محاضرة بمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية باحث أمريكي: العالم يعيش عصر الثورة الرقمية.. والأمن الإلكتروني صار أولوية ملحّة

ENN – نظَّم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيَّة، ضمن سلسلة أنشطته وفعالياته الثقافية والعلمية، محاضرة تحت عنوان “الأمن الإلكتروني والحرب الإلكترونية: ما يحتاج الجميع إلى معرفته”، ألقاها الدكتور بيتر سينجر، استراتيجي وزميل أول، في مؤسسة “نيو أمريكا”، بحضور جمهور من الدبلوماسيين والمثقفين والإعلاميين والباحثين، مساء يوم الأربعاء الموافق التاسع عشر من أغسطس 2015، في “قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان” في مقر المركز في أبوظبي. واستهل سينجر محاضرته بتوجيه التحية إلى “مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية”، ومديره العام، سعادة الدكتور جمال سند السويدي، على إتاحة الفرصة له للتحدث في هذا الصرح البحثي المرموق.

ولفت الخبير الأمريكي النظر إلى أن “الإنترنت” والفضاء الإلكتروني (سايبرسبيس) صارا يعنيان الكثير بالنسبة إلينا في القرن الحادي والعشرين، مشدداً على أن الكمبيوتر بات يلعب دوراً مركزياً في حياتنا، على صعيد الاتصالات و”البزنس” والدراسة والأعمال الحكومية ومسائل الدفاع؛ لا بل صار أداة بالغة الأهمية لصياغة عالمنا برمته. وساق أمثلة عدة للبرهان على هذه النتيجة التي استخلصها، منها: إن عدد الأدوات الإلكترونية التي تم اختراعها في السنوات الخمس الماضية يزيد على 40 مليون أداة تستخدم في نواحي الحياة كافة، والمتوقع أن تحمل السنوات الخمس المقبلة عدداً أكبر من الأدوات الجديدة، ما سيرسخ هوية هذا الزمان باعتباره “العصر الرقمي الجديد” فعلاً.

وقدّم سينجر تحليلاً شاملاً لقضايا الأمن الإلكتروني، مشفوعاً بالأمثلة، مؤكداً أن هذا الموضوع صار تحدياً لا يستهان به لمهنيين وباحثين واختصاصيين في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية والعسكرية. وقال: إن الأفراد والمؤسسات والحكومات.. يبذلون الجهود في البحث عن سبل الوقاية من الإرهاب الإلكتروني. وأشار إلى أن أكثر من مئة حكومة حول العالم، بينها حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، قد أنشأت ما يسمى “مركز القيادة السايبرية” وهي عبارة عن منظمة معنية بضمان الأمن الإلكتروني للبلاد.

وفضلاً عن كون  قضايا الأمن الإلكتروني تكتسب أهمية سياسية وبيئية واقتصادية وعسكرية، فهي تؤثر فينا جميعاً كأفراد، فنحن نُستغل، ويبتزنا بعضهم أو يحتالون علينا، ويسرقون ممتلكاتنا الفكرية، أو ربما حساباتنا المصرفية، كما قال المحاضر. ورأى أن أحد جوانب التأثير في الأفراد يتمثل في تخويفهم من الإرهاب الإلكتروني والمبالغة في إثارة الضجيج حوله. وفي هذا الإطار ذكر أن أحد الإحصاءات أظهر أن الأمريكيين يخشون هجمة إلكترونية أكثر مما يخشون ضربة نووية إيرانية أو كورية شمالية. وقال إن موازنة الولايات المتحدة الأمريكية لعام 2012 قد أوردت كلمة “الأمن الإلكتروني 12 مرة، فيما ذكرت الموازنة الأمريكية للعام الحالي عبارة “الأمن الإلكتروني” 147 مرة. وقال إن هناك 31300 مجلة أكاديمية وإعلامية متخصصة في الإرهاب الإلكتروني، مع أن هذا الإرهاب لم يؤدِ حتى الآن إلى سقوط ضحية واحدة. بيد أنه أكد أن الاهتمام المتزايد بالأمن الإلكتروني لا يترافق مع تعميق المعرفة بهذا الموضوع الذي لا يزال غير مفهوم بشكل جيد.

واعتبر أن التهديدات الإلكترونية كثيرة إلى درجة لا يمكن التحصّن ضدها كلها، ولاسيما أن بعضها يأتي من داخل المؤسسة أو الكيان نفسه وليس من خارجه. ورأى أن السبيل الأساسي لمواجهة هذه الأخطار لا يتمثل في التركيز الكامل على أدوات الدفاع وطرق التحصين والوقاية منها، وإنما في تعزيز “المرونة” التي تسمح للفرد أو للمؤسسة، أن يستعيدا فعاليتهما بسرعة بعد تعرضهما لهجمة من هذا النوع.

وفي معرض رده على عدد من الأسئلة في ختام المحاضرة، شدد على فكرة “المرونة” كوسيلة لاستعادة عافيتنا بعد هجمات إلكترونية ممكنة، وتوقف عند علاقة الأمن الإلكتروني بالوسائط الاجتماعية، كما أكد وجوب عدم المبالغة في تقدير الخطر الإلكتروني موضحاً أن حيوانات السناجب الصغيرة أثبتت أنها أشد خطراً على شبكة الكهرباء من الإرهاب الإلكتروني.

شاهد أيضاً