مواجهة التمييز النوعي في التعليم تتطلب تضافر جهود المجتمعات والحكومات

مواجهة التمييز النوعي في التعليم تتطلب تضافر جهود المجتمعات والحكومات

«وايز 2015»: أكثر من 260 مليون طفل محرومون من الدراسة في العالم

الشيخة موزا بنت ناصر والسيدة الأميركية الأولى ميشيل أوباما في افتتاح مؤتمر وايز 2015 بالعاصمة القطرية الدوحة («الشرق الأوسط»)

Tweet

نسخة للطباعة Send by email

تغير الخط
خط النسخ العربي
تاهوما
الكوفي العربي
الأميري
ثابت
شهرزاد
لطيف

الدوحة: كارولين عاكوم
في دورته السابعة، شكلت «جودة التعليم» و«مواجهة التمييز الجندري (النوعي)»، وكل ما من شأنه التأثير على مستقبل الشباب المهني، مواضيع أساسية على طاولة بحث «مؤتمر وايز 2015». وخلال جلسات متنوعة جمعت متخصصين من مختلف البلدان، كان عرض لأبرز المشكلات الاجتماعية والثقافية التي تحول دون تعليم الفتيات والأطفال. وأشارت الدراسات إلى أن هناك أكثر من 260 مليون طفل حول العالم محرومون من التعليم في ظل تزايد النزاعات في الكثير من الدول، وتم إلقاء الضوء على الثغرات في الأنظمة التعليمية التي تعيق في أحيان كثيرة إمكانية اندماج الشباب في سوق العمل، وأهمها اختلاف متطلبات أصحاب الشركات مع ما تقدمه الجامعات.
وكان لافتا أنه وعلى الرغم من عدم إدراج «تعليم الفتيات» كبند رئيسي على جدول أعمال المؤتمر، فإنه أخذ حيزا مهما من النقاشات والجلسات التي عقدت على هامشه، لا سيما بعدما ارتكزت كلمة السيدة الأميركية الأولى ميشيل أوباما على هذا الموضوع في كلمتها خلال الافتتاح، متحدثة عن تجربتها الشخصية في تخطي كل العوائق الاجتماعية والاقتصادية حتى وصولها إلى البيت الأبيض.
وكعادتها جمعت القمة هذا العام أكثر من 1500 مبتكر، بما في ذلك مفكرون وممارسون في مجال التعليم، إضافة إلى ممثلين عن الحكومات والمنظمات غير الحكومية وقادة الأعمال ورواد الأعمال الاجتماعيين.
ومنحت جائزة مؤتمر القمّة العالمي للابتكار في التعليم (وايز) في نسخته السابعة لعام 2015، والبالغ قيمتها 500 ألف دولار أميركي للدكتورة سكينة يعقوبي، المؤسس والمدير التنفيذي للمعهد الأفغاني للتعليم، التي يطلق عليها لقب «أم التعليم في أفغانستان».
كما عرضت المشاريع التعليمية المبتكرة الستة الفائزة بجوائز «وايز 2015»، وتوزعت بين قطر والأرجنتين ومصر وكينيا والولايات المتحدة الأميركية. وتم اختيار المشاريع من بين مجموعة بلغت 15 مشروعا كانت قد تأهّلت للتصفيات النهائية، وذلك لنهجها الخلاق في التعليم وتأثيرها الإيجابي على المجتمع.
وقد انضم الفتى الأميركي (السوداني الأصل) أحمد محمد، البالغ من العمر 14 عاما، الذي عرف بفتى «الساعة» في أميركا بعد تداول قضيته التي شغلت الرأي العام بعد ابتكاره ساعة ظن معلموه أنها قنبلة، إلى برنامج المبتكرين الشباب لهذا العام. ويهدف البرنامج لتمكين الشباب من خلال تبني المواهب المبدعة وصقلها وتطويرها.
وفي أول مؤتمر عالمي ينظم بعد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة والتصديق على أهداف التنمية المستدامة، أكدت الشيخة موزا بنت ناصر، التي افتتحت المؤتمر بحضور ميشيل أوباما، أنّ «الاستثمار في التعليم هو الاستثمار في نتائجه على المدى المتوسط والبعيد»، مشددة على ضرورة الحصول على بيانات موثوقة للتخطيط لدعم الأطفال في متابعة دراساتهم، ومؤكدة على «السعي لتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة؛ وهو التعليم».
وأقرت بالعجز عن «الوفاء بوعودنا لجميع الأطفال والشباب في العالم. إننا أمام أجندة غير مكتملة بعد ويجب مساءلتنا على ذلك»، وذكّرت بتقديرات حديثة لمنظمة اليونيسكو تشير إلى وجود ثلاثة ملايين طفل غير ملتحقين بالمدارس على الأقل ممن هم في عمر المرحلة الابتدائية في العراق وسوريا وحدهما.
من جهتها، ركّزت أوباما، وبناء على تجربتها كفتاة ترعرعت في عائلة فقيرة، على أهمية العمل على مواجهة تحديات الفتيات، وقالت إن «أهداف الألفية للتنمية المستدامة، المتمثلة في توفير التعليم الشامل، لا يمكن تحقيقها إلا بشكل متكامل عن طريق توفير سبل المواصلات الآمنة والتصدي للثقافات والمعتقدات الخاطئة التي تحقر من شأن المرأة وقدراتها الذهنية والإنتاجية».
وعقدت حول موضوع تعليم الفتيات طاولة مستديرة جمعت السيدتين، مع عدد من المتخصصين، بحيث تحدثت أوباما عن مبادرة التعليم العالمية «دع الفتيات يتعلمن»، وشرحت الشيخة موزا برنامج «علم طفلاً» الذي يهتم بتوفير التعليم للأطفال غير الملتحقين بالمدارس ممن هم في عمر التعليم الابتدائي في جميع أنحاء العالم. وقد عمل البرنامج، منذ إطلاقه قبل ثلاثة أعوام، على توفير التعليم لنحو 2.1 مليون طفل، وتمثل الفتيات 49 في المائة منهم، وتطرقت كذلك إلى التحديات الرئيسية التي تحول دون ضمان جودة التعليم واستمراريته في مناطق الصراعات.
وفي جلسة خصصت لمناقشة «التعليم وربطه بالتنمية المستدامة والتحديات التي تواجه دراسة الفتيات»، أشارت جوليا جيلارد، رئيسة مؤسسة الشراكة العالمية من أجل التعليم، إلى أن هناك أكثر من 260 مليون طفل حول العالم محرومون من التعليم، مؤكدة أن هذا الأمر هو من أساسيات أهداف التنمية المستدامة. وركزت كذلك على أهمية جودة التعليم الابتدائي وبناء المدارس، وقالت إن العائق الذي يقع أمام تعليم الفتيات هو الفقر والجهل، مشيرة إلى أن «زواج الفتيات في سن مبكرة يجعلهن ينصرفن عن التعليم بشكل نهائي؛ وهذا يقودنا إلى الاتجاه الأسوأ».
وشددت جيلارد على ضرورة عدم إرهاق الطفل في العملية التعليمية وتعريضه للكثير من الاختبارات، لأن هذا ينعكس سلبا على أدائه المدرسي.. والاكتفاء بتعليمه مهارات القراءة والكتابة والحساب، لأن هذا كل ما يحتاجه الطالب في هذه المرحلة.
من جانبها، أكدت الأميرة مابل فان، رئيسة «جمعية فتيات لا زوجات» أن «هناك 15 مليون فتاة تزوجن قبل سن الثامنة عشرة، وهذا يؤدي إلى تآكل المجتمع وجره إلى التخلف والجهل.. فالفتيات قوة عاملة ويجب تعليمهن وتسليحهن بالعلم والمعرفة، حتى نواجه الفقر والجهل وجميع الأمراض الاجتماعية الأخرى». كما تحدثت عن العوائق التي تواجه التعليم، وأكدت أنه لا بد من إعادة النظر في المناهج الدراسية.
بدورها، استعرضت ليما جبوي، رئيسة «مؤسسة جبوي للسلام» في أفريقيا، عددا من التحديات التي تواجه تعليم الفتيات في أفريقيا وكيفية مواجهتها، مشيرة إلى العادات الاجتماعية والثقافية التي تنتشر في كثير من البلدان هناك، إضافة إلى الفقر والنزاعات والمعيشة الصعبة.
وشددت على ضرورة تكاتف الجهود لتغيير الثقافات الخاطئة المنتشرة ومساعدة هؤلاء الأطفال للحصول على حقهم في التعليم عن طريق المساعدات وتوفير الحياة الكريمة لأسرهم، مؤكدة أن هذه الآمال لن تتحقق إلا بمساعدة الحكومات ووضع الاستراتيجيات وتوفير الإمكانات اللازمة، منوهة بأن هذه الأمور وإن كانت صعبة؛ إلا أنها غير مستحيلة.
وفي جلسة ارتكزت على «ضحايا العنف»، قال مارك ريشموند، مدير مؤسسة «التعليم فوق الجميع»، أن «الشرق الأوسط لا يحتكر النزاعات المسلحة، لأن هناك نزاعات في أكثر من 30 دولة حول العالم منها المكسيك وأفريقيا وأفغانستان ووسط أميركا»، مشيرا إلى أن الهجمات على المستشفيات والمدارس ودور العبادة أصبحت نتيجة حتمية لها، وبالتالي خرق القوانين الدولية للحرب أصبح أمرا معتادا وروتينيا.
وأوضح أن الهجوم على التعليم والبنية التحتية للدول أصبح متعمدا لأسباب عقائدية أو فكرية أو دينية أو قبلية، مشيرا إلى أن الاستهداف يتم من أطراف مسلحة أو قوات تابعة للدول أو نتيجة العنف المجتمعي.
من جانبه، قال السيد توماس غاس، الأمين العام المساعد للسياسات والشؤون المشتركة بالأمم المتحدة: «نحن كأسرة دولية نخذل الأطفال، ويجب علينا أن نتحرك وندفع مجلس الأمن لاتخاذ إجراءات قوية ورادعة لكل من يستهدف العملية التعليمية وأطرافها».
بدوره، شدد جين بول لابورد، مساعد الأمين العام رئيس الإدارة التنفيذية للجنة محاربة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن، على أن التعليم والاهتمام به وإشراك المرأة في العمل ضد العنف وإنفاذ القانون من أهم العناصر التي تقضي على هذه الظاهرة من جذورها، مشيرا إلى أن «نصف المجتمع (المرأة) دوره غير موجود بالشكل المطلوب في هذا الجانب»، وموضحا أن الأمم المتحدة تعمل حاليا على إشراك النساء في مواجهة العنف.
وقال السيد كيفن واتكنز، مدير «معهد التنمية عبر البحار» بالمملكة المتحدة، إن «هناك أمورا إنسانية يجب أن نفكر فيها أكثر من أي أمر آخر، مثل قصف الأطفال في سوريا والهجوم على المدارس في غزة وخطف واغتصاب الأطفال والنساء في أفريقيا الوسطى على أيدي الجماعات الإرهابية».
وشدد على ضرورة معالجة جذور العنف حتى نصل لأهداف التنمية المستدامة، وقال في هذا الصدد: «يجب ألا ينتظر الأطفال سنوات طوال حتى يتخذ المجتمع الدولي قراراته ويتم تطبيقها على الأرض، بل علينا مساءلة الحكومات وتشديد القوانين وتغيير قواعد التعامل بما يضمن حماية الأطفال والتعليم».


قرأت هذا الخبر على صفحات شبكة الإمارات الإخبارية ENN المقال مأخوذ عن الشرق الأوسط

شاهد أيضاً