مفتش عام في وزارة الداخلية البلغارية يشيد بمفهوم الشرطة المجتمعية في دبي

شبكة أخبار الإمارات ENN

يرى المفتش العام بيترفانيف في وزارة الداخلية البلغارية، أن مشاركته في الدبلوم التخصصي في الابتكار الشرطي والقيادات الدولية (PIL) الذي تنظمه القيادة العامة لشرطة دبي بالتعاون مع جامعة روتشستر للتكنولوجيا، لم تكن مجرد تجربة تطوير مهني، بل محطة حاسمة تؤكد المبادئ الجوهرية لمستقبل العمل الشرطي، والمتمثلة في القيادة الإيجابية، والمرونة، والابتكار، والثقة.

وبخبرة تتجاوز 20 عامًا في العمل الميداني الشرطي، وسجلٍ أكاديمي ثري في الأمن والإدارة والقيادة، وتدريبات عملية متقدمة في فرنسا والولايات المتحدة، من بينها برنامج قيادي في جامعة بوسطن، انضم فانيف، الذي يشغل حالياً منصب مدير مركز شرطة في مدينة روسه ببلغاريا، إلى ضباط من 39 دولة في النسخة الثانية من الدبلوم، إيماناً منه بضرورة بناء شركات دولية وتعزيز التعلم المستمر.

وقال “لطالما آمنت بأهمية التعلم المستمر. فالعالم يتغير، وتوقعات المجتمع من الشرطة تتطور باستمرار، وإذا بقينا أسرى للروتين، نخسر فعاليتنا، لذلك فإنا دبلوم شرطة دبي دفعني للتفكير بما يتجاوز العمليات اليومية، وأعاد تشكيل تصوري للقيادة بطريقة استراتيجية وإنسانية في آن معاً.”

الاستشراف الاستراتيجي

ومن أبرز مفاهيم الدبلوم التي أثارت اهتمام المفتش البلغاري مفهوم “الاستشراف الاستراتيجي” الذي وصفه قائلاً “إنه القدرة على التنبؤ بالتغيرات المجتمعية والتخطيط المسبق للجاهزية المؤسسية” وأضاف “في الشرطة، لا يمكننا دومًا التنبؤ بالجرائم كما تتنبأ الشركات بالأسواق، لكننا نستطيع التخطيط للجاهزية: من حيث الموارد البشرية، والتقنيات، واستمرارية القيادة. إن نجاح القائد ليس في اتخاذ القرار الصائب وحسب، بل في إعداد من سيأتي بعده”.

وأكد أنه على الرغم من أن بلغاريا تقوم بتحليلات للأنماط الإجرامية وترصد الاحتياجات الأمنية المحلية باستمرار، لكن فانيف يطمح أيضاً إلى دعم هذه الجهود باستخدام أدوات استشراف المستقبل بشكل أكثر منهجية لاسيما في إعداد الكوادر الشرطية، وتحقيق الجاهزية، وتعزيز التفاعل بين المجتمع والشرطة على المدى الطويل.

فلسفة التواصل

وأشاد المفتش فانيف بتجربة شرطة دبي في التواصل مع المجتمع، لا سيما عبر المنصات الرقمية، والمراكز الذكية ((SPS، والحملات التوعوية. وأضاف “تعدد قنوات التواصل بين شرطة دبي والجمهور أمر مبهر، والأهم من ذلك هو الفلسفة التي تقف خلفها: الشفافية، والوضوح، وبناء الثقة.”

ويرى المفتش فانيف فرصة في تطوير آليات التواصل الرقمية بينهم وبين المجتمع، وعلى مستوى الخدمات المقدمة أيضاً، لضمان الشفافية وتعزيز ثقة المجتمع بالشرطة، وتحقيق التفاعل الفوري مع المواطنين في منطقة الاختصاص. مشيراً إلى أن المركز خصص عناصر شرطة مجتمعية لأحياء وقرى محددة لتعزيز الثقة والتواصل مع الجمهور، وتأكيداً على أن ثقة أفراد المجتمع ركيزة أساسية لتحقيق نتائج متقدمة.”

التكنولوجيا في خدمة الأمن

وأكد المفتش فانيف انبهاره بالأنظمة المتكاملة لشرطة دبي، من ذلك “الدرون بوكس” والرادارات المدعوة بالأنظمة الذكية في العمليات المرورية، منوهاً بأن هدف شرطة دبي في استخدام هذه التقنيات ليس الاستغناء عن العنصر البشري، بل تعزيز قدراته وإمكانياته.

وأضاف “لا يجب أن تحل التكنولوجيا محل الإنسان، بل هي موجودة لتدعمه في اتخاذ القرار، وزيادة سرعة استجابته، ولهذا نتعاون في بلغاريا مع مطورين محليين لتصميم حلول تتناسب مع خصوصية كل منطقة – سواء كانت حضرية، أو ساحلية، أو جبلية”

وأشار إلى بعض المبادرات التي طبقها في مركز مدينته روسه، مثل استخدام تطبيقات مجانية متاحة للعموم لعرض مواقع الدوريات، والاستخدام الأمثل للموارد والتحكم في توزيعها، وتعزيز التواجد الأمني، وقال “الابتكار أحيانًا لا يحتاج إلى أنظمة معقدة، بل إلى خطوة ذكية واحدة تسبق التوقعات”.

الشرطة والشباب

يُعد المفتش فانيف من أبرز الوجه التوعوية للشرطة في بلغاريا، خصوصًا بين فئات الشباب، فإلى جانب مهامه الرسمية، يزور فانيف المدارس المحلية بانتظام لطرح موضوعات تتعلق بالسلامة الرقمية، والأمن، والمخاطر الإلكترونية وأوضح “لا يمكن للمجتمع أن يثق بجهاز شرطي لا يرصد احتياجات المجتمع. مهمتي أن أجعل الشرطة قادرة على تلبية تلك الاحتياجات، وأن تكون قريبة، ومُلهِمة في مستوى أدائها – لا سيما لجيل الشباب”.

وأكد أن بلغاريا رائدة في هذا المجال ولها مبادرات توعوية عديدة كبرنامج “مركز شرطة الأطفال”، والذي يمتد لمدة عامين بالتعاون مع المدارس لتقديم الدعم والإرشاد والتثقيف الأمني. مؤكداً في الوقت نفسه رغبته في تطوير هذا النوع من المبادرات إلى منصات تفاعلية مستدامة، مدعومة بمهارات السرد والحوار والاتصال. ” لا يحب الشباب المحاضرات التقليدية، هم بحاجة إلى تجارب من الواقع، فيها دروس وتجارب وعبر وأمل، من هنا يبدأ التعليم الشرطي الحديث”.

الضابط الإنسان

بعيدًا عن مسؤولياته الأمنية، يقضي المفتش فانيف وقته مع عائلته التي ينسب لها الفضل في نجاحه وتوازنه الذهني، ويمارس هوايته المفضلة في الطهي المحترف:

“هدفي الأول والأهم هو نجاحي كأب وزوج ومعلم، أحب الطهي جداً، هو بالنسبة لي شكل من أشكال القيادة والتخطيط، والاستخدام الأمثل للموارد، مع ابتكار لمستك الخاصة”.

شكراً شرطة دبي

وتوجه المفتش فانيف للقيادة العامة لشرطة دبي برسالة شكر أشاد فيها بتنظيم البرنامج “الاستثنائي” الذي جمع بين الابتكار والواقعية: “لم يكن الدبلوم مليئًا بالنظريات المجردة، بل قائم على قصص وتجارب واقعية، كما لم يمنحنا المتحدثون حلولًا جاهزة، بل أساليب عملية علينا أن نُبدع في تنفيذها”.

درس من دروس دبي

مع انتهاء الدبلوم، يعود المفتش العام بيترفانيف إلى بلغاريا حاملًا معه التزامًا جديدًا نحو تعزيز التخطيط الاستراتيجي واستدامة قنوات التواصل المجتمعي وغرس مبادئ القيادة في النشء والشباب: “الابتكار لا يعني اختراع شيء جديد، بل يعنى القيام بما اعتدت عليه، ولكن بطريقة أذكى، وأعمق، وأكثر وعيًا. هذا ما تعلمته من دبي، وهذا ما سأعمل عليه عند عودتي”.

شاهد أيضاً