هيئات ودوائر حكومة دبي تتكاتف في جهد مشترك لتطوير الخطة الاستراتيجية 2021

حكومة دبي-امارات اون لاين

استعدادا لإعلان دبي عن خطتها الاستراتيجية الطموحة انتهى أكثر من مائة من مسؤولي وممثلي الجهات المختلفة في حكومة دبي من مناقشة الإطار العام لتحديث خطة دبي الاستراتيجية 2021 الذي أطلق بتكليف من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي وبمبادرة من قبل الأمانة العامة للمجلس التنفيذي للعمل على تحديث خطة دبي الاستراتيجية والتأكد من ترجمتها لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ” رعاه الله ” ومواءمتها مع مخرجات الأجندة الوطنية التي أطلقها سموه مطلع هذا العام وتعزيز دورها في توحيد الجهود بين القطاعين العام والخاص والدفع بالجهود التنموية في إمارة دبي نحو المقدمة وتذليل التحديات التي تفرضها المرحلة القادمة.

وقد تحولت دبي خلال الأسبوع الماضي إلى ورشة عمل كبيرة عكف فيها مسؤولو التخطيط الاستراتيجي والخبراء الفنيون في جميع الهيئات والمؤسسات الحكومية على عقد الاجتماعات بهدف تبادل الأفكار والخروج بتصور نهائي وشامل لإطار تحديث خطة دبي الاستراتيجية 2021.. حيث عقدت ست ورش عمل على مدار ستة أيام متتالية تناولت الجوانب المختلفة لإطار العمل بما يكفل إرساء رؤية متكاملة تكون بمثابة خريطة طريق للإمارة خلال السنوات السبع القادمة.. إضافة إلى مناقشة مؤشرات الأداء الرئيسة الخاصة بها والتي تستخدم في تحليل الوضع الراهن تمهيداً لتحديد مستهدفات الخطة نحو العام 2021 ووصولاً إلى الإعلان النهائي عن البرامج والسياسات والمبادرات الاستراتيجية الخاصة بها في وقت لاحق من العام الجاري.

وتعد خطة دبي الاستراتيجية 2021 امتداداً لقصة نجاح خطة دبي الاستراتيجية 2015 واستكمالاً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لجعل دبي وجهة عالمية على مختلف الصعد خصوصاً وأن الإمارة تشهد حالياً نهضة كبيرة في كافة المجالات والتي تعبر عنها مجموعة المبادرات والبرامج والمشاريع الطموحة التي أطلقت مؤخراً.

حضر ورش العمل ممثلون عن مختلف الدوائر الحكومية في إمارة دبي يمثلون قطاعات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبنية التحتية والأمن والعدل والصحة والسلامة وغيرها إلى جانب الدوائر والهيئات التي تمثل مركز الحكومة.

وفي هذا الشأن قالت السيدة عائشة ميران مساعد الأمين العام – قطاع الإدارة الاستراتيجية والحوكمة في الأمانة العامة للمجلس التنفيذي لقد حرصنا على أن نطلق هذا الجهد ونسير فيه جنباً إلى جنب مع الجهات الحكومية والجهات الممثلة للقطاع الخاص ذلك أن خطة دبي الاستراتيجية 2021 تعنى برسم صورة الإمارة ككل بعد سبع سنوات من الآن لا على قطاعات بعينها وستترك بالتالي أثراً على طبيعة عمل كل واحد منا.

وأضافت أن دوائر وهيئات ومؤسسات حكومة دبي هي شريكنا الدائم في كل ما يتعلق بالتخطيط الاستراتيجي ورسم الصورة المستقبلية للإمارة ونحن جادون في الأمانة العامة للمجلس التنفيذي بمتابعة هذه الشراكة بشفافية وحرفية والتزام.

وينطلق إطار عمل تحديث خطة دبي الاستراتيجية من الرغبة في رسم صورة متكاملة لدبي بحلول العام 2021 تأخذ بعين الاعتبار النتائج النهائية لجهود التنمية كما يؤمل أن تتجسد على مستوى الإمارة ككل. وفي ذلك تطوير بسيط للمنهج الذي اتبع في تطوير خطة دبي الاستراتيجية 2015 والذي استند إلى مخرجات ونتائج القطاعات المختلفة اقتصادية أم اجتماعية أم حضرية باعتبارها مرتكزاً للتخطيط الاستراتيجي.

ويقوم إطار تحديث خطة دبي الاستراتيجية 2021 على وصف الإمارة من خلال عدسة شاملة تقوم على فكرة مفادها أن أية مدينة في نهاية المطاف تقوم على توافق مجموعة من الأفراد فيما بينهم على تكوين مجتمع تحكمه مجموعة من قواعد العيش المشترك ويستقرون في فضاءٍ حضري يتشاركون فيه تجربة معيشية مشتركة ويمارسون نشاطات وأنماط إنتاجية تمثل عصب المدينة ووقودها ..

وأنه لضمان استدامة رفاههم فإنهم يتوافقون فيما بينهم على شكل من أشكال الإدارة التي تضمن للمدينة استقرارها ونموها وازدهارها.

ومن هذا المنطلق لجأ إطار تحديث خطة دبي الاستراتيجية إلى وصف دبي من خلال أربعة مناظير رئيسة ومتكاملة أولها هو منظور الفرد والمجتمع والذي يتناول السمات المرجو توافرها في أفراد مجتمع دبي للنهوض بعبء التنمية ولعب دور محوري في قيادة محاور الخطة..علاوة على وصف المجتمع المثالي في تماسكه وتلاحمه واحترامه لتعدد الثقافات والتعايش فيما بينها بانسجام.

أما المنظور الثاني فهو ذلك الذي يتناول الفضاء الحضري سواءً ما يتعلق بعناصر البنية التحتية للمدينة من بيئة طبيعية ومشيدة وطرق ووسائل مواصلات ومصادر طاقة وغيرها أو ما يتعلق بشكل التجربة الحياتية التي يعيشها أفراد المجتمع من إماراتيين ومقيمين وزائرين سواءً من خلال التفاعل فيما بينهم أو من خلال التفاعل مع عناصر البنية الحضرية والخدمات المرتبطة بها اجتماعية كانت أم اقتصادية.

كما يتناول إطار تحديث خطة دبي الاستراتيجية المدينة من منظور اقتصادي باعتباره محرك التنمية والوقود الذي يغذي المدينة ويدفع باتجاه تطورها المستمر..علاوة على الحوكمة كمنظور رابع باعتبارها الآلية المؤسسية التي تضمن قيادة التنمية واستمرارها وتعزيز رفاه الفرد والمجتمع وحفظ الأمن والنظام.

وقد ترجمت المنظورات السابقة إلى ستة محاور يعتبر كل واحد منها عنواناً رئيساً لمجموعة من الغايات الرئيسة على مستوى دبي وتشكل في مجملها تطلعات المدينة المستقبلية نحو العام 2021.

يذكر أن المحاور والغايات التي ناقشها المشاركون في ورش العمل قد انطلقت من جهد بحثي استند بالمجمل إلى مصادر محلية واتحادية وعالمية على رأسها الرؤية التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بأن تكون دولة الإمارات العربية المتحدة دوماً الرقم واحد.. كما استند كذلك إلى تطلعاته لإمارة دبي في المجالات المختلفة والتي عبر عنها سموه في تصريحاته المتعددة في وسائل الإعلام والمحافل المحلية والدولية.

واستند الإطار كذلك إلى الجهود والمبادرات الرامية إلى وضع دبي على الخريطة الدولية وعلى رأسها استضافتها لمعرض إكسبو 2020 وإعلانها عاصمة للاقتصاد الإسلامي ومدينة صديقة لذوي الإعاقة والمدينة الأذكى عالمياً وحكومة دبي نحو 2021 وغيرها الكثير من المبادرات التي ستترك أثراً كبيراً على الإمارة خلال السنوات القادمة والتي تصب جميعها في ترسيخ مكانة دبي كمدينة عالمية.

أما اتحادياً فقد حرص الإطار على المواءمة بشكل كامل مع رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة 2021 وعلى تبني كافة مؤشرات الأجندة الوطنية التي أطلقت مطلع هذا العام.

علاوة على ما سبق فقد حرص الفريق المكلف بتطوير إطار تحديث خطة دبي الاستراتيجية على ضمان أن يكون الإطار متماسكاً سواءً من خلال الاسترشاد بالأدبيات العلمية في مجال تنمية المدن باعتبارها الوحدة الحضرية التي توفر للأفراد والمجتمعات جودة الحياة.

كما وظف الفريق في إعداد الإطار الاستراتيجي خبرات وتجارب عدد من المدن العالمية التي تتشابه مع دبي من حيث الخصائص الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية والتي تتبنى كذلك نماذج تنموية طموحة وتتنافس فيما بينها على تبوؤ المراكز الأولى عالمياً في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والحضرية ونظم الحوكمة والإدارة الرشيدة. ومن هذه المدن على سبيل المثال لا الحصر سنغافورة ولندن ونيويورك وهلسنكي وبرشلونة وميلبورن وهونغ كونغ وكوالالمبور وغيرها من المدن التي سيصار لاحقاً إلى استخدام بياناتها لغرض المقارنة المعيارية مع دبي وفقاً للمجالات التي تتميز بها بحسب العديد من التقارير الدولية التي تصدر لهذه الغاية.

ومنذ بداية العمل على إطار تحديث الخطة كان هناك إدراك لأهمية أن يأتي القياس مصاحباً منذ البداية للأهداف الطموحة..ولهذا فقد عكف المشاركون في ورش العمل على نقاش مؤشرات الأداء الرئيسة التي ستستخدم كأداة لقياس مدى نجاح تحقيق المحاور والغايات التي احتوى عليها الإطار المذكور والتي ستجري متابعتها بشكل مؤسسي من قبل الأمانة العامة للمجلس التنفيذي بالتعاون مع مركز دبي للإحصاء الذي سيعمل مع الأمانة العامة على توفير بيانات القياس بشكل مستمر ومتسق.

يذكر أن فريق العمل كان قد عمد إلى تحديد ما يربو على ثلاثمائة مؤشر ما بين نوعية وكمية تتوزع حسب الأولية على عدة مستويات منها عدد محدود قادر على توفير صورة عامة وشاملة للمحاور الستة الرئيسة وآخر لقياس مدى تحقق الغايات الرئيسة..فيما يساهم العدد الأكبر من المؤشرات في توفير تفصيلات إضافية وإيضاحات لتفسير النتائج التي تم التوصل إليها.

وتستخدم هذه المؤشرات في إصدار تقرير سنوي يرفع للمجلس التنفيذي والقيادة العليا ويرصد مدى تحقق غايات خطة دبي الاستراتيجية وأهدافها نحو العام 2021 من خلال بيانات وتحليلات ومقارنات معيارية.

وتعد مجموعة ورش العمل المشار إليها الخطوة الأولى في تحليل الوضع الراهن والذي سيساهم في رسم الصورة الحالية لإمارة دبي في ضوء التطلعات التي اشتمل عليها الإطار الاستراتيجي لتحديث الخطة ويتوقع أن ينتهي العمل في هذه المرحلة قبيل صيف العام الحالي بتقرير يوضح حالة الإمارة والتحديات والفجوات التي ستتناولها الخطة الاستراتيجية في تفاصيلها.

وستختص المرحلة الثانية بتحديد المستهدفات الكمية التي تعبر عن التطلعات الاستراتيجية الطموحة للإمارة والتي بدورها ستستند أولاً وقبل كل شيء إلى الموقع الذي ارتأته القيادة العليا لدبي مقارنة بمثيلاتها من المدن العالمية..كما ستأخذ المستهدفات الكمية بعين الاعتبار طبيعة الفجوات والتحديات التي ستخوض فيها هيئات ودوائر حكومة دبي والإمكانات المتوفرة لها حالياً والتي ستتوفر لها مستقبلاً لتعزيز قدرتها على تحقيق أهدافها.

أما المرحلة الثالثة والأخيرة والتي ستكتمل قبيل نهاية العام الحالي فستكون بمثابة الآلية التنفيذية للخطة من خلال تناولها بالتفصيل للبرامج والمبادرات والسياسات الاستراتيجية التي ستتبناها حكومة دبي لتحقيق أهدافها.. وسيتم في هذه المرحلة كذلك وضع الموازنات المطلوبة لتنفيذ المبادرات الاستراتيجية وآلية تمويلها وتنفيذها والإشراف عليها بالإضافة إلى خطة التواصل وإدارة المخاطر والتغيير.

ومن المنتظر أن تشكل الأفكار التي تمخضت عنها ورش العمل العمود الفقري لواحدة من أهم الخطط الإستراتيجية التي أطلقتها دبي في تاريخها وبداية لحقبة جديدة من الإنجازات غير المسبوقة التي اعتادت دبي تحقيقها وذلك خلال فترة السبع سنوات المقبلة.

وتولي خطة دبي الاستراتيجية 2021 الفرد أولوية قصوى باعتباره المقصد النهائي للتنمية. ومن هذا المنطلق تناول إطار تحديث الخطة السمات التي سيجري العمل على تعزيزها وتنميتها في الأفراد انطلاقاً من إحساسهم بالاعتزاز بهويتهم الجامعة وثقافتهم الأصيلة التي تنهل من البيئة التي يعيشون فيها والتي وطنتهم على القيم الإيجابية الخاصة بالريادة والتسامح والرغبة في التميز.. ومن هذا المنطلق فستكون أولى الغايات الخاصة بالأفراد متمثلة بالعمل على تعزيز الإحساس بالمسؤولية لديهم تجاه أنفسهم أولاً ومن ثم تجاه أسرهم ومجتمعهم بما يدفعهم دوماً لأن يكونوا سباقين في إحراز أكبر قدر من التعليم والثقافة إلى جانب اتخاذ تدابير استباقية للحفاظ على نمط حياة صحي وسليم لهم ولأسرهم بما يمكنهم من أداء دورهم المفترض في المجتمع.

وأفراد مجتمع دبي كذلك بحسب الغاية الثانية في إطار تحديث الخطة منتجون ومبدعون ورياديون في شتى المجالات ويتمتعون بالقدرة على الاستقلالية والاعتماد على الذات ومن ثم سيشكلون بفاعليتهم الدعامة الصلبة لنهضة دبي وتطورها في كافة المجالات.

وتعد دبي بمجتمعها المتنوع والمتآلف في الوقت ذاته حالة فريدة في المنطقة وذلك بفضل سياسات حكيمة رسخت قيم التعايش المشترك وتقبل الآخر والالتقاء معه على مفاهيم التسامح والاحترام والتواصل ليس اليوم فقط ولكن منذ نشأة الإمارة.. فدبي منذ القدم مقصد لكل راغب بالعمل والتميز وتحقيق النجاح..الأمر الذي ساهم في إيجاد مجتمع متعدد الثقافات يمتلك من مقومات الاستمرارية والنجاح ما يجعله نموذجاً للتعاضد والتكاتف.

وتسعى دبي في خطتها الاستراتيجية القادمة إلى تعزيز هذا النهج لما له من أهمية قصوى في إثراء المدينة ونموها وتطورها بصفتها ملتقى للأفكار الإبداعية من مختلف أنحاء العالم.

وفي صلب هذ المجتمع تولي الخطة أولوية خاصة للأسرة باعتبارها النواة الأساسية والحاضنة الطبيعية التي توفر للفرد فرصة النمو والتطور وتقوم بدور أساسي في تنشئة الأطفال على قيم التسامح والمسؤولية الفردية والإبداع.. وفي هذا المحور تولي الخطة كذلك أهمية كبرى للاندماج الاجتماعي لكافة فئات المجتمع بمن فيهم ذوي الإعاقة والأفراد الأكثر عرضة للتضرر. وتتماشى الخطة في هذا الشأن مع مبادرة “دبي مدينة صديقة لذوي الإعاقة” التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي مؤخراً.

ومن أهم ما توفره دبي لمواطنيها والقاطنين فيها وزائريها على سواء تجربة ثرية وذات جودة عالية سواءً كمكان للعيش أو العمل أو للزيارة ..

إن هذه القيمة الإيجابية هي ما تسعى خطة دبي الاستراتيجية 2021 إلى الحفاظ عليه وتعزيزه وتنميته بما يجعل من دبي مدينة تضاهي الأفضل في العالم في جودة الحياة.

فبحسب إطار تحديث الخطة ستكون دبي بحلول العام 2021 الأفضل في الخدمات التعليمية والصحية والإسكان بما يلبي احتياجات الجميع في ظل تكلفة متاحة ومنافسة على المستوى العالمي..كما أنها ستوفر تجربة ثقافية ثرية ومنافذ ترفيهية متميزة عالمياً تمنح ساكنها وزائرها تجربة ثقافية غنية من خلال مجموعة متنوعة من المرافق والفعاليات..علاوة على توفير خياراتٍ ترفيهية ورياضية متنوعة ومتعددة بما في ذلك المساحات الخضراء والشواطئ النظيفة والمرافق الرياضية وغيرها بما يجعلها جاذبة للمهتمين ومقصداً رئيساً للسائحين.

كما ناقش المشاركون في ورش العمل أهمية الشعور بالأمن والطمأنينة لدى كافة أفراد المجتمع والزائرين على حد سواء والدور الرئيس الذي تلعبه الأجهزة المختصة القادرة على التعامل بكفاءة وحرفية عالية وشفافية في كل ما يخص أمن وسلامة الفرد و المجتمع.

ويأتي مشروع تحديث خطة دبي الاستراتيجية 2021 في سياق غني بالتطورات من خلال العديد من المبادرات الاستراتيجية على مستوى الإمارة وفي مقدمتها تلك الهادفة إلى تطوير دبي لتكون “مدينة ذكية” تكفل تحسين جودة الحياة عبر توظيف التكنولوجيا لبلورة رؤية وواقع جديد لمدينة دبي يتسم بالاستدامة.. وتسعى الخطة إلى إرساء هذا المفهوم بما يحقق إدارة مرافق دبي وخدماتها عبر منظومة إلكترونية ذكية مترابطة يكون فيها سكان الإمارة المحور الأساسي للمشروع.

ومن هذا المنطلق تسعى الخطة إلى تطوير البنية التحتية بشكل متكامل بما يعزز الاتصال السلس والمستمر للسكان والتنقل بيسر وسهولة ما بين مناطق الإمارة دون عناء وتعزيز وصول كافة فئات المجتمع إلى المرافق الاقتصادية والاجتماعية بشكل يضاهي الأفضل في العالم من حيث مستويات الجودة والكفاءة وسهولة الوصول.

كما تعنى الخطة بالقدرة المستدامة على مواكبة ودعم النمو المستقبلي للإمارة وهو ما يتطلب ضمان توفر مصادر طاقة مستمرة تعمل على تزويد المدينة بكامل احتياجاتها من الطاقة واتخاذ جميع التدابير الاحترازية لمواجهة أية مخاطر محتملة قد تتعلق بتأمين تدفق الطاقة.

وقد أكد المشاركون في ورش العمل على أن إيلاء الأهمية لنمو المدينة ينبغي أن يأتي متزامناً مع تعزيز الاستدامة وهو المفهوم الذي أولته الخطة أهمية قصوى سواء تعلق بالبيئة الطبيعية أو الحضرية والمشيدة.. وفي هذا الشأن فإن من أهداف الخطة التي جرت مناقشتها باستفاضة ضمان أن يكون استخدام المصادر الطبيعية في دبي من أراضٍ ومياه وهواء مستداماً على المدى الطويل ومواكباً للممارسات الفضلى المعمول بها عالمياً من حيث معدلات الاستهلاك والكفاءة والإدارة الرشيدة.

أما فيما يتعلق بالبيئة الحضرية فينبغي أن تتميز بحسب إطار تحديث الخطة بأعلى درجات السلامة والموثوقية من خلال تطبيق معايير السلامة في كافة النواحي بما يوائم أفضل المعايير المطبقة عالمياً وتشمل تلك التي تتعلق بسلامة المباني ووسائل النقل والمواصلات وخدمات الإسعاف وتدابير مواجهة الكوارث والأزمات.

أما الجديد في الحديث عن الاقتصاد في دبي هو أن المشاركين في ورش العمل يدركون أن دبي قد باتت لاعباً رئيساً في الاقتصاد العالمي لا يمكن تجاوزه وهي تسعى بالتالي إلى تعزيز مكانتها هذه من خلال تعزيز مركزها بصفتها مركز أعمال عالمي وجعلها بشكل مستمر واحدة من أهم خمس مراكز عالمية للتجارة والنقل والتمويل والسياحة.. ولم يكن الإعلان عن دبي بصفتها عاصمة الاقتصاد الإسلامي إلا خطوة متقدمة وإضافية تجاه إحراز الاعتراف الدولي بها كمحور رئيس في الاقتصاد العالمي.

ويدرك المشاركون في ورش العمل بأن إحراز هذه المرتبة والحفاظ عليها يتطلب نموذجاً فريداً في النمو ينتقل من فكرة الاعتماد على تراكم عوامل الإنتاج إلى نموذج مستدام مدفوع بالابتكار والإنتاجية المرتفعة لكل من رأس المال والعمالة علاوة على أهمية الاعتماد على قاعدة متنوعة من النشاطات الاقتصادية ذات القيمة المضافة المرتفعة بما يمنح اقتصاد الإمارة القدرة على مجابهة أية صدمات داخلية أو خارجية محتملة.

يذكر أن إمارة دبي قد قطعت شوطاً طويلاً باعتبارها وجهة مفضلة للاستثمار الأجنبي وهي تسعى بالتالي إلى الدفع قدماً في هذا الاتجاه من خلال استقطاب المزيد من الاستثمارات ذات القيمة المضافة المرتفعة بمساعدة مجموعة من المبادرات والإجراءات التطويرية التي تجعل منها المدينة الأكثر سهولة في ممارسة الأعمال.

ولطالما شكلت رسالة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للحكومة بأن تكون سلطة لخدمة الناس لا سلطة على الناس نبراساً لهذه الحكومة في كل ما تقوم به.. ومن هنا فقد أفرد الإطار العام لتحديث خطة دبي الاستراتيجية محوراً خاصاً بالجهاز الحكومي يتمحور حول هذه الفكرة بالذات فالحديث هنا عن أن إسعاد الناس متعاملين كانوا أم متأثرين بالسياسات الحكومية هو المعيار الأساس في تقييم العمل الحكومي.

ويقوم هذا المحور على قاعدة أساسية هي أن الإنسان هو محور العمل الحكومي وأن السياسات الحكومية ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار حاجات وتوقعات أفراد المجتمع قبل الشروع في تطويرها وإقرارها من خلال العمل على إشراك كافة المعنيين بتلك السياسات في تحديد أهدافها وآلياتها..والحديث هنا هو عن طرق ابتكارية تضمن المشاركة الحقيقية للمجتمع في تطوير السياسات الحكومية.. وما التوجه الذي ارساه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في الخلوة الوزارية التي عقدت مطلع هذا العام لنقاش ملفي الصحة والتعليم إلا أبرز مثال على تبني المشاركة المجتمعية سبيلاً لتطوير السياسات ذات النفع العام.

وفي هذا السياق فقد أشار إطار تحديث الخطة إلى مكانة حكومة دبي باعتبارها رائدة عالمياً في مجال الابتكار في تطوير الخدمة مع أهمية أن تحظى الخدمات الحكومية بدرجة عالية من الرضا لدى كافة فئات المتعاملين وذلك بحسب استطلاعات رأي محايدة..وهو ما يعد تتويجاً للجهود الحكومية المتواصلة في التميز المؤسسي وخدمة المتعامل.

وبالتزامن مع هذا التوجه فقد أشار المشاركون في ورش العمل إلى أهمية تبني سياسات مالية على قدر كبير من الكفاءة وتعزيز الإدارة الرشيدة للمال العام في توفير التمويل المستدام لخطط المدينة التنموية علاوة على التطبيق الموثوق والشفاف للقوانين والأنظمة الحكومية.استعدادا لإعلان دبي عن خطتها الاستراتيجية الطموحة انتهى أكثر من مائة من مسؤولي وممثلي الجهات المختلفة في حكومة دبي من مناقشة الإطار العام لتحديث خطة دبي الاستراتيجية 2021 الذي أطلق بتكليف من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي وبمبادرة من قبل الأمانة العامة للمجلس التنفيذي للعمل على تحديث خطة دبي الاستراتيجية والتأكد من ترجمتها لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ” رعاه الله ” ومواءمتها مع مخرجات الأجندة الوطنية التي أطلقها سموه مطلع هذا العام وتعزيز دورها في توحيد الجهود بين القطاعين العام والخاص والدفع بالجهود التنموية في إمارة دبي نحو المقدمة وتذليل التحديات التي تفرضها المرحلة القادمة.

وقد تحولت دبي خلال الأسبوع الماضي إلى ورشة عمل كبيرة عكف فيها مسؤولو التخطيط الاستراتيجي والخبراء الفنيون في جميع الهيئات والمؤسسات الحكومية على عقد الاجتماعات بهدف تبادل الأفكار والخروج بتصور نهائي وشامل لإطار تحديث خطة دبي الاستراتيجية 2021.. حيث عقدت ست ورش عمل على مدار ستة أيام متتالية تناولت الجوانب المختلفة لإطار العمل بما يكفل إرساء رؤية متكاملة تكون بمثابة خريطة طريق للإمارة خلال السنوات السبع القادمة.. إضافة إلى مناقشة مؤشرات الأداء الرئيسة الخاصة بها والتي تستخدم في تحليل الوضع الراهن تمهيداً لتحديد مستهدفات الخطة نحو العام 2021 ووصولاً إلى الإعلان النهائي عن البرامج والسياسات والمبادرات الاستراتيجية الخاصة بها في وقت لاحق من العام الجاري.

وتعد خطة دبي الاستراتيجية 2021 امتداداً لقصة نجاح خطة دبي الاستراتيجية 2015 واستكمالاً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لجعل دبي وجهة عالمية على مختلف الصعد خصوصاً وأن الإمارة تشهد حالياً نهضة كبيرة في كافة المجالات والتي تعبر عنها مجموعة المبادرات والبرامج والمشاريع الطموحة التي أطلقت مؤخراً.

حضر ورش العمل ممثلون عن مختلف الدوائر الحكومية في إمارة دبي يمثلون قطاعات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبنية التحتية والأمن والعدل والصحة والسلامة وغيرها إلى جانب الدوائر والهيئات التي تمثل مركز الحكومة.

وفي هذا الشأن قالت السيدة عائشة ميران مساعد الأمين العام – قطاع الإدارة الاستراتيجية والحوكمة في الأمانة العامة للمجلس التنفيذي لقد حرصنا على أن نطلق هذا الجهد ونسير فيه جنباً إلى جنب مع الجهات الحكومية والجهات الممثلة للقطاع الخاص ذلك أن خطة دبي الاستراتيجية 2021 تعنى برسم صورة الإمارة ككل بعد سبع سنوات من الآن لا على قطاعات بعينها وستترك بالتالي أثراً على طبيعة عمل كل واحد منا.

وأضافت أن دوائر وهيئات ومؤسسات حكومة دبي هي شريكنا الدائم في كل ما يتعلق بالتخطيط الاستراتيجي ورسم الصورة المستقبلية للإمارة ونحن جادون في الأمانة العامة للمجلس التنفيذي بمتابعة هذه الشراكة بشفافية وحرفية والتزام.

وينطلق إطار عمل تحديث خطة دبي الاستراتيجية من الرغبة في رسم صورة متكاملة لدبي بحلول العام 2021 تأخذ بعين الاعتبار النتائج النهائية لجهود التنمية كما يؤمل أن تتجسد على مستوى الإمارة ككل. وفي ذلك تطوير بسيط للمنهج الذي اتبع في تطوير خطة دبي الاستراتيجية 2015 والذي استند إلى مخرجات ونتائج القطاعات المختلفة اقتصادية أم اجتماعية أم حضرية باعتبارها مرتكزاً للتخطيط الاستراتيجي.

ويقوم إطار تحديث خطة دبي الاستراتيجية 2021 على وصف الإمارة من خلال عدسة شاملة تقوم على فكرة مفادها أن أية مدينة في نهاية المطاف تقوم على توافق مجموعة من الأفراد فيما بينهم على تكوين مجتمع تحكمه مجموعة من قواعد العيش المشترك ويستقرون في فضاءٍ حضري يتشاركون فيه تجربة معيشية مشتركة ويمارسون نشاطات وأنماط إنتاجية تمثل عصب المدينة ووقودها ..

وأنه لضمان استدامة رفاههم فإنهم يتوافقون فيما بينهم على شكل من أشكال الإدارة التي تضمن للمدينة استقرارها ونموها وازدهارها.

ومن هذا المنطلق لجأ إطار تحديث خطة دبي الاستراتيجية إلى وصف دبي من خلال أربعة مناظير رئيسة ومتكاملة أولها هو منظور الفرد والمجتمع والذي يتناول السمات المرجو توافرها في أفراد مجتمع دبي للنهوض بعبء التنمية ولعب دور محوري في قيادة محاور الخطة..علاوة على وصف المجتمع المثالي في تماسكه وتلاحمه واحترامه لتعدد الثقافات والتعايش فيما بينها بانسجام.

أما المنظور الثاني فهو ذلك الذي يتناول الفضاء الحضري سواءً ما يتعلق بعناصر البنية التحتية للمدينة من بيئة طبيعية ومشيدة وطرق ووسائل مواصلات ومصادر طاقة وغيرها أو ما يتعلق بشكل التجربة الحياتية التي يعيشها أفراد المجتمع من إماراتيين ومقيمين وزائرين سواءً من خلال التفاعل فيما بينهم أو من خلال التفاعل مع عناصر البنية الحضرية والخدمات المرتبطة بها اجتماعية كانت أم اقتصادية.

كما يتناول إطار تحديث خطة دبي الاستراتيجية المدينة من منظور اقتصادي باعتباره محرك التنمية والوقود الذي يغذي المدينة ويدفع باتجاه تطورها المستمر..علاوة على الحوكمة كمنظور رابع باعتبارها الآلية المؤسسية التي تضمن قيادة التنمية واستمرارها وتعزيز رفاه الفرد والمجتمع وحفظ الأمن والنظام.

وقد ترجمت المنظورات السابقة إلى ستة محاور يعتبر كل واحد منها عنواناً رئيساً لمجموعة من الغايات الرئيسة على مستوى دبي وتشكل في مجملها تطلعات المدينة المستقبلية نحو العام 2021.

يذكر أن المحاور والغايات التي ناقشها المشاركون في ورش العمل قد انطلقت من جهد بحثي استند بالمجمل إلى مصادر محلية واتحادية وعالمية على رأسها الرؤية التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بأن تكون دولة الإمارات العربية المتحدة دوماً الرقم واحد.. كما استند كذلك إلى تطلعاته لإمارة دبي في المجالات المختلفة والتي عبر عنها سموه في تصريحاته المتعددة في وسائل الإعلام والمحافل المحلية والدولية.

واستند الإطار كذلك إلى الجهود والمبادرات الرامية إلى وضع دبي على الخريطة الدولية وعلى رأسها استضافتها لمعرض إكسبو 2020 وإعلانها عاصمة للاقتصاد الإسلامي ومدينة صديقة لذوي الإعاقة والمدينة الأذكى عالمياً وحكومة دبي نحو 2021 وغيرها الكثير من المبادرات التي ستترك أثراً كبيراً على الإمارة خلال السنوات القادمة والتي تصب جميعها في ترسيخ مكانة دبي كمدينة عالمية.

أما اتحادياً فقد حرص الإطار على المواءمة بشكل كامل مع رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة 2021 وعلى تبني كافة مؤشرات الأجندة الوطنية التي أطلقت مطلع هذا العام.

علاوة على ما سبق فقد حرص الفريق المكلف بتطوير إطار تحديث خطة دبي الاستراتيجية على ضمان أن يكون الإطار متماسكاً سواءً من خلال الاسترشاد بالأدبيات العلمية في مجال تنمية المدن باعتبارها الوحدة الحضرية التي توفر للأفراد والمجتمعات جودة الحياة.

كما وظف الفريق في إعداد الإطار الاستراتيجي خبرات وتجارب عدد من المدن العالمية التي تتشابه مع دبي من حيث الخصائص الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية والتي تتبنى كذلك نماذج تنموية طموحة وتتنافس فيما بينها على تبوؤ المراكز الأولى عالمياً في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والحضرية ونظم الحوكمة والإدارة الرشيدة. ومن هذه المدن على سبيل المثال لا الحصر سنغافورة ولندن ونيويورك وهلسنكي وبرشلونة وميلبورن وهونغ كونغ وكوالالمبور وغيرها من المدن التي سيصار لاحقاً إلى استخدام بياناتها لغرض المقارنة المعيارية مع دبي وفقاً للمجالات التي تتميز بها بحسب العديد من التقارير الدولية التي تصدر لهذه الغاية.

ومنذ بداية العمل على إطار تحديث الخطة كان هناك إدراك لأهمية أن يأتي القياس مصاحباً منذ البداية للأهداف الطموحة..ولهذا فقد عكف المشاركون في ورش العمل على نقاش مؤشرات الأداء الرئيسة التي ستستخدم كأداة لقياس مدى نجاح تحقيق المحاور والغايات التي احتوى عليها الإطار المذكور والتي ستجري متابعتها بشكل مؤسسي من قبل الأمانة العامة للمجلس التنفيذي بالتعاون مع مركز دبي للإحصاء الذي سيعمل مع الأمانة العامة على توفير بيانات القياس بشكل مستمر ومتسق.

يذكر أن فريق العمل كان قد عمد إلى تحديد ما يربو على ثلاثمائة مؤشر ما بين نوعية وكمية تتوزع حسب الأولية على عدة مستويات منها عدد محدود قادر على توفير صورة عامة وشاملة للمحاور الستة الرئيسة وآخر لقياس مدى تحقق الغايات الرئيسة..فيما يساهم العدد الأكبر من المؤشرات في توفير تفصيلات إضافية وإيضاحات لتفسير النتائج التي تم التوصل إليها.

وتستخدم هذه المؤشرات في إصدار تقرير سنوي يرفع للمجلس التنفيذي والقيادة العليا ويرصد مدى تحقق غايات خطة دبي الاستراتيجية وأهدافها نحو العام 2021 من خلال بيانات وتحليلات ومقارنات معيارية.

وتعد مجموعة ورش العمل المشار إليها الخطوة الأولى في تحليل الوضع الراهن والذي سيساهم في رسم الصورة الحالية لإمارة دبي في ضوء التطلعات التي اشتمل عليها الإطار الاستراتيجي لتحديث الخطة ويتوقع أن ينتهي العمل في هذه المرحلة قبيل صيف العام الحالي بتقرير يوضح حالة الإمارة والتحديات والفجوات التي ستتناولها الخطة الاستراتيجية في تفاصيلها.

وستختص المرحلة الثانية بتحديد المستهدفات الكمية التي تعبر عن التطلعات الاستراتيجية الطموحة للإمارة والتي بدورها ستستند أولاً وقبل كل شيء إلى الموقع الذي ارتأته القيادة العليا لدبي مقارنة بمثيلاتها من المدن العالمية..كما ستأخذ المستهدفات الكمية بعين الاعتبار طبيعة الفجوات والتحديات التي ستخوض فيها هيئات ودوائر حكومة دبي والإمكانات المتوفرة لها حالياً والتي ستتوفر لها مستقبلاً لتعزيز قدرتها على تحقيق أهدافها.

أما المرحلة الثالثة والأخيرة والتي ستكتمل قبيل نهاية العام الحالي فستكون بمثابة الآلية التنفيذية للخطة من خلال تناولها بالتفصيل للبرامج والمبادرات والسياسات الاستراتيجية التي ستتبناها حكومة دبي لتحقيق أهدافها.. وسيتم في هذه المرحلة كذلك وضع الموازنات المطلوبة لتنفيذ المبادرات الاستراتيجية وآلية تمويلها وتنفيذها والإشراف عليها بالإضافة إلى خطة التواصل وإدارة المخاطر والتغيير.

ومن المنتظر أن تشكل الأفكار التي تمخضت عنها ورش العمل العمود الفقري لواحدة من أهم الخطط الإستراتيجية التي أطلقتها دبي في تاريخها وبداية لحقبة جديدة من الإنجازات غير المسبوقة التي اعتادت دبي تحقيقها وذلك خلال فترة السبع سنوات المقبلة.

وتولي خطة دبي الاستراتيجية 2021 الفرد أولوية قصوى باعتباره المقصد النهائي للتنمية. ومن هذا المنطلق تناول إطار تحديث الخطة السمات التي سيجري العمل على تعزيزها وتنميتها في الأفراد انطلاقاً من إحساسهم بالاعتزاز بهويتهم الجامعة وثقافتهم الأصيلة التي تنهل من البيئة التي يعيشون فيها والتي وطنتهم على القيم الإيجابية الخاصة بالريادة والتسامح والرغبة في التميز.. ومن هذا المنطلق فستكون أولى الغايات الخاصة بالأفراد متمثلة بالعمل على تعزيز الإحساس بالمسؤولية لديهم تجاه أنفسهم أولاً ومن ثم تجاه أسرهم ومجتمعهم بما يدفعهم دوماً لأن يكونوا سباقين في إحراز أكبر قدر من التعليم والثقافة إلى جانب اتخاذ تدابير استباقية للحفاظ على نمط حياة صحي وسليم لهم ولأسرهم بما يمكنهم من أداء دورهم المفترض في المجتمع.

وأفراد مجتمع دبي كذلك بحسب الغاية الثانية في إطار تحديث الخطة منتجون ومبدعون ورياديون في شتى المجالات ويتمتعون بالقدرة على الاستقلالية والاعتماد على الذات ومن ثم سيشكلون بفاعليتهم الدعامة الصلبة لنهضة دبي وتطورها في كافة المجالات.

وتعد دبي بمجتمعها المتنوع والمتآلف في الوقت ذاته حالة فريدة في المنطقة وذلك بفضل سياسات حكيمة رسخت قيم التعايش المشترك وتقبل الآخر والالتقاء معه على مفاهيم التسامح والاحترام والتواصل ليس اليوم فقط ولكن منذ نشأة الإمارة.. فدبي منذ القدم مقصد لكل راغب بالعمل والتميز وتحقيق النجاح..الأمر الذي ساهم في إيجاد مجتمع متعدد الثقافات يمتلك من مقومات الاستمرارية والنجاح ما يجعله نموذجاً للتعاضد والتكاتف.

وتسعى دبي في خطتها الاستراتيجية القادمة إلى تعزيز هذا النهج لما له من أهمية قصوى في إثراء المدينة ونموها وتطورها بصفتها ملتقى للأفكار الإبداعية من مختلف أنحاء العالم.

وفي صلب هذ المجتمع تولي الخطة أولوية خاصة للأسرة باعتبارها النواة الأساسية والحاضنة الطبيعية التي توفر للفرد فرصة النمو والتطور وتقوم بدور أساسي في تنشئة الأطفال على قيم التسامح والمسؤولية الفردية والإبداع.. وفي هذا المحور تولي الخطة كذلك أهمية كبرى للاندماج الاجتماعي لكافة فئات المجتمع بمن فيهم ذوي الإعاقة والأفراد الأكثر عرضة للتضرر. وتتماشى الخطة في هذا الشأن مع مبادرة “دبي مدينة صديقة لذوي الإعاقة” التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي مؤخراً.

ومن أهم ما توفره دبي لمواطنيها والقاطنين فيها وزائريها على سواء تجربة ثرية وذات جودة عالية سواءً كمكان للعيش أو العمل أو للزيارة ..

إن هذه القيمة الإيجابية هي ما تسعى خطة دبي الاستراتيجية 2021 إلى الحفاظ عليه وتعزيزه وتنميته بما يجعل من دبي مدينة تضاهي الأفضل في العالم في جودة الحياة.

فبحسب إطار تحديث الخطة ستكون دبي بحلول العام 2021 الأفضل في الخدمات التعليمية والصحية والإسكان بما يلبي احتياجات الجميع في ظل تكلفة متاحة ومنافسة على المستوى العالمي..كما أنها ستوفر تجربة ثقافية ثرية ومنافذ ترفيهية متميزة عالمياً تمنح ساكنها وزائرها تجربة ثقافية غنية من خلال مجموعة متنوعة من المرافق والفعاليات..علاوة على توفير خياراتٍ ترفيهية ورياضية متنوعة ومتعددة بما في ذلك المساحات الخضراء والشواطئ النظيفة والمرافق الرياضية وغيرها بما يجعلها جاذبة للمهتمين ومقصداً رئيساً للسائحين.

كما ناقش المشاركون في ورش العمل أهمية الشعور بالأمن والطمأنينة لدى كافة أفراد المجتمع والزائرين على حد سواء والدور الرئيس الذي تلعبه الأجهزة المختصة القادرة على التعامل بكفاءة وحرفية عالية وشفافية في كل ما يخص أمن وسلامة الفرد و المجتمع.

ويأتي مشروع تحديث خطة دبي الاستراتيجية 2021 في سياق غني بالتطورات من خلال العديد من المبادرات الاستراتيجية على مستوى الإمارة وفي مقدمتها تلك الهادفة إلى تطوير دبي لتكون “مدينة ذكية” تكفل تحسين جودة الحياة عبر توظيف التكنولوجيا لبلورة رؤية وواقع جديد لمدينة دبي يتسم بالاستدامة.. وتسعى الخطة إلى إرساء هذا المفهوم بما يحقق إدارة مرافق دبي وخدماتها عبر منظومة إلكترونية ذكية مترابطة يكون فيها سكان الإمارة المحور الأساسي للمشروع.

ومن هذا المنطلق تسعى الخطة إلى تطوير البنية التحتية بشكل متكامل بما يعزز الاتصال السلس والمستمر للسكان والتنقل بيسر وسهولة ما بين مناطق الإمارة دون عناء وتعزيز وصول كافة فئات المجتمع إلى المرافق الاقتصادية والاجتماعية بشكل يضاهي الأفضل في العالم من حيث مستويات الجودة والكفاءة وسهولة الوصول.

كما تعنى الخطة بالقدرة المستدامة على مواكبة ودعم النمو المستقبلي للإمارة وهو ما يتطلب ضمان توفر مصادر طاقة مستمرة تعمل على تزويد المدينة بكامل احتياجاتها من الطاقة واتخاذ جميع التدابير الاحترازية لمواجهة أية مخاطر محتملة قد تتعلق بتأمين تدفق الطاقة.

وقد أكد المشاركون في ورش العمل على أن إيلاء الأهمية لنمو المدينة ينبغي أن يأتي متزامناً مع تعزيز الاستدامة وهو المفهوم الذي أولته الخطة أهمية قصوى سواء تعلق بالبيئة الطبيعية أو الحضرية والمشيدة.. وفي هذا الشأن فإن من أهداف الخطة التي جرت مناقشتها باستفاضة ضمان أن يكون استخدام المصادر الطبيعية في دبي من أراضٍ ومياه وهواء مستداماً على المدى الطويل ومواكباً للممارسات الفضلى المعمول بها عالمياً من حيث معدلات الاستهلاك والكفاءة والإدارة الرشيدة.

أما فيما يتعلق بالبيئة الحضرية فينبغي أن تتميز بحسب إطار تحديث الخطة بأعلى درجات السلامة والموثوقية من خلال تطبيق معايير السلامة في كافة النواحي بما يوائم أفضل المعايير المطبقة عالمياً وتشمل تلك التي تتعلق بسلامة المباني ووسائل النقل والمواصلات وخدمات الإسعاف وتدابير مواجهة الكوارث والأزمات.

أما الجديد في الحديث عن الاقتصاد في دبي هو أن المشاركين في ورش العمل يدركون أن دبي قد باتت لاعباً رئيساً في الاقتصاد العالمي لا يمكن تجاوزه وهي تسعى بالتالي إلى تعزيز مكانتها هذه من خلال تعزيز مركزها بصفتها مركز أعمال عالمي وجعلها بشكل مستمر واحدة من أهم خمس مراكز عالمية للتجارة والنقل والتمويل والسياحة.. ولم يكن الإعلان عن دبي بصفتها عاصمة الاقتصاد الإسلامي إلا خطوة متقدمة وإضافية تجاه إحراز الاعتراف الدولي بها كمحور رئيس في الاقتصاد العالمي.

ويدرك المشاركون في ورش العمل بأن إحراز هذه المرتبة والحفاظ عليها يتطلب نموذجاً فريداً في النمو ينتقل من فكرة الاعتماد على تراكم عوامل الإنتاج إلى نموذج مستدام مدفوع بالابتكار والإنتاجية المرتفعة لكل من رأس المال والعمالة علاوة على أهمية الاعتماد على قاعدة متنوعة من النشاطات الاقتصادية ذات القيمة المضافة المرتفعة بما يمنح اقتصاد الإمارة القدرة على مجابهة أية صدمات داخلية أو خارجية محتملة.

يذكر أن إمارة دبي قد قطعت شوطاً طويلاً باعتبارها وجهة مفضلة للاستثمار الأجنبي وهي تسعى بالتالي إلى الدفع قدماً في هذا الاتجاه من خلال استقطاب المزيد من الاستثمارات ذات القيمة المضافة المرتفعة بمساعدة مجموعة من المبادرات والإجراءات التطويرية التي تجعل منها المدينة الأكثر سهولة في ممارسة الأعمال.

ولطالما شكلت رسالة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للحكومة بأن تكون سلطة لخدمة الناس لا سلطة على الناس نبراساً لهذه الحكومة في كل ما تقوم به.. ومن هنا فقد أفرد الإطار العام لتحديث خطة دبي الاستراتيجية محوراً خاصاً بالجهاز الحكومي يتمحور حول هذه الفكرة بالذات فالحديث هنا عن أن إسعاد الناس متعاملين كانوا أم متأثرين بالسياسات الحكومية هو المعيار الأساس في تقييم العمل الحكومي.

ويقوم هذا المحور على قاعدة أساسية هي أن الإنسان هو محور العمل الحكومي وأن السياسات الحكومية ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار حاجات وتوقعات أفراد المجتمع قبل الشروع في تطويرها وإقرارها من خلال العمل على إشراك كافة المعنيين بتلك السياسات في تحديد أهدافها وآلياتها..والحديث هنا هو عن طرق ابتكارية تضمن المشاركة الحقيقية للمجتمع في تطوير السياسات الحكومية.. وما التوجه الذي ارساه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في الخلوة الوزارية التي عقدت مطلع هذا العام لنقاش ملفي الصحة والتعليم إلا أبرز مثال على تبني المشاركة المجتمعية سبيلاً لتطوير السياسات ذات النفع العام.

وفي هذا السياق فقد أشار إطار تحديث الخطة إلى مكانة حكومة دبي باعتبارها رائدة عالمياً في مجال الابتكار في تطوير الخدمة مع أهمية أن تحظى الخدمات الحكومية بدرجة عالية من الرضا لدى كافة فئات المتعاملين وذلك بحسب استطلاعات رأي محايدة..وهو ما يعد تتويجاً للجهود الحكومية المتواصلة في التميز المؤسسي وخدمة المتعامل.

وبالتزامن مع هذا التوجه فقد أشار المشاركون في ورش العمل إلى أهمية تبني سياسات مالية على قدر كبير من الكفاءة وتعزيز الإدارة الرشيدة للمال العام في توفير التمويل المستدام لخطط المدينة التنموية علاوة على التطبيق الموثوق والشفاف للقوانين والأنظمة الحكومية.

وام

 

شاهد أيضاً