتصميم المساحة والأطباق وكل التفاصيل الجمالية. لكنني نسيت تماماً جانب العمليات التشغيلية، افتتحنا المطعم، وكان الوضع فوضوياً في البداية. لكننا أصبحنا الآن خبراء في العمليات التشغيلية، وأنشأنا برامج خاصة بنا لتقييم الجودة، والخدمات، والوصفات، وكل شيء في مطعمنا مُدار من خلال الهاتف”.
من حديقة المنزل للعالمية
من جانبه، تحدث الطاهي حاتم مطر، الذي يعتبر أول أخصائي مشاوي عربي، عن مسيرته التي بدأت بطريقة مختلفة تماماً، حيث انطلق من طهي الـ”بريسكت” في حديقة منزلهم الخلفية، ليصبح اليوم شخصية بارزة في عالم الشواء، ويقول عن البدايات: “كنت مديراً في قطاع النفط والغاز، لكن شغفي بالشواء دفعني لبدء مشروع مختلف تماماً، وقد ركزتُ على تقديم منتج لم يكن موجوداً في الإمارات حتى عام 2014، حيث بدأت في شواء قطعة البريسكت، وكنت أقدم الشواء للناس في أنحاء المدينة. وقد اتصل بي مديري من هيوستن ذات يوم وسألني: هل لديك مطعم؟، ردة فعلي الأولية كانت الإنكار المباشر، لكنه قال لي: سأسألك مرة أخرى، هل لديك مطعم أم لا؟، وقبل أن أجيب أخبرني أنه قد رآني على CNN وهكذا بدأت الأمور تتكشف”.
التحديات من وجهة نظرهم
التحديات في عالم الطهي هي جزء لا يتجزأ من مسيرتهم، وقد عبّر الطهاة الثلاثة عن هذه الصعوبات بشكل واضح، يقول أبو جوليا: “أحد العملاء زار مطعمي مع عائلته وعلّق قائلاً الطعام لذيذ، لكنه لم يصل إلى مستوى توقعاتي، وعندما طلبت منه التوضيح، قال لا أعرف، فقط كنت أتوقع المزيد، أدركت حينها أن التوقعات المرتفعة مرتبطة بسمعة المطعم على وسائل التواصل الاجتماعي. وبدأت أفكر في كيفية تقديم أطباق تجعل العملاء يشعرون بأنها جديدة وفريدة”.
من جانبه يرى الشيف شاهين أن النجاح السريع على وسائل التواصل لن يدوم إذا لم يكن لدى الشخص منتج جيد، ويقول: “وسائل التواصل تسرع من وتيرة النجاح، في حال استخدمت بحكمة، لكن الأمر الأهم أن يكون لديك منتج قوي يدعم هذا النجاح، فوسائل التواصل الاجتماعي قد تجعلك ناجحاً بين عشية وضحاها، لكنها قد تكون خادعة؛ إذا كان لديك منتج يعتمد فقط على صيحة مؤقتة، سيتركك الناس عندما تنتهي تلك الصيحة”
أما حاتم مطر فيرى أن التحديات المرتبطة بمجال الشواء تكمن في تقديم منتج ذي جودة عالية يظل ثابتاً على مر الزمن، ويضيف:”نحن نقدم أطباق الشواء التقليدية التي تحتاج إلى ساعات طويلة من التحضير، ونعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي كأداة للتواصل وليس كهدف نهائي، ونؤمن أن جودة ما نقدمه هو مفتاح استدامة النجاح”.
نصائح لرواد الأعمال الجدد
واختتم الطهاة الثلاثة الجلسة بتقديم مجموعة من النصائح لرواد الأعمال، أهمها أن يقدم الطاهي قصة بلده وثقافته من خلال ما يقدمه من طعام، وأن الشغف وحده لا يكفي، بل يجب أن يقترن بخطة واضحة ومنتج قوي، وضرورة الإدارة الفعالة، واتفق الثلاثة على أهمية الابتكار في الطهي، ليس فقط حول إنشاء أطباق جديدة تماماً، بل تحسين تجربة المكونات المألوفة. مع الحفاظ على العناصر الأساسية.